الهديل

خاص الهديل: كيف سيحكم فرنجية (؟؟): “فريق عمل فخامة أبو طوني”..

خاص الهديل:

داخل نادي مرشحي رئاسة الجمهورية يوجد مصطلحات شائعة ومتداولة، وغالباً ما يتم استحضارها في مواسم الإنتخابات الرئاسية.

ومن هذه المصطلحات، مصطلح “الرئيس الزغرتاوي”، أو البعض يضيف عبارة “الرئيس الزغرتاوي القبضاي”. ويجدر هنا التفريق بين مصطلح “الرئيس القوي” التي أضافها ميشال عون إلى معجم المصطلحات الرئاسية، وبين مصطلح “الرئيس الزعرتاوي القبضاي” التي درج استخدامها منذ فوز سليمان فرنجية الجد برئاسة الجمهورية.

الفرق بين الرئيس الزغرتاوي القبضاي والرئيس القوي هو أن الأول يتشبه بزغرتا وعاداتها الإجتماعية والثقافية والسياسية بينما الرئيس القوي هو مصطلح وجد ليشبه “العم” و”الصهر “.. والواقع ان المشترك بين المصطلحين أنهما فولوكلوريين (من فولكلور)، وليسا لهما مضمون أو بعد أو ملح سياسي حقيقي. 

الصورة الفلوكلورية للزغرتاوي السياسي أو النمطي هو أنه “قبضاي”، وأنه “يحمي ساحته”؛ رغم أن الزعامة الحزبية المارونية حاولت خلال الحرب الأهلية كسر هيبة الزعامة الزغرتاوية عندما صعدت إلى زغرتا وارتكبت المجزرة الشهيرة بآل فرنجية.. أما الصورة الفولكلورية للعونية السياسية فهي ترسمه على أنه ذو مزاج انقلابي ساخن، وأنه يحطم أواني المكان الذي يقيم فيه. وحده الرئيس فؤاد شهاب الذي بنى مؤسسات الدولة، اكتفى بمواصفاته، وليس بألقابه؛ وهو لم يهتم بأن يسبق إسمه غير لقب اللواء الذي استحقه خلال ترقيه في الجيش.. عدا ذلك فهو لم يطلق على نفسه لا تسمية الرئيس القوي ولا الرئيس القبضاي، ولا حتى “الرئيس باني مؤسسات الجمهورية الأولى”، علماً أنه يستحق هذا اللقب.

..حتى كميل شمعون، فهو سعى بدايات ترشحه لرئاسة الجمهورية إلى أن يحمل لقبين اثنين في نفس الوقت، الأول كي يسوق نفسه به عند المسلمين وهو “فتى العروبة الأغر” والثاني كي يسوق نفسه به عند المسيحيين وهو “النمر”، حيث ساد حينها في الوسط الشعبي المسيحي مصطلح “نمور الأحرار” أو “النمور الشماعنة”..

المشكلة اليوم كما لحد ما في الأمس، هي أن هناك قوى سياسية وازنة في لبنان تبحث عن لقب أو ألقاب لفخامة الرئيس العتيد، وليس عن مواصفات له، ولا حتى عن برنامج سياسي أو رؤية سياسية. فمثلاً الرئيس بري أطلق أمس على فرنجية لقب الصادق والصريح وصاحب كلمة لا يعود عنها؛ وهذه كلها أوصاف انطباعية وليست مواصفات سياسية!!.

وحينما يختار الرئيس بري أن يرشح فرنجية بخطاب انطباعي فولكلوري وليس عبر تقديمه من خلال برنامج سياسي أو رؤية سياسية، إنما هو بذلك يعزف على سمفونية “حالة الترييف السياسي الموجودة عند الموارنة” حيث الزعامة لديهم مهما كبر نطاقها، تظل تتفاعل في النهاية ضمن لعبة ساحة الضيعة، ولعبة الناطور والمختار ، كما يوردها الأخوان الرحباني في مسرحياتهما.

