الهديل

آخر تفاصيل قضيّة فيديو الحضانة… ما كشفه الأهالي والتحقيقات

 

 

تعنيف لفظيّ وجسديّ، سرقة وحرمان من الطعام… هذه عيّنة ممّا عانى منه أطفالٌ دون الثلاث سنوات في إحدى الحضانات في منطقة الفنار – المتن، وسط غياب الكشف الوزاري الدوريّ وإهمال المديرة. إذْ لولا تلطف الخالق بهؤلاء الصغار، لربما كنا شهدنا كارثة أكبر، قد تصل إلى “القتل مع سبق الإصرار” نتيجة التعذيب الواضح في الفيديو المتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ.

هذه المرّة القضيّة مختلفة، لا سيّما وأنّها تتعلّق بصغار لا ذنب لهم سوى أنّهم وُضعوا بأيدٍ تبيّن أنّها ليست أمينة ولا علاقة لها بالتربيّة لا من قريب ولا من بعيد. والمُضحك أنّ “الرأس المدبرة”، كما سمّاها أحد الأهالي في حديث لموقع mtv لا تزال تستخفّ بالأمر بعدما كانت تغضّ النظر عنه وعن المربيّة “المعنّفة” لأكثر من شهرين.

في سياق متّصل، تُشير مصادر أمنيّة لموقعنا إلى أنّ “إفادة المديرة والمربيّة أتت متضاربة وتستدعي التحقيق أكثر. في حين ادّعت المديرة أن الموظفة العاملة لديها وبناءً على مشادة كلاميّة سابقة بينهما حول قضية سرقة أحد الأطفال، “حَرِدَت” وراحت تنتقم منها بطرق مختلفة ولعلّ الفيديو المسرّب خير دليل على ذلك”، في محاولة منها للتنصل من الأمر وكأنّها ليست مسؤولة ولا علاقة لها بإدارة الحضانة.

كما تلفت المصادر إلى أنّه عند سؤالها حول أسباب عدم تشغيل الكاميرات ومراقبة عمل المربيّة بعد الخلاف الذي وقع بينهما، قالت إنّها “لم تتوقع أن يحصل ما حصل، وإنّ صيانة الكاميرات مُكلفة وكانت تنوي إصلاحها بأقرب وقت”، مع العلم أنّ هذه النقطة تحديداً تُدينها قضائياً.

حتّى الساعة لا تزال إدارة الحضانة قَيْد التوقيف والتحقيق في مفرزة الجديدة، لحين صدور قرار المدعي العام، الذي تؤكّد مصادرنا أنّه “سيصدر بعد نحو ساعة من الآن وسيتجه نحو توقيف المتهمَتَيْن”.

بالعودة إلى الحادثة وبعيداً عن كلام المديرة الذي لن يُبرّر إهمالها ولن يعوّض هؤلاء الضحايا الصغار عن الآلام التي تسبّبت لهم بها. يسترجعنا المثل الشعبيّ المتعارف عليه لبنانياً، “إذا خِليت خربت”. فهذا تماماً ما حصل في تلك “الخرابة” وليست الحضانة، بعدما توجعت عاملة التنظيف عوضاً عن الصغار وقرّرت مساعدتهم بطريقتها البسيطة وفق قدراتها المتواضعة، عبر توثيق مقاطع فيديو مصوّرة تُظهر المربيّة “ج.ح” وهي تعنّفهم بأبشع الطرق وكأنّها ليست إنسانة ولا قلب لها. العاملة البسيطة، وهي من سكان المنطقة أيضاً، تجرأت بعد تمادي المربيّة وسرّبت تلك المقاطع لأحد الأهالي، هي التي سكتت طويلاً حفاظاً على عملها.

بعد وصول الفيديوهات “البشعة” ليد أحد الآباء، قام على الفور وفق ما صرّح لموقع mtv بالاتّصال بجميع الأهالي، وجَمَعهم في منزله وأخبرهم بما يحصل “من وراء ظهرهم” بالتفصيل، وتوجهوا لتقديم شكوى بحقّ الحضانة المتمثلة بإدارتها في بعبدا، فور ما أخذوا أطفالهم من أيدي “المجرمة”، كما وصفوها.

في الحضانة المشهد كان محزناً، إذ يبكي الأطفال بصوتٍ خافت وكأنّهم يخشون المربيّة، فهم اعتادوا على الضرب إذا “تنفسّوا”، في حين أن “ج.ح” وهي أم لثلاثة أطفال، لم تُفكّر بإنسانيتها ولو لحظة واحدة، فجرّدت نفسها حتّى من الأمومة التي لا تليق بها، لتستفرِد بكائنات ضعيفة وتتقيأ أمراضها النفسيّة عليهم، موضحةً وفق ظنّها ووفقاً للتحقيقات، أنّها “لم تقصد إيذاء أيّ طفل إنّما البعض انفعل من دون فهم الأمور”.

على صعيد وزاريّ، حاولنا الاتّصال بوزارة الصحة التي كالعادة لم تُجب، ولكنّها على الأقلّ تحرّكت ولو بعد ٧ ساعات من ورود الشكوى، مع العلم أنّها لو كانت تقوم بدورها الرقابيّ بشكل دوريّ وتكشف على الحضانات لكنّا تفادينا كلّ هذه الحكاية.

هذا وتكشف مصادر متابعة لموقع mtv أن الجهات المعنيّة والوزاريّة طالبت بـ”إقفال الحضانة بالشمع الأحمر، ومحاسبة المديرة والمربيّة على هذا التجاوز المُعيب واللاإنسانيّ، على أن تُتّخذ إجراءات أخرى بحقّهما قد تصل إلى التوقف عن العمل بشكل كامل ودفع عطل وضرر لأهالي الأطفال، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة وتمهلّ لحين انتهاء التحقيق في مفرزة الجديدة – المتن، وخلال اليومين المقبلين سيصدر القرار الرسمي بما تقدّم”.

في كلّ مرّة نظنّ فيها أنّنا رأينا وعشنا ما هو مستحيل أو غريب، نكتشف أنّنا مخطئون وثمّة بشاعة أكبر بكثير لدرجة يعجز عقلنا البشريّ عن تصوّرها… وهنا نُشدّد على كلمة “البشريّ”، لأنّنا كبشر نتمتع بالحدّ الأدنى من المشاعر التي تجعلنا نميّز بين الصحّ والخطأ وبين الرحمة والوحشيّة، التي يبدو أنّ البعض تجرّد منها. فهؤلاء تحديداً لا بد من معاقبتهم ليكونوا عبرة لكلّ من يتمادى إلى هذه الدرجة، ببساطة لأنّ مجتمعنا لم يعد يحتمل هذه الجرائم كلّها. ومَن يعلم كم من حضانةٍ أخرى يُعاني الأطفال فيها الامرين من دون علم احد

 

 

Exit mobile version