الهديل

خاص الهديل: نظرية “شخص الرئيس هو أساس”: هكذا حسم نصر الله مع باسيل إصراره على ترشيح فرنجية؟؟

خاص الهديل:

يسرب رئيس التيار الوطني الحر أنه نجح خلال فترة الأشهر الثلاثة الأخيرة بتحريك أوراق اللعبة الرئاسية بالاتجاه الذي يريده؛ فهو من جهة أخذ رئيس حزب القوات اللبنانية إلى مناورة ترشيح جهاد أزعور تحت ضغط أن جعجع بحاجة لمنع وصول فرنجية لحلف انتخابي بعد أن خذله النواب التغييريين؛ وهو من جهة ثانية – أي باسيل – أرغم أمين عام حزب الله على التزحزح عن عناده بخصوص أنه لن يعقد حواراً مع التيار البرتقالي إلا على أساس موافقة الأخير على ترشيح سليمان فرنجية، وأن الحزب جاهز لدفع الثمن السياسي للعم والصهر لقاء موافقتهما على ذلك؛ ولكن حالياً ها هو نصر الله يأتي للحوار مع باسيل على أساس البحث عن مرشح ثالث..

..حتى اللحظة الراهنة، هذه هي رواية باسيل عن ما حصل مع القوات اللبنانية حينما تقاطع مع جعجع على “مناورة أزعور ضد فرنجية”؛ وما يحصل حالياً مع حزب الله حيث بدأ باسيل – بحسب روايته دائماً – يتقاطع مع حارة حريك على استبعاد فرنجية..

وحتى ما قبل خطاب نصر الله أمس لم يكن هناك بمقابل رواية باسيل هذه، أي تأكيد من قبل حزب الله على أن ترشيحه لفرنجية أصبح من الماضي، أو على أن نصر الله ذاهب لملاقاة باسيل على إسم مرشح ثالث لن يكون لا أزعور ولا فرنجية!!.

ولكن بعد الخطاب الذي ألقاه نصر الله صار يفترض على باسيل أن يراجع حساباته؛ ذلك أن نصر الله استخدم بخطابه “عبارة مفتاحية إستراتيجية” تظهر أن حارة حريك لم ترشح فرنجية من باب أنها تريد المناورة والمقايضة؛ بل رشحته انطلاقاً من خيار استراتيجي، وانطلاقاً من أن ترشيحه هو موقف يضمن بنظرها مصالح حزب الله الاستراتيجية…

..والمقصود هنا بالعبارة المفتاحية الاستراتيجية قوله في خطابه أن شخص الرئيس هو أساس بالنسبة لحزب الله.. وأراد نصر الله هنا بخصوص معركة رئاسة الجمهورية وبخصوص المبادرة الفرنسية وخلاف الحزب مع التيار البرتقالي، قول ثلاثة أشياء بوضوح تام بوصفها ثوابت لن يتراجع عنها الحزب: 

الأمر الأول هو أن الحزب يعتبر معرفته بشخص الرئيس لها أولوية بالنسبة إليه على مشروع الرئيس السياسي الداخلي أو على كفاءاته، الخ.. فنصر الله قال أمس بوضوح للخارج والداخل ولباسيل أنه اختار ترشيح فرنجية ليس من أجل مقايضته بإسم ثالث ولا من أجل فتح بازار خارجي على اسمه، بل اختاره لأنه يثق به على مستوى أمر أساسي ووحيد، وهو أنه يثق تمام الثقة بأنه لن يطعن المقاومة من الخلف.

الأمر الثاني الذي حدده نصر الله كإحدى الثوابت التي لن يحيد عنها والذي يكشف عن طبيعة نظرته للاستحقاق الرئاسي، مفاده أن الحزب اختار ترشيح فرنجية ليس اعتباطاً، ولكن كمحصلة لتجربته مع رؤساء الجمهوريات السابقين التي أظهرت نتيجتها أنه حينما يكون شخص رئيس الجمهورية أيديولوجياً وليس فقط مصلحياً مع المقاومة، فإن ذلك يسهم بشكل نوعي في حمايتها من خصومها الداخليين والخارجيين؛ تماماً كما فعل اميل لحود وأيضاً ميشال عون.. وعليه فإن حزب الله يختار سليمان فرنجية انطلاقاً من تجربة حارة حريك مع موقع رئاسة الجمهورية التي خلصت إلى استنتاج يتم التعامل معه حالياً في الحزب على أساس انه يشكل إحدى ثوابت نظرته للتعاطي مع الاستحقاق الرئاسي؛ وقوام هذا الاستنتاج أن “شخص الرئيس هو أساس لحزب الله”… وفي هذه اللحظة يعتبر “شخص سليمان فرنجية هو أساس” داخل مقاربة نصر الله للاستحقاق الرئاسي. 

الأمر الثالث: أن طرح نصر الله أمس لمفهوم أو لنظرية أو “للمصطلح المفتاحي” الذي يفسر موقفه من الاستحقاق الرئاسي، والقائل “أن شخص الرئيس هو أساس” بالنسبة لحارة حريك، إنما يأخذ كل معركة الاستحقاق الرئاسي إلى مشهد جديد، ويحدد من دون غموض “الحد الأدنى” الذي لن يتخلى عنه نصر الله، وهو التالي: 

– فخامة الرئيس الذي يوافق عليه نصر الله ليس الرئيس الذي يحظى بالدرجة الأولى على التوافق عليه داخلياً بل هو الرئيس الذي يحظى بالدرجة الأولى بثقة حزب الله الأيديولوجية به؛ أي الرئيس الذي لديه أيديولوجيا مؤمنة بالمقاومة وبالدفاع عنها.

– في الموضوع الداخلي فإن حزب الله منفتح على أن يقدم الرئيس المنسجم أيديولوجياً مع المقاومة كل الضمانات التي يريدها الآخرون من عهده، والمقصود هنا بكل الآخرين الجميع ابتداءاً من باسيل وجنبلاط وجعجع مروراً بسامي الجميل وصولاً لفارس سعيد.. الحزب لا مشكلة لديه بالضمانات التي سيقدمها فخامة الرئيس لخصومه المحليين، طالما أن حارة حريك تثق بأن فخامته ليس لديه فقط مصلحة سياسية مع المقاومة، بل لديه قناعة أيديولوجية بها.

Exit mobile version