الهديل

خاص الهديل: فاغنر وبوتين: انقلاب متفق عليه أم بات أمن روسيا بالتراضي؟؟

خاص الهديل:

ما حدث في روسيا خلال الأيام الأخيرة، يتجه نحو أن يصبح مشهداً غير مفهوم؛ ذلك أن هناك أسئلة طرحتها أحداث تمرد فاغنر – إذا جازت التسمية – لا يوجد عليها ولو بالحد الأدنى، أجوبة مقنعة لا من وجهة نظر العلم العسكري ولا الإستخباراتي ولا السياسي!!..

من بين هذه الأسئلة مثلاً: 

– كيف يمكن لشركة، بغض النظر عن مستوى تدريبها، أن تفكر بقلب النظام في دولة عظمى مثل روسيا؟؟..

واستدراكاً هل يعقل أن شركة عسكرية مؤلفة من ٢٠ ألف مقاتل، أن تتجرأ على التفكير والبدء بتنفيذ عملية احتلال روسيا التي يصل سكانها إلى عشرات الملايين وتملك جيشاً كبيراً وسلاحاً فتاكاً، بغض النظر عن تقدير أداء هذا الجيش في أوكرانيا؟؟.

بمقاييس واقعية، لا يمكن اعتبار قائد فاغنر مجنوناً.. ولكن لا يوجد وصف عقلاني قادر على تبرير تصرفه كما ظهر خلال سيطرته على ستورف عاصمة غرب روسيا ومركز قيادة عمليات الحرب الروسية في أوكرانيا، وخلال تسييره قوافله العسكرية على الطريق السريع ام ٤ باتجاه موسكو لاحتلالها واعتقال عمدتها وقلب النظام الحكم في كل روسيا!!.  

– واستدراكاً لما تقدم أعلاه؛ فهل يمكن إيجاد تبرير مقنع عن السبب الذي جعل بوتين لا يأمر قادته العسكريين بقصف قوات فاغنر التي توجهت من ستورف على الطريق السريع ام ٤ باتجاه موسكو للسيطرة عليها.

تجدر الإشارة هنا إلى أنه يوجد تحت إمرة بوتين ٣٧٨ طوافة عسكرية و١١٠٠ طائرة نفاثة؛ والسؤال لماذا لم يوجه الأمر لطائرة واحدة من بين كل هذه الطائرات، لتقصف قافلة فاغنر العسكرية المتجهة نحو موسكو لاقتحامها؟؟!!…

 

في الواقع هناك وجهتا نظر حول تصرف بوتين المحير: 

 

وجهة النظر الأولى منسوبة لمصادر استخباراتية أميركية ومفادها أن بوتين متفق سراً مع قائد فاغنر من أجل إقناع العالم بأن هناك انقلاباً يجري ضد بوتين في روسيا؛ والهدف من ذلك كشف من هي القوى الروسية التي ستؤيد هذا الانقلاب، ليصار إلى تصفيتها. 

 

لا يوجد في الواقع تأكيد مادي على هذا السيناريو المنتمي لنظرية المؤامرة؛ ولكن القائلين به يعتبرون أنه التبرير الوحيد المقنع الذي يفسر أسباب ما حصل في روسيا طوال الأيام الماضية. 

 

وجهة النظر الثانية تقول أن بوتين لم يجرؤ على إصدار أوامر لقادته العسكريين بضرب قوات فاغنر، خشية أن لا ينفذ هؤلاء القادة أوامره.. 

 

ويقال في هذا المجال أن هناك حالة تململ داخل الجيش الروسي، وأن بوتين لا يريد توريط جيشه المتعب في حرب داخلية بنفس الوقت الذي يخوض فيه الحرب الخارجية في أوكرانيا. 

وبكل الأحوال سيمضي وقتاً قبل جلاء حقيقة أحداث الأيام الماضية التي جرت في روسيا، والتي انتهت بخاتمة أكثر غرابة وهي قيام وساطة بين بوتين وقائد فاغنر أدت إلى اقتناع الأخير بوقف تمرده، وعودة قواته إلى قواعدها؛ ما يعني عملياً أن الأمن داخل روسيا لم يعد مركزياً وبيد الدولة، بل أصبح بالتراضي كما هو الحال في دول لا يوجد للدولة فيها سلطة مطلقة!!.

 

Exit mobile version