وجه الامين العام للمجلس الاسلامي العربي سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني -حفظه الله- رسالة توجيهية وإرشادية لخطباء المنبر الحسيني ردا على أسئلة واستفسارات وردته من لبنان والدول العربية عن خير السبل لإحياء ليالي عاشوراء وذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب(ع).
وجاء في الرسالة:
أولا: من الناحية الإيمانية والتاريخية، يجب التركيز في قراءة مجالس العزاء والخطب على البعد الديني والتاريخي لاستشهاد الإمام الحسين (ع)، الذي أطلق ثورته دفاعا عن الإسلام، دين التوحيد، بعدما مزقت الخلافات الأمة الإسلامية. والإمام (ع) لم يطلب لنفسه أو لعائلته، ما لا حق له فيه، إنما انطلق في ثورته لإعادة الاعتبار إلى خلافة جده رسول الله (ص).
ثانيا: في البعد الوجودي لعاشوراء يجب توضيح وشرح معنى انتصار الدم على السيف، وهو مفهوم أوجده الإمام الحسين ( ع )، لأول مرة في التاريخ ، لان المضحي هنا ليس شخصا عاديا، بل هو امتداد للرسول الأعظم وخاتم الأنبياء (ص)؛ دافع عن رسالة الإسلام عندما كانت على المحك.
ثالثا: في البعد الملحمي، ينبغي لفت الانتباه إلى أن تضحية وبطولة الإمام الحسين (ع) لم تكن شخصية، وإنما شكّل وجود أهل بيته معه على أرض كربلاء درسًا في التضحية تعلمته الإنسانية جمعاء؛ والمسلمون ملتزمون بإحياء هذا الإرث، في خدمة الإسلام ورسالته التوحيدية.
رابعا: في البعد الأخلاقي، يجدر التوقف مليا عند درس نصرة المظلوم الذي تقدمه لنا ثورة كربلاء، ورفع الظلم، وهو مفهوم إسلامي يتشرف المسلمون عيشه وتطبيقه، عدا عن أنه واجب أخلاقي تحدثت عنه الأديان والفلسفات والعقائد، واعتمدته شعوب عديدة في دساتيرها.
خامسا: في الجانب الرسالي لعاشوراء، الإمام الحسين (ع) كان حاملا لرسالة جده رسول الله ( ص )، وعاملا للوحدة، لذا كانت دعوته لجميع المسلمين، وليس لفئة دون فئة، وهو بالتالي لا يخص مذهبا إسلاميا دون آخر، وان كان محبو وأتباع مدرسة اهل البيت عليهم السلام يتقدمون في حمل هذه الرسالة، فإنها لهم واجب إسلامي لا مذهبي، يعملون للتوحيد وليس للتشرذم والتفرقة.
سادسا: في البعد الحضاري يجب إفهام الناس أن الثورة الحسينية ليست دعوة للقتل أو لليأس والألم، من هنا خطأ الاعتقاد أن التقرب من الحسين (ع) يكون بإيذاء الأنفس، وتعذيب الأجساد، وغيره ، فهذه الأعمال محل إشكال من كل الوجوه الشرعية. ولا يمكن ان نكون مع الحسين ماديا وإنما يمكن التقرب منه معنويا بالتشبه بسلوكه، وهو سلوك إسلامي يعمل للحياة الدنيا، كمرحلة انتقالية للحياة الآخرة؛ أي أن السعي إلى إقامة حكم الإسلام على الأرض والعيش في ظلاله؛ اي أنها دعوة للحياة وليس للموت عبثا.
وختم العلامة الحسيني رسالته، بالتأكيد على الاستفادة من مناسبة ذكرى عاشوراء لتحقيق الهدف الأسمى بلم شمل الأمة وجمعها، من خلال دعوة المسلمين من جميع المذاهب للمشاركة فيها.