الهديل

تراجع نسبي للشغب وماكرون يوازن الحل الأمني

تراجعت حدة أعمال الشغب المستمرة في فرنسا منذ 6 أيام، بعد تشييع جثمان الشاب نائل (17 عاماً)، الذي أطلق مقتله برصاص شرطي، الثلاثاء، شرارة أعمال عنف شملت مختلف الأنحاء، بما فيها المدن الكبرى، وامتدت تداعياتها إلى سويسرا وبلجيكا.

تراجعت حدة أعمال الشغب في أنحاء فرنسا نسبياً بعد نشر عشرات الآلاف من أفراد الشرطة في العاصمة باريس والمدن الكبرى، في وقت تمسك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته بـ «الحل الأمني»، دون الوصول حتى الآن، إلى حد فرض حال الطوارئ في مواجهة ثالث أكبر الأزمات في عهده مع اشتعال المدن الكبرى بتظاهرات مستمرة نتيجة مقتل الفتى نائل المتحدر من الجزائر والبالغ 17 عاماً برصاص الشرطة الثلاثاء الماضي.

وشددت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، أمس، على أن العنف لن يمر، وأن الدولة تعمل بقوة لاستعادة النظام وتطبيق أقصى درجات الحزم في العقوبات، وذلك تحت ضغط اليمين واليمين المتطرف الذي يتهم ماكرون بالضعف ويطالبه بمزيد من الحزم لاستعادة النظام. ورغم تأكيد وزير الداخلية جيرالد دارمانان على عدم الإبلاغ عن حوادث كبرى في مرسيليا وليون، عاشت فرنسا صدمة بعدما اقتحم محتجون منزل رئيس بلدية لاي لو روز فنسان جانبران بسيارة أثناء وجود زوجته وولديه، وأضرموا النيران فيه.

وألقت الاحتجاجات الكبيرة الضوء على وضع ماكرون في ولايته الثانية، الذي لم يكد يخرج من أزمة «السترات الصفراء» التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018، وأزمة نظام التقاعد، حتى وجد نفسه أمام تحدٍّ أشدّ خطورة مفتوح على احتمالات عديدة.

وكان ماكرون أمهل نفسه مئة يوم حتى 14 الجاري من أجل «تهدئة» البلد ووضع رئاسته على السكة مجدداً بعد أزمة التقاعد، وهو ما بدا في طور إتمامه قبل أن يجد نفسه في مواجهة «أزمة نائل».

ويبدو التعارض صارخاً بين مشاهد بلديات ومدارس وحافلات ترامواي تحترق وصور ماكرون قبل ذلك بيومين يحيّي الحشود ويخالطها في الأحياء «الحساسة» بمدينة مرسيليا في جنوب فرنسا.

ورأى الخبير السياسي برونو كوتريس «أنه نبأ سيئ جداً لرئيس الدولة واستراتيجيته القاضية بترك أجندة الحكومة تنساب نحو 14 الجاري، والمراهنة على هدوء آب وإجراء تعديل وزاري لإغلاق مرحلة» نظام التقاعد.

ويجد ماكرون نفسه بين مطرقة اليمين المتشدد الذي يتحدث عن بداية حرب أهلية عرقية، في إشارة إلى أن أغلبية المشاركين في الاحتجاجات يتحدرون من أصول مهاجرة، وبين اليسار الراديكالي الذي يساهم في تنظيم وتأطير الاحتجاجات ويرفض زعيمه جان لوك ميلونشون الدعوة إلى الهدوء، مطالباً بدلاً من ذلك بالعدالة.

وشدد الأستاذ الجامعي جان غاريغ خبير التاريخ السياسي على أنه «سيُحكم على ماكرون بناء على قدرته على إخماد التوتر. الخطر بالنسبة إليه هو أن يبدو ضعيفاً ويفتقد إلى التصميم».

وقبل عام من دورة الألعاب الأولمبية في باريس، حذر كوتريس بأنه «لا يمكن لأي قيادي أن يجازف باشتعال الوضع مجدداً بعد بضعة أشهر».

لكن جان غاريغ لفت إلى أنه كما حدث مع الرئيس جاك شيراك ووزير داخليته نيكولا ساركوزي خلال أزمة أعمال الشغب في الضواحي عام 2005، فإن «اعتماد سياسة حزم قد ينعكس إيجاباً على ماكرون».

على صعيد آخر، حملت أعمال الشغب في المدن ماكرون على تأجيل زيارة دولة كان يعتزم القيام بها إلى ألمانيا في وقت عبّر المستشار الألماني أولاف شولتس عن قلقه مما يجري في فرنسا.

 

Exit mobile version