شكلت حادثة رمي الطفلة الرضيعة ضمن كيس أسود للكلاب على قارعة الطريق بالقرب من بلدية طرابلس والعثور عليها من قبل أحد المواطنين الذي سمع بكاءها وأنينها بينما كان كلب يقوم بجر الكيس، صدمة موجعة للطرابلسيين الذين ما إعتادوا على جرائم من هذا النوع ولم يسبق لهم ان عايشوا مثيلاتها باستثناء حالات نادرة تُرك فيها اطفال أمام دور أيتام أو مساجد أو مخافر..
الجريمة الموصوفة لا تمت الى أخلاق وقيم وعادات الطرابلسيين بصلة، لذلك وبحسب المعلومات الأمنية فإن عددا كبيرا من العائلات تواصلوا مع المستشفى الحكومي لاحتضان ورعاية هذه الطفلة، فيما عبرت بعض الامهات ممن لديهن اطفالا رضّعا عن استعدادهن لإرضاعها الا أن إدارة المستشفى استمهلت المتصلين الى حين انتهاء علاج الطفلة وختم التحقيقات والبت بأمر الطفلة الضحية من قبل القضاء المختص الذي وضع يده على الملف.
في التفاصيل التي توصلت اليها التحقيقات الأولية أن سيدة مجهولة قامت بوضع كيس أسود مثل قلبها فيه الطفلة الرضيعة في محيط بلدية طرابلس، واللافت ان تلك المنطقة تسرح فيها الكلاب الشاردة بأعداد كبيرة لا سيما خلال فترات الليل وحتى ساعات الصباح الأولى، والذين توقفت الشرطة البلدية عن ملاحقتهم بسبب إعتراض جمعيات حماية الحيوانات.
ولم يعرف ما اذا كانت “السيدة الوحش” التي رمت الطفلة وفرت الى جهة مجهولة قد تقصدت رميها في تلك المنطقة لكي تقضي الكلاب عليها وتأكل جثتها أم للفت الانظار اليها، لكن في كل الأحوال فإن الكلب الذي جرها كان أكثر إنسانية أمام وحشية وإجرام من رماها مهما كانت اسبابه ومسبباته.
تدخلت العناية الالهية والهمت المواطن الذي عثر على الكلب يجر الكيس بالكشف عليه ليفاجأ بوجود الرضيعة حيث سارع الى إبلاغ القوى الامنية فتم اخراج الطفلة من الكيس ونقلها الى المستشفى الاسلامي ومنها الى المستشفى الحكومي في القبة حيث خضعت لعلاجات سريعة ووضعت في الحاضنة كونها لا يتجاوز عمرها ايام معدودة وتم تضميد الجراح التي تعرضت لها والتي تسبب فيها جرها على الارض من قبل الكلب، وقد اشارت مصادر طبية الى ان حالتها مستقرة.
الحادثة المروعة التي ضجت بها طرابلس وعبرها كل لبنان تركت سلسلة تساؤلات لجهة: من قام بهذا العمل الشنيع؟ وما هي جنسيته؟، وهل رصدته الكاميرات المنتشرة في محيط البلدية وخصوصا انه كان يحمل كيسا اسودا بداخله الرضيعة؟ وهل ستتمكن التحقيقات من كشف هوية هذا الوحش الذي يعيش بين ابناء طرابلس؟، ثم بعد ذلك ما هو مصير الرضيعة هل ستوضع في دار للرعاية؟ ام سيلبي القضاء واحدا من الطلبات الكثيرة لاحتضانها من قبل عائلات في المدينة؟.
لا شك في أن هذا العمل البربري هو نتاج الفوضى العارمة المسيطرة على المدينة التي تشهد محيط بلديتها وعلى سور حديقتها العامة مرورا بوسطها نحو ساحة التل ونزولا الى الروكسي وعلى طول بولفار فؤاد شهاب أعدادا مخيفة من المتسولين النور الدين تأتي بهم عصابات عند الفجر من مخيماتهم الى طرابلس وتعيدهم ليلا اليها بعدما تجمع منهم الغلة من التسول وبيع المحارم والمياه، إضافة الى بعض الاعمال المنافية للأخلاق وبينهم اطفال من ذكور وإناث وفتيات ونساء باتوا جميعهم معروفون من قبل الشرطة البلدية والقوى الأمنية التي تقف عاجزة امامهم كونها لا تستطيع مكافحتهم وسجنهم وكل ما تستطيع فعله هو توقيفهم لمدة 24 ساعة وتبصيمهم على تعهد بعدم التسول أو ارتكاب اي فعل مناف للأخلاق.
وتشير المعلومات المتوفرة الى أن شكوكا تدور حول إحدى النسوة اللواتي يبقين في في محيط ساحة التل وكانت حاملا وقد غابت لأيام ثم عادت، خصوصا أن الطريقة التي وضعت فيها الرضيعة كانت تهدف الى التخلص منها والقضاء عليها بأكلها من قبل الكلاب، وهذا أمر لم تشهد طرابلس مثيلا له في تاريخها، ما يتطلب قرارا حازما بلديا وأمنيًا بمنع مجموعات النور من اجتياح وسط المدينة بهذا الشكل الفوضوي ما يجعله عرضة لكل أنواع الموبقات، ووضع اكثر من رضيعة على قارعة الطرق في الفترة المقبلة.
المصدر: سفير الشمال