الهديل

خاص الهديل: تداعيات أزمة الخيمتين: حرب نفسية قد تنزلق لحرب عسكرية..

خاص الهديل:

بعد ذهاب المبعوث الفرنسي لودريان من بيروت كانت شاعت أنباء تقول أن وساطة باريس المدعومة من واشنطن نجحت في جعل حزب الله يفكك خيمة من الخيمتين اللتين نصبهما في منطقة مزارع شبعا؛ غير أن الحزب عاد ونفى لاحقاً هذه الأنباء، وأكد أنه لن ينزع الخيمتين.

..وحتى هذه اللحظة ليس واضحاً من سرب معلومة أن الحزب بدأ بنزع الخيمتين استجابة للمبارة الفرنسية وللتوسط الأميركي أيضاً. وهناك معلومة تقول أن سبب فشل حل أزمة الخيمتين يعود إلى أن حارة حريك كانت تنتظر أن تتحدث واشنطن معها بشأن هذا الموضوع؛ علماً أن الذي حدث هو أن الفرنسيين فاتحوا حزب الله بهذا الشأن، في حين اكتفت واشنطن بالحديث عن موضوع الخيمتين مع الدولة اللبنانية.

وإثر نفي حزب الله لنبأ استجابته للوساطة بحل الأزمة؛ عاودت تل أبيب الاتصال بالقناتين الفرنسية والأمريكية لتجديد محاولاتهما من أجل إنهاء هذه الأزمة سياسياً. وتقول معلومات أن نتنياهو أبلغ واشنطن وباريس أن آخر موعد تضعه إسرائيل لنزع الخيمتين من قبل حزب الله، هو يوم غد الثلاثاء، وإلا فإن الجيش الإسرائيلي سينزعهما بالقوة العسكرية..

ولقد تم تقديم وعود لنتنياهو بأن الأزمة ستسوى دبلوماسياً، ولكن مع حلول مساء أمس، وفيما كان لم يمض على افتتاحه لجلسة اجتماع مجلس الوزراء سوى دقيقتين، ورد إليه (أي إلى نتنياهو) معلومة عاجلة تقول أن المساعي الدبلوماسية لحل أزمة الخيمتين فشلت وأن الحزب رد بأنه لن يفككهما. وللتو؛ خرج نتنياهو مع سكرتيره العسكري ومع وزير دفاعه من اجتماع الحكومة تحت عنوان أنه يريد الحصول على استشاره أمنية عاجلة؛ وقصد نتنياهو ومرافقيه مكتبه واجتمع بهما لبعض الوقت، وأجرى اتصالات خارجية وبأركان قيادته الأمنية والعسكرية لتحديد كيفية الرد على ما بات يعرف “بأزمة الخيمتين”..

وبعد انتهاء اجتماع نتنياهو مع أركانه العسكريين جرى تفعيل القبة الحديدية على امتداد المساحة من الجليل المتاخم للحدود اللبنانية حتى مدينة حيفا؛ وجرى تكثيفاً ملحوظاً لطلعات الاستشكاف الجوية الإسرائيلية على طول الشاطئ اللبناني.. وبنفس الوقت أعطيت التوجيهات لنوع من الاستنفار للوحدات العسكرية الإسرائيلية على الجبهة الشمالية..

وبمقابل هذه الأجواء الإسرائيلية التي أوحت بأن تل أبيب تستعد للتصعيد؛ أو هي تستعد لبدء عملية عسكرية لإزالة الخيمتين خلال يوم الثلاثاء، فإن حزب الله لم يجار أجواء التصعيد هذه، ولم يبرزها في تصريحات سياسييه أو في أجوائه الإعلامية؛ بل انه في وقت لاحق من ليل أمس سرب عبر أجواء التواصل الاجتماعي التابعة له خبراً يقول أن البعض يتداول أخباراً تفيد بإمكانية حدوث حرب خلال الساعات المقبلة بين إسرائيل ولبنان؛ ويهمنا التأكيد أن هذه المعلومات مغلوطة.. ويهمنا أيضاً التأكيد على أن إسرائيل ليس من مصلحتها شن حرب في هذا الوقت التي هي فيه، غارقة بمشاكلها الداخلية، وأيضاً بمشاكلها الأمنية في الضفة؛ الخ.. 

وواضح أن الحزب اعتبر أن كل قصة خروج نتنياهو من مجلس الوزراء أمس، وما رافقها من توجيهات لاستنفار القبة الحديدية في شمال فلسطين المحتل، وللقطع العسكرية على الحدود مع لبنان، ليست إلا مسرحية ومناورة من نتنياهو هدفها الأساسي الضغط نفسياً ليس على قيادة حزب الله فقط، بل على الجبهة الداخلية اللبنانية وبضمنها على الجبهة الاجتماعية للحزب في جنوب لبنان، ما يؤدي إلى إنتاج معادلة في لبنان تقول أنه فيما لو أصر حزب الله على إبقاء الخيمتين، فإن هذا سيهدد بنشوب حرب وبالقضاء على كل الموسم السياحي الذي تبشر بوادره بأنه سيكون زاهراً في لبنان..

..وعليه وجد حزب الله أن من مصلحته نفي المسار الإعلامي الذي روجت إليه إسرائيل ليلة أمس، ومفاده إشاعة جو ضاغط يفيد بأن الأمور تتجه لصدام عسكري بين لبنان وإسرائيل على خلفية أزمة الخيمتين.. 

والواقع أنه رغم عدم وجود مصداقية لمناورة نتنياهو أمس، كون كل المعطيات المتقاطعة، تميل إلى أن “الحرب” في هذه اللحظة هي آخر أمر تريده تل أبيب، وآخر أمر تريده حارة حريك؛ إلا أن هناك داخل حكومة إسرائيل أجواء يمنية ترى بنصب حزب الله للخيمتين دليلاً مباشراً ودامغاً على تعاظم ما يسميه هؤلاء بـ “ظاهرة تجرأ حزب الله على هيبة الأمن الإسرائيلي”. 

وينقسم هؤلاء حالياً بين رأيين اثنين: الأول يقول أنه يجب نزع الخيمتين بالقوة حتى لو كلف ذلك الذهاب لحرب.. 

وبحسب هذا الفريق فإن الهدف المراد تحقيقه من تدمير الخيمتين بالقوة، هو إفهام حزب الله أن تجرءه على هيبة أمن إسرائيل سيكون ثمنه صداماً عسكرياً وتدميراً واسعاً في لبنان. وبنظر هؤلاء فإن نتنياهو أخطأ حينما أثار موضوع الخيمتين في المحافل الدبلوماسية؛ بل كان عليه إعطاء الأوامر مباشرة للجيش كي يقوم بتدميرهما. 

الفريق الثاني يؤمن أيضاً بأن حزب الله يغالي في إبداء أنه يتجرأ على هيبة الأمن الإسرائيلي، وأن هدفه من ذلك إظهار صورة بطولية له داخل لبنان، وإرسال نموذج إلى داخل الضفة الغربية.. ولكن هذا الفريق يوصي بحل هذه الأزمة عبر مد حبال للحزب كي ينزل عن شجرة الخيمتين، وذلك من خلال إيجاد حل لا يحرج صورته أمام جمهوره..

 

Exit mobile version