خاص الهديل:
أعلن جبران باسيل أمس أنه عادت عملية “التحاور” بين التيار الوطني وحزب الله؛ وعرض في حديثه عن هذا الموضوع لعدة نقاط تستدعي التوقف عندها كون باسيل أراد من خلالها لفت نظر المسيحيين وقيادة حزب الله إلى نواح مستجدة في علاقته بحارة حريك: الأمر الأول الذي أشار إليه/ أو أوحى به باسيل هو عبارة “عاودنا التحاور مع حزب الله”؛ ما يعني أن قرار وقف التحاور لم يكن من جانب الحزب بل من جانب التيار أو أقله من جانب الطرفين.. ويريد باسيل انطلاقاً من التركيز بالإيحاء على هذه النقطة نفي كل ما شاع عن أنه طلب موعداً من السيد حسن نصر الله، لكن الأخير رفض الاستجابة لطلبه…. كما استكمل باسيل في حديثه أمس التشديد والإيحاء بأن التحاور بينه (أي بين تياره) وبين حزب الله هو حوار ندي؛ حيث تقصد في كلامه أن يوحي لمستمعيه أن هناك شروطاً وضعها العونيون أو “الباسيليون” لمعاودة الحوار مع الحزب؛ أبرزها شرطان؛ الأول أن لا يتم فرض شروط مسبقة [من قبل حارة حريك] على بدء الحوار، والثاني أن “يتم الحوار بذهنية إيجاد حل”، قوامه بطبيعة الحال حسبما يقصد كلام باسيل هذا، موافقة الحزب على التخلي عن ترشيح فرنجية!!..
الأمر الثاني الذي ركز عليه باسيل في حديثه أمس؛ وهذه المرة بشكل صريح وليس فقط تلميحاً، هو أن التيار لن يقبل تحت أي ظرف بترشيح سليمان فرنجية، وبكلام آخر: ان التيار البرتقالي لن يوافق مع حزب الله على ترشيح فرنجية، وأن الحوار بين الطرفين بحسب تصور العونيين أو الباسيليين، يجب أن ينطلق من نتائج الجلسة الإنتخابية الأخيرة التي أظهرت – كما قال باسيل – أن مرشح الثنائي الشيعي اصطدام بحائط مسدود ولم يبلغ العتبة التي تبرر بقاءه كمرشح، وهذا ما يضعنا [يقصد باسيل يضع الحزب والتيار] أمام معادلة أن أي عناد من هذه الجهة سيقابله عناد من الجهة الأخرى..
ويبدو هنا كلام باسيل واضحاً لجهة أنه يقول لحارة حريك أن أي عناد في “التحاور” من قبل حزب الله على ترشيح فرنجية، سيقابله عناد من قبل التيار الوطني الحر على ترشيح جهاد أزعور …
الأمر الثالث الذي ركز عليه باسيل في حديثه أمس هو أنه بمقابل رفضه وضع شروط مسبقة على بدء التحاور بينه وبين الحزب، فإنه أعلن من جانبه بشكل مسبق النتائج التي يقبل بها لهذا الحوار، وهي نتيجتان لا ثالث لهما: إما أن يوافق الحزب على التخلي عن ترشيح فرنجية ويتفق مع التيار على إسم مرشح ثالث؛ وإلا فالذهاب إلى جلسات انتخابية مفتوحة في البرلمان لانتخاب رئيس عبر الخيار الديموقراطي.
الأمر الثالث الذي قاله باسيل أمس ربما يكون الأخطر من وجهة نظر حزب الله، كونه يتحدث عن أن ترشيح فرنجية، أو الإستمرار به، هو استفزاز للوجدان المسيحي الأمر الذي لا يجب أن يقبله أحد!!.
والواقع أن مضمون كلام باسيل بقسميه الواضح أو المبطن يطرح مجموعة أسئلة أبرزها: هل يتوقع باسيل أن ينجح هذا التحاور وفق السقف الذي وضعه له، وهو كحد أدنى وأعلى تخلي حزب الله عن ترشيح فرنجية والاتفاق مع باسيل على إسم ثالث؟؟
واستدراكاً للسؤال عينه: إذا كان حزب الله يريد المقايضة بورقة فرنجية ويريد فتح بازار على رئاسة الجمهورية؛ فهل سيفعل ذلك مع باسيل، أم أنه سيفضل بالتأكيد انتظار فرصة دسمة لفعل ذلك، كفتح حوار مع الرياض أو واشنطن حول هذا الموضوع؟
..واستدراكاً أيضاً وأيضاً لنفس السؤال: هل يعتبر معاودة التحاور بين الحزب والتيار الوطني الحر حول الاستحقاق الرئاسي، هو بديل عن الحوار الذي يدعو إليه بري؟؟.. أو حتى هل يعتبر بمثابة قطع للطريق على الحوار الذي يدعو إليه بري؟؟.
السؤال الاستدراكي الثالث الذي يطرح نفسه هو هل حارة حريك تمثل نفسها في معاودة التحاور على الاستحقاق الرئاسي مع التيار الوطني الحر، أما أنها تمثل أيضاً حركة أمل، وتحديداً موقف الرئيس نبيه بري الرافض للتخلي بأي شكل عن فرنجية، أو حتى الحوار الثنائي مع باسيل حول هذا الموضوع..
وبالمقابل هل باسيل
اتخذ قرار معاودة حواره مع حزب الله حول الاستحقاق الرئاسي، بعد أن وضع حلفاء التقاطع معه على جهاد أزعور بأجواء خطوته الجديدة(؟؟)، أم أنه تفرد بها؛ وهل باسيل في خلال عملية معاودة تحاوره مع الحزب، سيأخذ بعين الاعتبار مواقف حلفاء التقاطع معه على ازعور، أم أنه سيسعى لإبرام صفقة منفردة مع الحزب، وسيدير ظهره مجدداً للقوى المسيحية التي تقاطع معها على خيار أزعور بوجه فرنجية؟؟..
واغلب الظن أن حزب الله يعاود التحاور مع التيار الوطني الحر، انطلاقاً من رؤيا تكتيكية وليس استراتيجية، وهي تتشكل من النقاط التالية:
أولاً، كون هذا “التحاور” بين الطرفين يلغي فكرة أن تبدأ معالجة الخلاف بين الحزب والتيار من نقطة اللقاء والحوار بين نصر الله وباسيل، وذلك لمصلحة أن يبدأ الحوار “من تحت”، ثم ينتقل إلى مستوى القمة، وذلك فقط في حال حقق “الحوار من تحت” أهداف مقبولة من قبل الحزب..
..بمعنى آخر، هناك قرار عند حارة حريك بأنه لا حوار مباشر بين نصر الله وباسيل من أجل حل الخلاف، إنما اللقاء المباشر يحدث فقط عندما يوافق باسيل مسبقاً على اتفاق يرضى به حزب الله.
ثانياً: يريد الحزب من معاودة الحوار مع تيار باسيل إشاعة التشويش داخل تحالف المتقاطعين على أزعور بوجه فرنجية؛ فالحزب يعرف جيداً أن قوى التقاطع على أزعور لا تثق بباسيل، وهي سترتاب من أي تقارب يحصل ولو شكلي بين باسيل وحزب الله؛ ما سيجعل هذه القوى تعود لحالة الإرباك على مستوى تسمية مرشحها للرئاسة، التي كانت عليه قبل اتفاقها على ترشيح أزعور.