تناول مركز بحثي إسرائيلي الأزمة المشتعلة عند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة بين الاحتلال الإسرائيلي و”حزب الله” في لبنان، والتي وضعت “إسرائيل” أمام معضلة كبيرة، يتطلب حلها الدمج بين العمل السياسي والعسكري.
وذكر “مركز بحوث الأمن القومي” التابع لجامعة “تل أبيب”، في تقديره الاستراتيجي الذي شارك في إعداده كل من أورنا مزراحي ويورام شفايتسر، أن “حجم الاستفزازات التي يقوم بها حزب الله على طول الحدود وخلفها زادت في الأشهر الأخيرة بالموازاة مع جهود جيش الاحتلال لاستكمال العائق على الحدود مع لبنان، ما زاد الخوف من التدهور نحو مواجهة عسكرية”.
وأشار التقرير إلى أنَّ “الحديث يدور عن توسيع تواجد مقاتلي حزب الله على طول الحدود، في محاولة لاجتياز الخط الأزرق الذي حددته الأمم المتحدة كخط انسحاب إسرائيل من لبنان في 2000؛ لتخريب العائق الإسرائيلي أو التشويش على عمل الجيش لاستكماله”.
معادلة جديدة
ورأى المركز في تقديره أنّ “الاحتكاكات التي يقوم بها حزب الله وحدّة تهديداته، تعكس الإحباط من إقامة العائق على طول الحدود، إلى جانب الثقة الذاتية للحزب التي برزت منذ تهديد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله لمنصة الغاز الغاز كاريش”.
وقدر المركز أن “نصرالله مستعد للمخاطرة بعد رؤيته للأزمة الداخلية الشديدة المشتعلة في إسرائيل منذ تشكيل الحكومة الحالية، والتي تبشر بضعف عسكري، وتقديره بأنه لا توجد لحكومة الاحتلال أي مصلحة أو قدرة في الوقت الحالي على مواجهة عسكرية مع حزب الله، وأيضاً التوتر المتزايد بين تل أبيب وواشنطن، ما يعزز هذه الرؤية، والاستنتاج؛ أن إسرائيل ستستوعب استفزازاته أكثر مما كان في السابق لتجنب التدهور نحو الحرب”.
ونبه المعهد إلى أن “حزب الله غير معني بمواجهة عسكرية واسعة، وربما أن عدد أيام المواجهة ستخدم جهوده في ترسيخ صورته كمدافع عن لبنان وستعزز مكانته، من دون المخاطرة برد إسرائيلي يؤدي إلى حرب. لذلك، فإن الأحداث الأخيرة تعتبر فرصة بالنسبة له لتحسين صورة صموده”.
وأوضح أن “لدى حزب الله هدف مزدوج؛ فعلى المستوى الاستراتيجي فهو معني بأن يحسن بشكل متراكم ميزان الردع أمام جيش الاحتلال لصالحه، وعلى المستوى الميداني، يعمل على توسيع سيطرته على الحدود، ضمن أمور أخرى، كي يخلق لنفسه نقطة انطلاق أفضل إذا قرر تطبيق خطته في اختراق الحدود بواسطة قوة الرضوان، وهي قوات الكوماندوز لحزب الله”.
خطر التصعيد
في موازاة ذلك، فقد ذكر المعهد أن “نصرالله يريد استغلال ما اعتبره ضعف إسرائيل، لتعزيز مكانة الحزب أمام المعارضين في لبنان، الذي يشهد أزمة داخلية”.
وزعم المعهد، أن “لبنان وخلال اتصالات مع جهات دولية حاولت حل قضية الخيم، أكد وجود خروقات لإسرائيل على حدود لبنان، والتي تحتاج إلى التعديل، مع التأكيد على الخرق الأساسي، وهو احتلال قرية الغجر. وخلال ذلك، الجهات اللبنانية طرحت الحاجة إلى التوصل لاتفاق على ترسيم كل الحدود البرية مع لبنان”.
