الهديل

خاص الهديل: حزب الله لديه اغراءات لفتح معركة شرق الغجر.. فهل تحصل المواجهة؟؟

خاص الهديل:

التعليقات الإسرائيلية الأولى على إطلاق قذيفتين أمس من لبنان إلى المنطقة التي تحتلها إسرائيل في منطقة الغجر، تتالت على نحو يثير الاستغراب ويثبت عملياً أن إسرائيل على المستويين العسكري والسياسي تعيش حالة من عدم التوازن..

 

ففي البداية قالت إسرائيل ان ما حصل هو أسهم ومفرقعات نارية حصلت على الحدود مع لبنان ما أثار الفزع في المستوطنات المجاورة..

ثم تالياً، تبنت إسرائيل رواية تقول أن راجمة صواريخ قصيرة المدى هي التي أطلقت المقذوفتين، وهذا ما يفسر لماذا لم تستشعر بإطلاقهما القبة الحديدية.

ثم بعد فترة وجيزة قال الجيش الإسرائيلي أن المقذوفين اللذين سقطا على مقربة من البوابة الأمنية هما قذيفتا هاون، ولذلك لم تعترضهما القبة الحديدية.

وقبل ذلك تحدث الجيش عن أن أحد القذيفتين هو صاروخ موجه من نوع كورند… 

لا شك أن هذا الإرباك في إسرائيل بالتعاطي مع حادث عسكري صغير جداً ومحدود جداً مصدره ثلاثة أمور هامة وأساسية ويجدر التوقف عندها: 

أول هذه الأسباب يمكن التعرف عليه من خلال تكرار عبارة “.. ولذلك لم تعترضه القبة الحديدية” في كل بيانات الجيش الأولى عن سقوط المقذوفتين عند حدود الغجر.. 

وهذا يعني أن اختلاف روايات الجيش الإسرائيلي عن نوع المقذوفتين، سببه أن الجيش كان يبحث عن عذر يبرر لماذا لم تستشعر القبة الحديدية بالمقذوفين قبل سقوطهما فوق هدفيهما.. 

..وخلفية كل هذا الإرباك هنا يعود إلى أن الشكوك في إسرائيل بدأت تتعاظم بخصوص عدم فعالية القبة الحديدة، نظراً لأن تل ابيب بدأت تتجمع لديها معطيات مادية تثبت أن حركات المقاومة في فلسطين وغزة ولبنان بات لديها تكتيكات عسكرية تعطل عمل القبة الحديدية.. 

..وبالنسبة لإسرائيل فإن هذه المعطيات تعني أمراً خطراً للغاية، وهو أن جبهتها الداخلية لم تعد تستطيع النوم مطمئنة على وسادة القبة الحديدية؛ حيث أن هذه المنظومة الصاروخية المضادة للصواريخ والتي كلفت إسرائيل أموالاً باهظة، صارت بالنسبة للإسرائيليين، مصدراً للكوابيس، وليست مصدراً للأحلام السعيدة..

السبب الثاني الذي يقف وراء الإرباك الإسرائيلي يعود إلى طبيعة اللحظة العسكرية والأمنية والسياسية التي تتواجد داخلها حكومة نتنياهو، وبالأخص مؤسسة الجيش الإسرائيلي؛ والمقصود هنا هو معركة مخيم جنين التي أثبتت وقائعها أن القوة العسكرية الإسرائيلية المفرطة تحولت في منطقة شمال الضفة الغربية وبقلبها مخيم جنين، إلى “قوة عمياء” تستطيع أن تدمر، ولكنها لا تستطيع إحراز هدف عسكري واحد..

وبحدود نسبة مقارنة معينة، فإن تعثرات الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين وفي منطقة شمال الضفة الغربية التي تشهد تعاظم حالة المقاومة الفلسطينية الجديدة؛ تؤكد على مقولة استراتيجية جديدة حول موازين القوى في الحروب الجديدة، ومفاد هذه المقولة هو بدء مرحلة أفول نجم الجيوش الكبيرة.. وضمن هذا السياق تبدو معركة الجيش الإسرائيلي في جنين بمثابة صورة مصغرة لمعركة الجيش الروسي في أوكرانيا؛ وبالحالتين تقول النتائج العسكرية أن الجيوش الكبيرة القوية بالنار وبالإمكانات العسكرية، لم تعد تستطيع حسم المهمات العسكرية في مناطق تدخل إليها احتلالاً، ولم تعد تستطع إرغام شعب آخر في بلده، على وقف المقاومة. 

السبب الثالث الذي يبرر خلفية الإرباك الإسرائيلي في تعاطيه مع المقذوفين اللذين سقطا عند حدود الغجر؛ هو أن حكومة نتنياهو لا تزال لا تعرف على وجه التحديد كيف سيتصرف حزب الله مع خطوتها بضم القسم الشرقي من بلدة الغجر، رغم اعتراف الأمم المتحدة بأنها أراض لبنانية. 

والواقع أن تل أبيب كانت بحاجة لمرور بعض الوقت بعد سقوط المقذوفين أمس لمعرفة أمرين: التحقق أولاً من أن هناك فعلياً عملية قصف من الأراضي اللبنانية؛ والتحقق ثانياً ما إذا كان هذا القصف هو بداية من قبل حزب الله للبدء بردة فعل جوهرية ضد ضم القسم الشرقي من الغجر، أو أن المقذوفين هما مجرد ردة فعل عرضية من قبل جماعات فلسطينية رداً على أحداث جنين؟؟

إن الخشية الأساسية التي برزت أمس في إسرائيل تركزت على احتمال أن يكون حزب الله قرر فتح مواجهة عسكرية على خلفية ضم نتنياهو القسم الشرقي من الغجر؛ خاصة وأن المحللين العسكريين الإسرائيليين رأوا أن حارة حريك لديها فرص جيدة في حال فتحت مثل هذه المواجهة، أهمها أنها تقاتل من أجل قضية (تحرير شرق الغجر) يوجد قرار في الأمم المتحدة لصالحها؛ أضف أن فتح معركة تحرير القسم الشرقي اللبناني من قرية الغجر، سيعطي لحزب الله زخماً جديداً لسمته كمقاومة، وهو أمر يحتاجه حزب الله وسط تعاظم التشكيك الداخلي والعربي بدوره ومشروعه.. وإلى ذلك فإن فتح معركة شرق الغجر المؤيدة من الأمم المتحدة، بالتوقيت مع نشوب معركة جنين، سيعزز المكانة التي يريدها نصر الله لنفسه، بوصفه جزء من معركة الدفاع عن فلسطين..

 

Exit mobile version