الهديل

“أكبر عملية بالضفة”… ما هدف اسرائيل؟

 

فجر الاثنين، شن الجيش الإسرائيلي عملية واسعة النطاق في مخيم جنين، في أوسع تحرك عسكري في الضفة الغربية منذ عملية السور الواقي عام 2002، إبان انتفاضة الأقصى.

وظلت العملية العسكرية مستمرة حتى ساعات المساء، وهي مدة تزيد بكثير عن المعدل العام لعمليات الاقتحام الإسرائيلية المتكررة في الضفة الغربية، والذي ينحصر في ساعات معدودة وفي ساعات الليل والصباح الباكر حينما تكون الحركة شبه معدومة في المناطق الفلسطينية.

وتفيد وزارة الصحة الفلسطينية بأن 9 أشخاص قتلوا وأصيب 50 آخرون بنيران الجيش الإسرائيلي خلال الاقتحام المتواصل.

تظهر الرواية الرسمية الإسرائيلية أن هناك قرارا بقلب الوضع رأسا على عقب في الضفة الغربية وخاصة جنين مع تصاعد الهجمات الفلسطينية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعليقا على عملية جنين: المعادلة تغيرت ومن لم يفهم ذلك سابقا سيفهم في الأيام القادمة وسنضرب “الإرهاب في كل مكان”.

وفي السياق ذاته، قال قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، آفي بلوت، إن العملية العسكرية في جنين تهدف إلى إحداث تغيير في الوضع هناك.

وأضاف بلوت، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية: ” إن مدينة جنين، وتحديدا مخيم اللاجئين، معقل للإرهاب وتصدير الإرهاب إلى الضفة الغربية بأسرها والجبهة الداخلية (يقصد داخل إسرائيل)”.

وتابع: “في أعين العدو، أصبح المخيم ملاذا، حيث يجري تحدي قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل”.

واعتبر أن الجيش الإسرائيلي أطلق هذه العملية من أجل تغيير الوضع الراهن وتوسيع مدى حرية الجيش في العمل.

ولخّص أهداف العملية في:

بسط سيطرة عملياتية.

تحييد الإرهابيين واعتقالهم.

تدمير البنية التحتية للعدو مصادرة الوسائل القتالية.

يشارك في هذه العملية 2000 جندي، وهو رقم كبير نسبيا مقارنة بعشرات أو مئات الجنود الذين يشاركون يوميا في اقتحام المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية.

استعان الجيش الإسرائيلي في العملية بالجرافات المجنزرة العملاقة “دي 9″، وهي آليات ثقيلة لم يستخدمها في تجريف المناطق الفلسطينية منذ الانتفاضة الثانية، وأحدثت هذه الآليات دمارا كبيرا غير معهود منذ سنوات.

انضمت هذه الجرافات العملاقة إلى نحو 150 آلية عسكرية اقتحمت المخيم والمدينة.

للمرة الأولى، تشارك 6 طائرات مسيّرة في قصف أهداف في المخيم، مثل مسجد الأنصار ومسرح الحرية.

العملية مستمرة منذ 15 ساعة ويمكن أن تستمر لفترة أطول.

ويرى متابعون سياسيون أن هناك أهدافا داخلية وراء شن الهجوم على مخيم جنين في هذا التوقيت بالذات، إذ سبق بساعات الاحتجاج الكبير الذي كانت المعارضة في إسرائيل تنوي تنظيمه في مطار بن غوريون، رفضا لمساعي نتنياهو وحلفائه الدفع قدما بالتعديلات القضائية التي جرى وقفها قبل أشهر تحت ضغط الاحتجاجات.

وبالفعل، حدثت احتجاجات في مطار بن غوريون لكن الأنظار تحولت إلى ما يحدث في مخيم جنين، وظهر ذلك من تقديم وسائل الإعلام لأحداث جنين وإبرازها مقارنة بمنح احتجاجات المطار مساحة أقل.

مع تصاعد الهجمات الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، تعالت الأصوات داخل الحكومة الإسرائيلية، لشن عملية عسكرية واسعة النطاق، وكان يكرر هذا المطلب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير بعد كل هجوم فلسطيني.

وسبق أن رضخ نتنياهو وشن عمليات عسكرية لإرضاء حلفائه المتشددين في الحكومة، كما حدث في العملية العسكرية ضد الجهاد في غزة في أيار الماضي.

تساهم العوامل السابقة في دفع نتنياهو إلى شن هجوم على مخيم جنين، لكنها ليست الوحيدة في هذا الإطار.

منذ اذار 2022، أطلق الجيش الإسرائيلي في ظل حكومة نفتالي بينيت السابقة عملية “كاسر الأمواج” لمواجهة العمليات الفلسطينية المتصاعدة، وكانت غالبية هذه الهجمات تنطلق من جنين ومخيمها ونفذت العديد منها في قلب إسرائيل.

بدأت العملية في جنين قبل أن تمتد إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية.

رغم الهجمات الإسرائيلية المتكررة، تطورت قدرات الفصائل الفلسطينية في جنين، وبرز ذلك جليا خلال العملية العسكرية التي شنت في جنين خلال يونيو الماضي، حيث فجر مسلحون فلسطينيون عبوات ناسفة في آليات عسكرية إسرائيلية مما أدى إلى إعطاب عدد منها وإصابة 8 جنود، ووصل الأمر حد إصابة مروحية أباتشي كانت تحلق في المنطقة.

في نظر إسرائيل، يعد هذا التطور أمرا في غاية الخطورة، ويبدو أن كان الدافع الفعلي وراء شن العملية الأكبر منذ عقدين، فتل أبيب لا تريد أن تحصل الفصائل الفلسطينية على موطئ قدم في جنين والضفة، حيث المسافة أكبر بكثير إلى داخل إسرائيل مقارنة بقطاع غزة

Exit mobile version