خاص الهديل:
لم يواكب حزب الله نهاية عون بالاحترام أو الاهتمام الكافي الذي كان يتوقعه “الجنرال” من صديقه وحليفه “السيد” (نصر الله).
فقبل أيام من خروج عون من القصر لم يرسل إليه الحزب وفد عالي المستوى للوقوف على خاطره ولإعلان الاستمرار بالوقوف معه في مواجهة مرحلة ما بعد رئاسة الجمهورية؛ وبالمحصلة فإن حارة حريك – من وجهة نظر عون وصهره – لم تهتم باتخاذ الإجراءات والمواقف السياسية التي تؤدي إلى تقديم التحصين السياسي للحظة خروج الجنرال من قصر بعبدا؛ بل بدل ذلك أعطى الحزب الأولوية في اهتمامه خلال نهاية عهد عون لكيفية جعل حكومة ميقاتي ترث صلاحياته وذلك من خلال تحويلها من حكومة تصريف أعمال إلى حكومة فعلية؛ ذلك أن حارة حريك كانت تدرك أن البلد ذاهب إلى شغور رئاسي طويل.
وكل التباين خلال تلك الفترة تمثل في أن عون كان يريد من حزب الله أن يخوض معه معركة نهاية رئاسته؛ فيما حزب الله كان يريد من عون أن يخوض معه معركة ما بعد خروجه من قصر بعبدا!!.
وما كان يريده عون من الحزب هو أن يساعده بأن يخرج من قصر بعبدا، مع حفاظه على إبقاء مفاتيحه في جيبه، وذلك عن طريق إعطاء عهد بأن ينتقل الكرسي الرئاسي منه إلى صهره..
..وما كان يريده عون أيضاً هو أن لا يتكرر مع مشهد نهاية عهده، نفس ما حدث مع مشهد نهاية عهد الرئيس اميل لحود الذي عانى عزلة داخل القصر وتهميشاً سياسياً بعد خروجه من الرئاسة.. والذين التقوا الجنرال عون بعد خروجه بعبدا سمعوه وهو يردد العبارات التالية على مسامع معظم زواره: “لا يمكن لحلفائي أن يعاملونني كما عاملوا اميل لحود.. فأنا لست اميل لحود.. أنا قادر على البقاء سياسياً بعد انتهاء ولايتي الرئاسية”..
وبالمقابل، فإن ما كان يريده السيد نصر الله من عون خلال اللحظات الأخيرة من وجوده في قصر بعبدا، هو تسليم مفاتيح القصر وصلاحياته بعد خروجه منه، لحكومة ميقاتي وذلك عبر توقيعه آخر مرسوم في عهده، أي مرسوم تكليف ميقاتي بتشكيل حكومة فعلية.. وهو الأمر الذي لم يفعله عون، ومارس مع الحزب بشأنه طوال أيامه الأخيرة في بعبدا، كيدية سياسية واضحة.
لقد تقصد الجنرال عون خلال ربع الساعة الأخيرة من عهده، إدارة ظهره لرغبة “السيد” بأن يساعده (أي عون) بمعركة إدارة الفراغ الرئاسي من بعده والذي كانت تتوقعه حارة حريك؛ ولكن عون رفض توقيع مرسوم تكليف ميقاتي ووضع شرطاً لذلك سيطرة صهره على تركيبة الحكومة العتيدة، الأمر الذي لم يناسب حتى حزب الله فضلاً عن بري وجنبلاط والقوى الأخرى..
والواقع أنه منذ تلك اللحظات الأخيرة في عهد ميشال عون، بدا واضحاً أن الطرفين ذاهبان بسرعة قطار من دون كوابح إلى الاصطدام.. وبدا جلياً لحارة حريك أن الصعوبات التي ستواجهها في معركتها لإدارة الفراغ الرئاسي وفي معركتها لخوض استحقاق رئاسة الجمهورية، ستأتي من حليفها العوني بالدرجة الأولى، ومن عون بالأساس وبخاصة، وليس فقط من باسيل.