يكاد لا يخلو يوم من تعميم صورة مفقودة قاصر على منصات التواصل الاجتماعي في لبنان، مع بعض المعلومات المرفقة ودعوة للمساعدة في البحث عنها.
ولم يشهد المجتمع اللبناني سابقاً مثيلاً لهذه الظاهرة، التي صنفتها الجهات الأمنية تحت باب “مشاكل شخصية”.
وخلال متابعة صفحات قوى الأمن الداخلي الرسمية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، يُلاحظ أن نسبة المفقودين ارتفعت منذ بداية الأزمة الاقتصادية قبل 4 سنوات تقريباً وحتى اليوم.
ويتبين أن أكثر الحالات المنشورة هي لأطفال لم يبلغوا الـ15 من عمرهم، كما أن ظاهرة المفقودين غير محصورة بالمناطق الشعبية والفقيرة، بل أصبحت منتشرة في معظم المناطق اللبنانية، تلاحق الناس في حياتهم اليومية فتترك أثرها على أمن المواطنين.
وقبل أيام، تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورا لأربع فتيات قاصرات تم تعميم خبر فقدانهن، مما أدى إلى حالة من الهلع حول إمكانية وجود عصابات منظمة في لبنان تعمل على خطف الفتيات.
وقبلها، نُشر إعلان وصورة لشابة في الخامسة عشرة من عمرها غادرت بيت ذويها، مما أثار المزيد من البلبلة.
مصدر مسؤول يوضح
وقال مصدر أمني مسؤول لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “لا وجود لأي سبب أمني أو جرمي وراء هذه الحالات”، مضيفاً أن “معظمها نتيجة لأسباب شخصية أو عائلية أو صحية”.
وفي سياق متصل، أهابت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالجميع “عدم إثارة القلق لدى المواطنين، والحصول على المعلومات الصحيحة من شعبة العلاقات العامة التابعة لها”.
ماذا تقول الأرقام؟
وأوضح الكاتب والباحث في “نشرة الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “لا توجد إحصائيات دقيقة في البلاد توضح عدد الفتيات القاصرات اللواتي فقدن”.
وتابع: “لكن هناك إحصائية عامة تفيد أنه في عام 2018 خطف في لبنان 10 أشخاص من مختلف الأعمار، وارتفع الرقم إلى 16 في عام 2019، ثم إلى 47 في 2020، وانخفض إلى 17 عام 2021”.
لكن شمس الدين أشار إلى أن “الرقم عاد إلى 47 عام 2022. وحتى نهاية حزيران من العام الجاري، شهد لبنان 18 حالة خطف من مختلف الأعمار”.
“هروب قاصرات”
في هذا الصدد، قالت الخبيرة في علم الاجتماع التربوي نسرين حلبي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “منذ منتصف عام 2021 هربت عدة قاصرات من عائلاتهن، بعد تعرضهن للعنف اللفظي والجسدي”.
وأضافت: “شجع اشتداد الأزمة الاقتصادية القاصرات على الهرب برفقة شبان لا تتجاوز أعمارهم العقد الثاني. في الكثير من الأحيان تعرف الشبان عليهن من وسائل التواصل الاجتماعي وأوهموهن بالزواج وبحياة مختلفة عن تلك التي عشنها مع أسرهن”.
واستطردت حلبي: “عُرضت على الفتيات بعض الأعمال التي تمكنهن جني المال والاستقرار بعيدا عن أجواء العنف في بيوتهن، وتواصل أهالي الفتيات مع قوى الأمن الداخلي، التي عممت صورهن وبدأت البحث عنهن، ليتبين أن بعضهن هربن بإرادتهن”.
وكشفت المتخصصة أن “الأهالي في معظم الحالات يتكتمون على الأمر ويرفضون الإدلاء بأي تصريح أمام المحيط الذي ينتمون إليه”.
وبحسب حلبي، تعود أسباب هروب القاصرات إلى:
1- عدم وجود بيئة حاضنة في أسرهن
2- الانتماء إلى أسر متشددة تفرض جوا ضاغطا في تربية الفتيات
3- غياب التوعية الاجتماعية في المناطق كافة
ماذا يقول القانون؟
بدوره، شدد المحامي اللبناني محمد صبلوح، في اتصال مع موقع “سكاي نيوز عربية” على أن “الفتيات القاصرات يتعرضن في معظم الحالات للخديعة، وهن في حاجة إلى توعية “.
وتابع: “معظم الحالات كانت لفتيات تركن منازلهن بإرادتهن، هربا من الواقع المتردي”.
وأضاف: “الجهات الأمنية تقوم بواجبها، ومعظم منشورات الفقد التي نراها على وسائل التواصل الاجتماعي تندرج تحت خديعة إلكترونية واتفاق سري بين الشبان والشابات للهروب معا، ومن ثم يطمس الخبر وتقفل صفحات الأهل التي أبلغت عن الفقدان”.
وأوضح أن “جريمة الخطف تقتضي توفر عدة عناصر من أجل تحقق وقوعها قانونا، وهذه العناصر:
– فعل الخطف، وتشترط جريمة الخطف وقوع الفعل المؤدي للخطف والمتمثل بالنشاط الإجرامي في أخذ الشخص المخطوف أو انتزاعه أو نقله أو إلزامه بالانتقال من المكان الموجود فيه إلى مكان آخر.
– وقوع الخطف بالخداع أو بالعنف، كما اشترطت المادتان 514 و515 من قانون العقوبات اللبناني