الهديل

خاص الهديل: خفايا غير معروفة من قصة الخلاف الحالي بين باسيل ونصر الله..

خاص الهديل:

رغم أن جبران باسيل قال مؤخراً أن “التحاور” عاد بينه وبين حزب الله لبحث خلافهما حول الاستحقاق الرئاسي، إلا أنه لا معلومات حتى الآن تؤكد حصول اتصالات ملفتة بين الطرفين، أو تدعم صحة ما قاله باسيل..

في حزب الله يقولون أن الاتصال بين الحزب وبين التيار الوطني الحر لم يتوقف بالأساس، فهناك تزاور وأنشطة مشتركة بين القطاعات والهيئات الحزبية التابعة لحزب الله وللتيار العوني، ولكن الذي توقف هو الاتصال بين رأس قيادة الحزب وبين جبران باسيل..

.. بمعنى آخر يريد حزب الله القول أن هناك تفاعلاً وتواصلاً بين قواعد الطرفين الحزبية؛ ولكن التواصل مع باسيل لم يعد موجوداً بشكل رسمي. 

والواقع أن داخل أجواء حزب الله تسود أخبار عن لقاءات لا تزال تجري بين وفيق صفا وجبران باسيل؛ ويتم وصف هذه الزيارات التي يقوم بها صفا لباسيل بأنها ذات طابع شخصي وغير مغطاة من قيادة الحزب، ولكن بنفس الوقت لا تمنعها قيادة الحزب.. 

وأكثر من ذلك، يسود داخل حزب الله كلاماً من نوع أن هناك انقساماً داخل قيادته بين موقفين إثنين؛ الأول يؤيد استمرار العلاقة مع جبران حتى لو كان ذلك على حساب التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية؛ والرجل الأساس الذي يحمل هذه النظرية هو مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا؛ أما الرأي الثاني فهو يبدي تشدداً بالموقف من جبران باسيل كونه بالغ باعتراضه على خيار الحزب بالسير بفرنجية.. ويتحدث أصحاب هذا الرأي الثاني عن ضرورة “تأديب باسيل”. ويقف في مقدمة هؤلاء الحاج حسين خليل المساعد السياسي للسيد حسن نصر الله.  

والواقع أن موقف صفا الإيجابي من باسيل له أسبابه الشخصية، فصفا مضى عليه أكثر من عشر سنوات وهو معتمد رسمياً للتواصل اليومي بين السيد نصر الله وجبران باسيل؛ ومن هنا نشأت بين الرجلين علاقة ود وصداقة؛ كما أن صفا بات مع الوقت يعتبر أن ملف باسيل الذي حمله إياه نصر الله، هو واحد من أهم أسباب نجاحه وصعود دوره السياسي داخل حزب الله. 

ويقال أن هناك كيميا مفقودة بين الحاج حسين خليل وبين باسيل؛ بمقابل أنه يوجد خط ود طويل بين الحاج حسين وبين أبو طوني.. وملف التواصل بين نصر الله وسليمان فرنجية يحمله حسين خليل وليس صفا؛ علماً أنه قبل خروج الحاج “ساجد أبو رضا” من مسؤولياته كمسؤول عن سرايا المقاومة، كان الأخير مكلف من قبل نصر الله بملف التواصل مع فرنجية وأيضاً مع شخصيات وأحزاب مسيحية ودرزية وسنية أخرى. 

ومن كل ما تقدم يبدو واضحاً أن هناك ما يمكن تسميته “بتنافس شكلي” بين قياديي حزب الله على ملفات التواصل بين الحزب وبين الشخصيات الأساسية غير الشيعية في البلد.. ويلاحظ أن كل قيادي لا يقوم فقط بالتواصل بإسم نصر الله مع الشخصية أو الشخصيات المكلف بمتابعة العلاقة معها، بل يقوم أيضاً بالدفاع عن هذه العلاقة داخل الحزب عندما تتعرض للاهتزاز. 

..ولكن طبعاً يبقى القرار النهائي بخصوص لمّ الخلافات عند حدوثها مع حلفاء الحزب أو تصعيدها بيد الأمين العام السيد نصر الله الذي يبدو حتى الآن أنه قرر التعامل مع موضوع التيار الوطني الحر على أساس الفصل بين العلاقة بين الأمين العام وباسيل من جهة، وبين العلاقة بين قطاعات وهيئات الحزب وقواعد التيار الوطني الحر من جهة ثانية.

بمعنى آخر يتردد في الوسط القيادي في الحزب أن علاقة هيئات الحزب التنظيمية مستمرة مع نظيراتها هيئات التيار البرتقالي.. كما أن هناك اتصالات غير رسمية مستمرة مع جبران باسيل عبر وفيق صفا وعبر شخصيات لها صداقات مشتركة مع الحزب ومع باسيل؛ ولكن عودة العلاقة بين السيد حسن نصر الله وجبران باسيل لن تحصل إلا إذا قدم باسيل الثمن السياسي المطلوب منه؛ وهو الموافقة على ترشيح سليمان فرنجية. وبالمقابل فإن نصر الله مستعد بمقابل ذلك أن يقدم لباسيل كل الضمانات السياسية التي يطلبها لنفسه ولتياره.

والواقع أن تجربة باسيل مع حزب الله خلال فترة خلافهما المستمرة حتى الآن مرت بثلاث مراحل: 

في المرحلة الأولى حاول باسيل وضع نصر الله أمام معادلة مفادها: إما أن تتخلى حارة حريك عن ترشيح فرنجية، وإما أن باسيل سيتخلى عن اتفاق مار مخايل.. 

اعتبر نصر الله هذا الطرح بمثابة محاولة مكشوفة من باسيل لابتزازه؛ ما دفعه (أي نصر الله) للخروج إلى الإعلام والقول نحن لا نفرض أنفسنا على أحد؛ وإذا كان التيار العوني يريد التخلي عن اتفاق مار مخايل فليفعل.. 

وهنا فهم باسيل رسالة نصر الله التي تقول له بوضوح أن حارة حريك لن تقبل لعبته الابتزازية هذه.. ومنذ تلك اللحظة سحب باسيل ورقة التهديد بتمزيق ورقة اتفاق مار مخايل من التداول.  

المرحلة الثانية تمثلت بوضع باسيل شرطاً للحوار مع الحزب حول استحقاق رئاسة الجمهورية، وهو أن يجري هذا الحوار على طاولة يسحب عنها حزب الله ترشيح فرنجية، بمقابل أن باسيل ينفتح على التفاوض على إسم ثالث. 

.. وأيضاً رفض نصر الله شرط باسيل هذا، وأصر على وجهة نظره التي تقول أنه مستعد للحوار مع باسيل، إذا سحب الأخير اعتراضه على ترشيح فرنجية واصطف مع حارة حريك في تأييده.. 

وأمام رفض نصر الله هذا، قرر باسيل الدخول بمناورة جديدة لإرغام نصر الله على القبول بوجهة نظره حول كيفية حل الخلاف بينهما؛ وهنا بدأ باسيل يرسل عبر أكثر من قناة لحارة حريك، رسالة تقول أنه في حال لم يسحب الحزب ترشيح فرنجية، فإنه سيتفق مع القوات اللبنانية وكل المعارضات المسيحية، على ترشيح جهاد أزعور. 

في البداية اعتبر الحزب أن باسيل يمارس “لعبة تهويل عليه”، وأنه لن يذهب إلى هذا الحد في كسر الجرة مع نصر الله؛ ولذلك قررت حارة حريك إهمال رسائله وعدم الرد عليها؛ مما دفع باسيل لتنفيذ تهديده، وحصل ما حصل بخصوص إعلانه رسمياً أنه يؤيد ترشيح أزعور. 

واليوم استنفد باسيل كل غايات مناورة ترشيح أزعور، وأصبح أمام وجود حاجة ملحة لديه للدخول بمرحلة ثالثة من العلاقة مع حارة حريك؛ وهو ما يحصل الآن بعد إعلانه عودة التحاور بينه وبين الحزب..

وخلفية كل قصة إعلان باسيل مؤخراً، أن التحاور مع الحزب قد عاد من دون شروط مسبقة، تتمثل في أن باسيل قبِل بأن يعود للحوار مع الحزب من دون شرط أن يسحب حزب الله مسبقاً ترشيح فرنجية، أي أن باسيل تراجع عن شرط أن تقوم حارة حريك بسحب ترشيح فرنجية حتى يقوم من جانبه بالعودة إلى الحوار مع الحزب. 

.. ولكن في حزب الله يقولون أن تراجع باسيل عن شرطه الذي كان يدعو الحزب لسحب ترشيح فرنجية حتى يعود الحوار، لا يؤمن له فرصة اللقاء بنصر الله؛ ذلك أن اللقاء بينه وبين الأمين العام لحزب الله، لن ولم يحصل إلا إذا وافق باسيل على شرط نصر الله المسبق والنهائي ومفاده أن يؤيد ويدعم (أي باسيل) ترشيح فرنجية..

 

Exit mobile version