الهديل

خاص الهديل: ماكرون نجح بحل أزمة الخيمتين.. ولودريان فشل بحل أزمة الشغور الرئاسي: قصة “مخيم حزب الله” في جبل “هار دوف”

خاص الهديل:

تعمل تل أبيب منذ أسابيع على مسارين اثنين بخصوص تحقيق هدفها بالتوصل إلى نزع الخيمتين اللتين نصبهما حزب الله في منطقة متقدمة في مزارع شبعا التي تحتلها إسرائيل، وهذان المساران هما: المسار الأميركي الناشط في الأمم المتحدة ومع لبنان الرسمي؛ والمسار الفرنسي الناشط في نقل رسائل إسرائيلية إلى حزب الله.

ويتحفظ الفرنسيون والإسرائيليون وحتى حزب الله عن الكشف عن فحوى ومضمون التهديد الإسرائيلي الخاص بدعوتها لإزالة الخيمتين؛ ويتم الاكتفاء فقط بالقول أن تل أبيب هددت بأنه في حال لم يبادر الحزب أو الدولة اللبنانية إلى نزع الخيمتين ضمن مهلة زمنية محددة، فإن الجيش الإسرائيلي سيتصرف؛ ولكن لا إسرائيل ولا فرنسا ولا حزب الله، كشف أي منهم عن مدة هذه المهلة، أو عن التوقيت الذي حددته إسرائيل لبدء الجيش الإسرائيلي بالتحرك لإزالة الخيمتين بالقوة..

وخلال نهاية الأسبوع الماضي رد حزب الله بشكل غير مباشر على التهديد الإسرائيلي الذي يتم من الجميع تقصد إبقاء فترة مدته غير معلنة، بالقول عبر تصريحات لمسؤولين فيه، “أن الحزب لن يرضخ للتهديد بشأن إزالة الخيمتين”؛ و”أن تل أبيب لن تجرؤ على التورط بحرب مع الحزب، ولذلك ستبلع لسانها، ولن تنفذ التهديدات التي ترسلها للبنان.

والواقع أن تصريحات نهاية الأسبوع من قبل مسؤولين في حزب الله، تظهر أو تثبت لحد غير قليل أن باريس نقلت بالفعل تهديداً إسرائيلياً لحزب الله، يتضمن على ما يبدو التالي: 

أولاً- تحديد فترة زمنية (لم يتم الكشف عنها) تشترط إسرائيل أنه بجب على الحزب أن يقوم قبل انقضائها بإزالة الخيمتين من المنطقة التي تقول إسرائيل أنها منطقة تقع تحت “السيادة الإسرائيلية” وتسميها بـ”هار دوف” (جبل روس). 

ثانياً- يتضمن التهديد إيحاءات بأن إسرائيل مستعدة لإزالة الخيمتين بالقوة حتى لو أدى ذلك إلى نشوب حرب بينها وبين الحزب لعدة أيام. 

واللافت في هذا التهديد أمرين اثنين: الأول أنه أبقى أمر مدة مهلة التهديد غير معلنة، والثاني أن كل أطراف أزمة الخيمتين (إسرائيل والحزب والوسيط الفرنسي) تقصدوا عدم الكشف عن مدة المهلة الإسرائيلية المعطاة للحزب كي يزيل خلالها الخيمتين..

..وواضح أن القصد من ذلك هو رغبة الجميع بابقاء باب عدم المواجهة مفتوح، وعدم حشر إسرائيل أمام الرأي العام بسقف زمني لا تستطيع بعد مروره، البقاء مكتوفة الأيدي في حال لم تنزع الخيمتين.. وأيضاً عدم حشر الحزب بموعد لنزع الخيمتين تحت التهديد..

وبحسب مسار أحداث أزمة الخيمتين كما تمظهر خلال الأيام الأخيرة؛ فإن باريس نجحت بوضع خطة حل لهذه الأزمة تقوم على نقطتين: الأولى تبريد الأزمة؛ والثانية تجزئة حلها. 

والترجمة العملية لهذه الخطة تعني قبول إسرائيل بأن يتم نزع الخيمتين على مرحلتين اثنتين؛ وقبول حزب الله بأن يقوم في المرحلة الأولى بنزع إحدى الخيمتين، ثم لاحقاً، وبعد أن تهدأ عاصفة الخيمتين دبلوماسياً وإعلامياً، يقوم الحزب بنزع الخيمة الثانية.  

..غير أنه يوجد داخل هذا السيناريو ملاحظة لافتة، وهي أنه في خلال الأسبوع الماضي نجحت باريس بإنهاء الأزمة بين حزب الله وإسرائيل بشأن الخيمتين، ولكنها فشلت عبر مبعوثها لودريان بإنهاء الخلاف بين حزب الله ومعارضيه اللبنانيين بشأن أزمة الشغور الرئاسي في لبنان!!

وربما تقدم هذه الواقعة عدة تفسيرات تستأهل التوقف عندها: 

التفسير الأول هو أن أي تحرك فرنسي في لبنان أو في المنطقة، يحظى بدعم أميركي فإنه يمكن التعويل عليه بغض النظر عن نوعية المشكلة المطلوب حلها؛ وبالمقابل فإن أي تحرك فرنسي لا يحظى بدعم أميركي، فإنه يبقى في إطار شراء الوقت الدولي الضائع.

..والمقصود هنا القول أنه حينما تحركت باريس بغطاء أميركي لحل أزمة الخيمتين أثمر تحركها؛ ولكن حينما تتحرك باريس من دون غطاء أميركي في لبنان، فإن تحركها يراوح مكانه. 

التفسير الثاني هو أن الاهتمام الدولي الجدي في لبنان منصب حصراً على حفظ الأمن فيه، وبخاصة أمن الحدود اللبنانية الإسرائيلية؛ أما موضوع الحل السياسي الداخلي في لبنان فهو ملف لا يعني في الوقت الراهن لا المستوى الإقليمي ولا المستوى الدولي.. 

التفسير الثالث هو بروز رغبة لدى نتنياهو لجعل حراكه في ظل فتور علاقاته بالبيت الأبيض الديموقراطي، يتركز على الساحة الاوروبية للتعاطي من خلالها مع أزماته مع حزب الله.. 

وفي هذه الجزئية كان لافتاً أن واشنطن دعمت باريس في تحركها لإنهاء أزمة الخيمتين، بينما بالعادة كانت واشنطن هي التي تنقل رسائل التهديد إلى لبنان، فيما كانت فرنسا والأوروبيون يدعمون موقف واشنطن!!.

Exit mobile version