ومن ناحية حزب الله، فإن “إجراء مفاوضات حول ترسيم الحدود البرية كلها تخلق معضلة، لأن إجراء مفاوضات سياسية مع إسرائيل يناقض رؤية الحزب بخصوص شرعية وجود إسرائيل بشكل عام والتفاوض معها بشكل خاص”. وبحسب المعهد، فإن “فرص استكمال المفاوضات السياسية بين إسرائيل ولبنان منخفضة إزاء اختلافات عميقة في الآراء بين الطرفين حول الـ 13 نقطة التي تقع على طول الحدود، وقد بقي في يد حزب الله القدرة على إفشال المحادثات في أي مرحلة يختارها”.
وخلص المعهد في دراسته إلى أنه “يجب على إسرائيل أن تتبنى سياسة تدمج بين العمل السياسي والعسكري، وعليها أن تحافظ على مشاركة دولية في تهدئة حزب الله ومنع مواجهة عسكرية، التي يمكن أن تلحق الضرر بإسرائيل ولبنان أيضاً”، وأضاف: “لذلك، يجب على إسرائيل أن تعلن عن موافقتها على المشاركة في مفاوضات سياسية مع الطرف اللبناني لحل الخلافات على طول الحدود وترسيم حدود ثابتة ومتفق عليها. في موازاة ذلك، يجب على إسرائيل الاستمرار في إقامة العائق على طول الحدود وعدم الاكتفاء بخطوات التحذير والإشارة إلى أنها وصلت لحدود صبرها”.
كذلك، فقد لفت المعهد إلى أنّ “الجيش الإسرائيلي مطالب بأن يعد عدداً متنوعاً من الردود العسكرية المحددة (بما في ذلك نشاطات غير علنية) من أجل التوضيح لحزب الله، أن إسرائيل مستعدة لزيادة ردودها وأن نصرالله يخطئ في تقديره المتعلق بنقص القوة العسكرية وقدرة تل أبيب على أن تجبي منه ثمنا باهظاً، وأن هذه النشاطات لا تنطوي على خطر التصعيد وأنه يجب على الجيش الإسرائيلي الاستعداد لذلك”.
تعزيز الإنتشار العسكري
ومؤخراً، ذكرت صحيفة “معاريف” الإسرائيليّة أنَّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي قام بجولةٍ عند الحدود مع لبنان، أمس الثلاثاء، برفقةِ كبار المسؤولين في قيادة الجبهة الشماليّة ضمن الجيش.
وفي تقريرٍ ، أشارت الصَّحيفة إلى أنَّ القوات الإسرائيليَّة بدأت بتعزيز انتشارها وتمركزها عند الحدود مع لبنان اعتباراً من يوم الثلاثاء، مشيرة إلى أنّ هاليفي أجرى تقييماً للوضع مع قادة الجيش واطّلع خلال ذلك على نشاط القوات العسكرية عند الحدود.
وفي تصريحٍ له، أكَّد هاليفي على جهوزيّة الجيش الإسرائيلي ويقظته، مؤكداً أهمية الحفاظ على أمان وإنتظام الحياة اليومية لسكان المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان.
على صعيدٍ آخر، أشارت “معاريف” إلى أنَّ إسرائيل قدّمت إلى لبنان اقتراحاً لحلّ مسألة الخيَم التي نصبها “حزب الله” عند الحدود في مزارع شبعا وإنجاز إتفاقٍ يقضي بتغيير الحدود البرية.
وأتى هذا الطرح إثر زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى تل أبيب الأسبوع الماضي، في حين كشفت “معاريف” أنّ الأخير التقى رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو خلال الساعات الماضية.
في المقابل، نفى مسؤولون إسرائيليون وجود العرض المذكور، وقد أشارت “معاريف” إلى أن الإقتراح الذي قُدّم إلى لبنان من الوسطاء يقضي بتفكيك “حزب الله” الخيَم التي أقامها عند الحدود في مقابل تفكيك السياج الذي أقامه الجيش الإسرائيلي في الجزء اللبناني من بلدة الغجر. وإثر ذلك، كان هناك ردٌّ من لبنان بأنه لا توجد لا توجد مفاوضات بشأن الغجر وأنَّ الخيم التي أقيمت مرتبطة بـ16 متنازع عليها بين لبنان وإسرائيل عند الحدود البريّة بما في ذلك نقطة الـ”B1″. كذلك، فإنّ الجانب اللبناني متمسّك بعدم المساومة على أراضي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر