خاص الهديل:
معركة الخيمة بين حزب الله وإسرائيل؛ تعتبر بمثابة ابتكار على مستوى تكتيكات الحزب في حربه مع تل أبيب..
فالفكرة بدأت حينما رصد حزب الله أن القوات الإسرائيلية أخلت نحو ٣٠ متراً عند طرف المنطقة التي تحتلها في مزارع شبعا، وذلك من أجل إجراء عمليات حفر وتدشين بها، واستغل الحزب فترة انسحاب الجيش الإسرائيلي من مسافة ال ٣٠ متراً وفترة ما قبل عودته إليها ونصب فيها خيمة على اعتبار أنها أرض لبنانية فيما إسرائيل تعتبرها أرض إسرائيلية. ولقد وجدت إسرائيل نفسها أمام أمر واقع جديد أنشأه حزب الله فوق مساحة ٣٠ متراً فوق مزارع شبعا المحتلة!!.
السؤال هو حول الأسلوب الجديد الذي اتبعه الحزب لتسخين الوضع مع الإحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا؛ فهذه المرة لم يطلق صاروخاً باتجاه مزارع شبعا التي هي خارج عمليات القرار ١٧٠١ ولم يقم بخطف جندي إسرائيلي بل قام بملء فراغ خلو منطقة صغيرة جداً على حدود مزارع شبعا للحظة من الجيش الاسرائيلي، ونصب فيها خيمة ووضع فيها حراسة عسكرية وهدد بأن أي تعرض لها هو اعتداء على لبنان سيرد عليه الحزب بتصعيد عسكري.
والواقع أن الحزب يعلم أن نتنياهو لا يريد فتح حرباً مع لبنان، ويعرف ان التوقيت الحالي غير مناسب أبداً لحكومة أقصى اليمين ولذلك قام حزب الله بنصب خيمته فوق مساحة الانشغال الإسرائيلي بمشاكله الداخلية غير المسبوقة.
وبكلام آخر يمكن القول أن حزب الله أراد من خلال نصب الخيمة، اقتناص ثلاثة فرص ذهبية يقدمها الوضع الإسرائيلي له:
الفرصة الأولى هو حالة اللااستقرار الداخلي الذي تعيشه إسرائيل، وهي حالة غير مسبوقة في تاريخ الكيان العبري.
الفرصة الثانية هي تأثر الجيش الإسرائيلي بالتوتر السياسي الداخلي الذي تشهده إسرائيل، والذي تمثل بأن بيئات غير قليلة في الجيش الإسرائيلي، ترفض الإستمرار في العمل داخل قطاعاتها العسكرية، إعتراضاً على سياسات نتنياهو لتعديل القوانين القضائية.
الفرصة الثالثة هي أن إسرائيل تواجه لأول مرة حرباً عسكرية على “الجبهة الرابعة” المسماة “بجبهة شرق الضفة الغربية”.
أضف إلى ذلك عوامل أخرى يتطلع حزب الله للإفادة منها في هذه الفترة، وأبرزها سوء العلاقة القائم بين نتنياهو والبيت الأبيض.
يبقى أخيراً هناك إحتمالاً بأن تتسبب الخيمة بحريق في المنطقة، وذلك في حال قرر نتنياهو أن الحرب ضد لبنان قد تنقذه من مشاكله الداخلية؛ ولكن هذا الاحتمال يتم استبعاده لسببين إثنين؛ أولهما أن نتنياهو يؤمن بالعمل الأمني، وليس بالحرب العسكرية..
والثاني لأن نتنياهو في حال دخل حرباً مع لبنان، سيصبح مكشوفاً بالكامل على حاجته الكبرى لإدارة بايدن، وهو أمر يهرب منه نتنياهو.
.. وعليه فإن الحرب مستبعدة؛ وخيمة حزب الله ستتكيف مع الوقت مع الوقائع الموجودة في تلك المنطقة التي تنتظر إيجاد حلول لها في أمد الجميع يعرف أنه ليس قريباً.