خاص الهديل:
أعلن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، أمس أنه في حال تم طرح موضوع اتفاق الطائف للنقاش الداخلي؛ فإن حزب الله هو آخر طرف في لبنان سيدلي برأيه تجاه هذا الموضوع!!
والواقع أن تصريح صفي الدين هذا، يكتسب أهمية خاصة، ويجدر التوقف عنده بكثير من العناية، وذلك لعدة أسباب، وكلها أسباب هامة وجوهرية:
السب الأول يعود لمكانة الشخص الذي أعلن هذا الموقف؛ أي السيد هاشم صفي الدين الذي يعتبر الرجل الثاني في حزب الله بعد السيد حسن نصر الله، والذي تتسلط عليه الأضواء بوصفه المسؤول الأساسي المكلف من قبل نصر الله والحزب بمتابعة الوضع السياسي اللبناني الداخلي، وصياغة مواقف وتكتيكات الحزب تجاهها.
..فصفي الدين بحكم موقعه ودوره المتفق عليه داخل الحزب، إنما يؤدي دور رئيس حكومة حزب الله.. وعليه فإن المواقف التي يطلقها تجاه الملفات اللبنانية الساخنة أو الاستراتيجية، إنما هي رسائل سياسية تعكس تفكير الحزب، ووجهة نظره، وما ينوي القيام به..
السبب الثاني يعود لحقيقة أن تصريح السيد صفي الدين عن موقف الحزب من اتفاق الطائف، يعتبر ثاني تصريح رسمي للحزب عن اتفاق الطائف بعد التصريح السابق – قبل سنوات – لنصر الله الذي أثار ضجة حينها، ما جعل أمين عام حزب الله يسحبه ويبرر سياقه، موضحاً أنه لن يقصد بكلامه أنه يدعو لعقد اتفاق وطني جديد يحل مكان الطائف!!
..حالياً يقول صفي الدين الرجل الثاني في حزب الله أن الحزب ليس فقط لن يدعو لتعديل الطائف، بل أن الحزب حتى لو اجتمع اللبنانيون على تعديله أو تغييره، فإنه لن يشترك معهم في مطلبهم هذا، وسوف يكون آخر طرف سياسي يتحدث عن موضوع الطائف.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق “بالصياغة” التي تم فيها دبلجة موقف الحزب؛ بمعنى أن الحزب على لسان الرجل الثاني فيه لم يقل “أن حزب الله متمسك بالطائف” أو أنه “متمسك باستكمال تطبيق الطائف”؛ بل قال أن الحزب لن يعطي رأيه بكل موضوع الطائف لا سلباً ولا إيجاباً؛ وأنه إذا أراد اللبنانيون طرحه للنقاش، فإنه لن يساهم في هذا النقاش، إلا بعد أن يرى أن الجميع فعلوا ذلك!!. ولكن صفي الدين لم يقل ماذا سيكون موقف الحزب في حال دخل كل اللبنانيين قبله بوابة نقاش مصير الطائف!! ولعل ترك هذا السؤال من دون إجابة عنه، يدخل في سياق “مناورة الغموض البناء” الذي ينجح الحزب في اعتماده حيال ملفات داخلية وخارجية كثيرة..
والواضح أن هذا الموقف عن الطائف الذي أعلنه صفي الدين أمس، “حمال أوجه”؛ حيث يمكن تفسيره سياسياً وعملياً على أكثر من نحو، كالقول مثلاً:
– ما يهم الحزب بدرجة أولى هو عدم اتهامه من قبل السنة بأنه يسعى لتعديل الطائف أو لفرض الذهاب لنظام سياسي بديل عنه..
– ما يهم الحزب بدرجة ثانية هو لفت نظر السنة إلى أنه في حال كان المسيحيون يسعون لتعديل الطائف، فإن حارة حريك ليست شريكة معهم في هذا التوجه.. وهنا يمكن الاعتقاد بأنه بمقابل اصطفاف المسيحيين ضد ترشيح فرنجية، فإن الحزب يغازل السنة كي يصطف المسلمون تحت شعار أن الطائف ليس مطروحاً للنقاش، وراء ترشيح فرنجية.
السبب الثالث الخاص يتمثل بأن الحزب عبر تصريح الرجل الثاني فيه أمس عن الطائف، أراد بأسلوب “من يبرأ نفسه من دم هذا الصديق” إعادة طرح اتفاق الطائف على طاولة السجال اللبناني، وذلك من باب طرح السؤال بأسلوب غير مباشر حول من مع تعديل الطائف ومن ضد تعديله.. وهذا يؤكد مرة أخرى على أن الحزب يبحث عن عنوان انتخابي اسلامي لترشيح فرنجية بوجه العنوان المسيحي لمعارضي ترشيح فرنجية..
..كما أن خلفيات كلام صفي الدين يؤكد أن الحزب لا يريد أن يعلن موقفه النهائي من تعديل الطائف، بل أحال كرة نار هذا الملف على الطوائف الأخرى وأحزابها!!..
وبقي أمر آخر وليس أخيراً بخصوص مقاصد تصريح صفي الدين وهو أن الحزب أراد من خلاله توجيه رسالة للداخل والخارج تقول أن حارة حريك بخصوص إصرارها على ترشيح فرنجية لا تسعى إلى إطالة الفراغ الرئاسي لطرح قضية أزمة النظام وتعديل الطائف، ولكنها بنفس الوقت لا تقف في هذه اللحظة ضد تعديل الطائف أو معه، بل هي ستقرر موقفها من ذلك، فقط في حال أراد اللبنانيون طرح هذا الأمر على طاولة النقاش الوطني..