الهديل

خاص الهديل: كيف تتوزع مواقف دول لجنة الخماسية بشأن أزمة لبنان.. وهل حصل فعلياً تقدم في اجتماع الدوحة؟

خاص الهديل:

انتهى اجتماع اللجنة الخماسية من أجل لبنان في الدوحة إلى بيان مشترك بين الدول الخمس..

واعتبرت الدوحة البلد المستضيف لجولة مباحثات اللجنة الخماسية، أن مجرد صدور بيان مشترك عن الدول أعضاء الخماسية، يعتبر دليلاً على تقدم في مواقفها باتجاه الحل. ونظرياً يعتبر هذا الاستنتاج صحيحاً؛ لأن الاجتماعات السابقة للخماسية، شابها التباين الكبير بين آراء الدول المشاركة فيها حول كيفية مقاربة الأزمة اللبنانية وكيفية حلها.. فالسعودية كان لديها توجه يقول أن المطلوب حلاً جذرياً للأزمة؛ وأنها لن تشارك بحلول جزئية تكرس واقع غياب الدولة وتبقي الحالة الشاذة في لبنان على حالها.. أما فرنسا، فاعترفت أن المطلوب التعامل بواقعية مع “الأمر الواقع” القائم في لبنان، ولذلك سارت بتصور للحل يدعم ترشح سليمان فرنجبة للرئاسة، طالما أنه مرشح الطرف الأقوى في لبنان؛ وطالما أن القوى الأخرى بالمقابل غير موحدة على مرشح واحد.. ولكن بعد تقاطع القوى المسيحية المعارضة لترشيح فرنجية على ترشيح جهاد أزعور؛ اهتز مجمل التبرير الذي قدمته باريس لسبب ترشيح فرنجية؛ وأعلن لودريان أن باريس وسيط نزيه وليس لديها مرشح لرئاسة الجمهورية..

..أما قطر، فهي مبدئياً تسير بفكرة دعم ترشيح العماد جوزاف عون، بوصفه “مرشح تسوية ثالث”؛ وبوصفه مرشحاً تنطبق عليه الصفات التي وضعتها اللجنة الخماسية لفخامة الرئيس المقبول دولياً وعربياً. وإلى حد كبير تؤيد القاهرة أيضاً ترشيح قائد الجيش، وذلك انطلاقاً من مبدأ أن المواصفات التي وضعتها اللجنة الخماسية لرئيس الجمهورية في أول اجتماع لها في باريس، تنطبق على قائد الجيش، وليس على سليمان فرنجية.. في حين أن واشنطن ظلت مشاركتها في الخماسية دون مستوى الدور الجدي، الأمر الذي أشاع جواً يقول أن حل أزمة لبنان ليس أولوية لواشنطن في هذه المرحلة.

والواقع أن خارطة المواقف هذه كانت ولا تزال هي السائدة خلال اجتماع اللجنة الخماسية في الدوحة؛ مع تغييرات بسيطة طرأت عليها: 

التغير الأول هو انفتاح الرياض على البحث في حل لأزمة رئاسة الجمهورية، ولكن لا تزال تعتبر أن هذا الحل يجب أن يأتي ضمن سلة إصلاحات..

.. بمعنى آخر لم تعد الرياض عند موقفها السابق غير المستعد للنقاش بحل الأزمة في لبنان إلا بتوفر شرط أن يكون الحل جذرياً ويطال معالجة الأسباب العميقة للأزمة ولانهيار الدولة؛ ولكن ما تقدم لا يعني أن الرياض بدلت موقفها بشكل جوهري، بل باتت معنية بالتعامل على مراحل مع حل أزمة لبنان.

والواقع أنه كلما كانت الرياض جزء فاعلاً من التكتيكات التي تجمع عليها اللجنة الخماسية للحل في لبنان، كلما تم اعتبار أن ذلك تقدماً جوهرياً لعمل اللجنة.. فداخل الخماسية هناك قناعة من كل دولها، تفيد بأنه لا يمكن توقع نجاح أي حل دولي – إقليمي للأزمة اللبنانية، من دون وجود دعم عملي ومعنوي له من قبل المملكة العربية السعودية.

وبنفس المقدار هناك قناعة داخل الخماسية بأن الحراك الفرنسي في لبنان، من دون غطاء أميركي جدي له – وليس فقط لفظي- سيظل حراكاً ناقصاً وغير منتج ..

وما حصل في اجتماع اللجنة الخماسية بالدوحة هو أن واشنطن مع الدول الأخرى فيها، لم تدعو فقط إلى الاستعجال بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، بل هددت أيضاً – حسب التسريبات – بفرض عقوبات على معرقلي عملية انتخاب فخامة الرئيس..

.. ولكن يظل من المهم في هذا المجال تفخص مدى جدية إدارة بايدن بالالتزام بفرض عقوبات على القوى والشخصيات اللبنانية المعرقلة لانتخاب رئيس الجمهورية، لأن أية عقوبات دولية ضد هؤلاء، لا تسير بها واشنطن، لن يكون لها التأثير السياسي المطلوب في لبنان… 

وفي هذا المجال تقول أوساط مطلعة أن إدارة بايدن في ليبيا، تحدثت عن فرض عقوبات على معرقلي الانتخابات هناك التي كان مفترض عقدها نهايات العام الماضي؛ ولكن واشنطن لم تنفذها رغم أن القوى السياسية عرقلت عقد الانتخابات، ولا زالت تعرقلها حتى الآن.. وحينما تمت مراجعة إدارة بايدن لمعرفة السبب الذي جعلها لا تنفذ العقوبات التي سبق وهددت بها؛ ردت الإدارة بأن واشنطن تفضل فرض “ضغوط سياسية” على القوى الليبية المعرقلة للانتخابات، وليس فرض “عقوبات مادية”..

وترى هذه الأوساط أن واشنطن حتى لو هددت بفرض عقوبات على المعرقلين اللبنانيين لعقد انتخاب الرئيس؛ إلا أنها لن تسير بهذا الخيار، بل أقصى ما ستفعله هو فرض ضغوط سياسية على المعرقلين!!.

Exit mobile version