خلال تولي سليمان فرنجية – الجد رئاسة الجمهورية جمع أبناء زغرتا وقال لهم لديكم ست سنوات حتى تحلون كل مشاكلكم؛ ومن يأتي إلي خلال نهاية رئاستي ويشكو لي من أنه لا يزال لديه مشكلة؛ سوف أطلق عليه الرصاص!! (التعبير رمزي). 

والواقع أن “الزغرتاوية السياسية المارونية” إن جاز التعبير، هي مثل “الحزبية السياسية المارونية”، وذلك لجهة أن كلتيهما تمارسان دور إظهار القدرة والقوة في حماية مصالح محازبيهما أو حتى في حماية قناعاتهما التي تربط بين خصوصية أنهم مسيحيون وأنهم لبنانيون. ولكن الفرق هنا هو أن الزغرتاوية السياسية المارونية ذات تعبير ريفي عن نفسها، فيما الأحزاب المارونية تذهب لتمويه ريفيتها بخطاب حزبي حديث.. زد على ذلك أن “الزغرتاوية السياسية المارونية” هي تلخيص نفسي للعلاقة بين موارنة مسيحيي الأطراف وبين زعمائهم الموارنة المحليين.. وهذه علاقة فيها انغلاق وراء سياج “منطقة الإقامة” ووراء “سياج عائلة البك”، وفيها حرص على البقاء سياسياً داخل سيناريو يمجد الإثارة خلال روايته ل”حكاية” الأجداد كما وصلت للأحفاد التي فيها “تسجيل مواقف كالتي تحدث في المقاهي الشعبية” و”سحب مسدسات”، الخ..

إن زعامات المركز الموارنة (زعامات جبل لبنان) كما زعامات أحزاب الموارنة؛ يأخذون على فرنجية أن فيه جينات مواصفات زعامات الأطراف الموارنة كما كانت سابقاً؛ بمعنى أنهم يأخذون على سليمان فرنجية أنه لا ينتمي إلى النخب المارونية السياسية المتعلمة، وأنه ليس إبن مدارس الإرساليات التي حينما وصلت إلى لبنان، كانت المنطقة كلها غارقة في الأمية التعليمية. 

والواقع ان هذا النوع من النقد لفرنجية هو سياسي بأكثر منه يرتبط بالحرص على نوعية فخامة الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط. وهنا يذهب داعمي ترشيح فرنجية للرد على اتهام “أبو طوني” بالأمية التعليمية، وبأنه ليس من “موارنة نخب المركز” بإجابتين اثنتين: 

الأولى: أن مصطلح “موارنة الأطراف” كخصوصية لم يعد قائماً ديموغرافياً، تماماً كما أن مصطلح موارنة المركز تبخرت خصوصياته. فالتهجير والهجرة والانقلابات الإجتماعية والسياسية فعلت فعلها داخل التوزع الاجتماعي المسيحي.

الثاني أن فخامة الرئيس يحكم بفريق عمله الرئاسي وليس بمواهبة المنفردة؛ بغض النظر عن المستوى العلمي للرئيس؛ وعليه فإن السؤال الصحيح ليس “ما هي شهادات فخامة الرئيس(؟؟)”؛ بل “من هو فريق عمل فخامة الرئيس” الذي سيعمل على ترتيب ملفات عهده الإصلاحية والاقتصادية والسياسية، الخ.. 

وسيكون حاذقاً فرنجية لو أنه في نفس الوقت الذي يقوم فيه بإعلان ترشيحه، يقوم أيضاً بإعلان فريق عمله المساعد له في إدارة عهده؛ على ان يضم هذا الفريق نخباً مسيحية وغير مسيحية مستقلة عن الحزبية والنزعة “الفصائيلية” في تفكيرها وتوجهاتها وأسلوبها في العمل.. 

بهذا المعنى فإن فرنجية يستطيع أن يستبدل الألقاب الانطباعية والفولوكلورية التي يتم إسباغها عليه، بمواصفات سياسية بحيث يصبح اسمه “رئيس فريق عمل فخامة أبو طوني”..

Exit mobile version