الهديل

خاص الهديل: الراعي يلاقي الحراك الدولي القادم: ما هي قصة وجود رياح حلول دولية نشطة متجهة إلى لبنان؟؟

خاص الهديل:

عاد أمس الكاردينال بشارة الراعي لتجديد مطالبته بعقد مؤتمر دولي بشأن لبنان؛ وبرر الراعي السبب لكون المسؤولين السياسيين ثبت أنهم لا يتحلون بروح المسؤولية الوطنية.

وبحسب معلومات تسربت من كل من باريس والفاتيكان فإن هناك سببين اثنين يقفان وراء إقدام الكاردينال الراعي في هذا التوقيت على تجديد دعوته لعقد مؤتمر دولي لحل الأزمة اللبنانية:

السبب الأول لمّحت إليه مصادر قريبة من صندوق النقد الدولي التي قالت إن هناك شعوراً أخذ متعاظم لدى المحافل الدولية، مفاده أن هناك أطرافاً سياسية في لبنان، بينها حزب الله، تتعمد تفشيل حصول اتفاق بين بيروت وصندوق النقد الدولي؛ ولا تنبع معارضة هذه الجهات من وجود ملاحظات تقنية لديها على خطة الصندوق لحل أزمة لبنان؛ بل لأن لديها موقفاً ايديولوجياً مسبقاً ضد العلاقة مع الصندوق الذي تعتبره “ذراعاً اقتصادياً يعمل في خدمة تنفيذ أهداف الحرب الأميركية الناعمة حول العالم”. 

 

وتقول هذه المصادر أنه كان لافتاً الترابط في التزامن والمضمون بين بيان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي الذي صدر قبل أيام وحمّل فيه المستوى السياسي اللبناني مسؤولية التردي الخطر للاقتصاد اللبناني، وبين تصريح الكاردينال الراعي أمس الذي حمّل فيه الطبقة السياسية مسؤولية عدم المبادرة لإنقاذ البلد من حالة التردي السياسي والاقتصادي الموجود فيها. 

 

وبحسب هذه المصادر فإن هناك خيطاً دولياً يربط بين بيان لهجة صندوق النقد الدولي التصعيدية ضد الطبقة السياسية في لبنان، وبين كلام الراعي أمس التصعيدي ضد نفس هذه الطبقة التي اتهمها بعدم تحمل مسؤولياتها الوطنية على كل المستويات المطلوبة لانقاذ البلد، مما يصبح لزاماً المطالبة بالذهاب لمؤتمر دولي لفرض حل سياسي على بلد الأرز من جهة؛ ولإرغام لبنان وطبقته السياسية على التعاون الإيجابي مع صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة؛ خاصة وأنه بات معروفاً أن الجهة الوحيدة في كل العالم المرشحة لمساعدة لبنان اقتصادياً هي صندوق النقد الدولي؛ فيما الدول الأخرى لن تقدم هبات أو مساعدات للبنان، وبأحسن الأحوال ستستثمر هذه الدول في لبنان بما يخدم مصالحها، ولكن ذلك لن يحصل قبل أن تقوم الدولة اللبنانية بالإصلاحات المطلوب دولياً وعربياً القيام بها.

 

قصارى القول في هذا المجال أن شكوى خبراء المجلس التنفيذي في صندوق النقد الدولي الموجهة قبل أيام ضد تقصير الطبقة السياسية بانتاج اتفاق مع الصندوق يؤدي إلى المباشرة بانقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي الشامل، تتلاقى (أي هذه الشكوى) من حيث توقيتها واستنتاجاتها السياسية، مع إعلان الراعي يوم أمس، شكوى بكركي من الطبقة السياسية؛ واعتباره هذه الشكوى مسوغاً لعقد مؤتمر دولي من أجل إنتاج حل لأزمة لبنان. 

وتخلص هذه المصادر للقول أن تصريح الراعي وبيان خبراء صندوق النقد، فيما لو تم وضعهما في سياق واحد، إنما يشكلان “مضبطة اتهام” دولية وداخلية للطبقة السياسية وللمسؤولين في الدولة اللبنانية بتهمة أنهم مقصرون بخصوص أمرين: 

1- عدم الجدية بالتعامل مع مشروع الإنقاذ الدولي للوضع المالي والمعيشي المتردي، والذي يقوده صندوق النقد الدولي كما جاء في بيان خبراء الصندوق.

٢- عدم الجدية بالبحث عن حل سياسي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية كما جاء في تصريح الراعي.

السبب الثاني وراء توقيت الراعي بخصوص تجديد دعوته للمؤتمر الدولي له علاقة بزيارته الأخيرة إلى كل من الفاتيكان وفرنسا.

وتقول معلومات أن زيارة الراعي إلى الفاتيكان كانت قلقة ومتوترة، وذلك نتيجة أن الفاتيكان أصبح في هذه المرحلة “قلقا جداً” من الوضع اللبناني… وأيضاً “قلقاً جداً” على الوجود المسيحي في لبنان.

وتقول هذه المعلومات أن الراعي نقل قلق الفاتيكان إلى الاليزية في باريس؛ وأن الأخيرة قالت للكارينال الراعي أن لودريان يضع نصب عينيه في نهاية مطاف وساطته عقد مؤتمر دولي من أجل التوصل لحل مستديم للأزمة اللبنانية..

والواقع أن تصريح الراعي أمس عن الدعوة لعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان؛ يختلف هذه المرة عن كلامه السابق الذي قاله منذ أشهر؛ فآنذاك لم يكن هناك أحد في الخارج يريد الاستماع لدعوة بكركي للمؤتمر الدولي؛ أما اليوم فإن هناك قابلية دولية للتعاطي مع أزمة لبنان أقله من قبل الفاتيكان وفرنسا، وأيضاً هناك قناة دولية يمكن من خلالها تمرير فكرة المؤتمر الدولي، وهي قناة الخماسية الدولية التي سيتم إضافة إيران إليها؛ والتي يعتزم الفاتيكان من جهة بث دماء جديدة فيها، ويعتزم لودريان من جهة ثانية التعاطي معها بوصفها مرجعية وساطته في لبنان..  

.. وهكذا فإنه بناء على هذه المستجدات، فإن التوقع الموجود في بكركي هذه المرة، يرى أن الخماسية من أجل لبنان ستتحول إلى سداسية؛ وسيصبح لها شكل مؤسساتي يشبه “إطار استانيا” الذي من خلاله يهتم الإقليميون والدوليون بالوضع السوري..

وتقول مصادر قريبة من خلفيات تصريح الراعي وبيان خبراء صندوق النقد الدولي ومن تفكير لودريان، أن الأسابيع القادمة ستشهد انقلاباً في المشهد اللبناني حيث رياح الضغوطات من أجل الحل سيصبح اتجاهها من الخارج إلى الداخل؛ وستتميز هذه الرياح بأنها ستكون سريعة ونشطة، وفيها بصمات نتائج الاتفاق السعودي الإيراني.

Exit mobile version