الهديل

“حرب الرقائق” بين بكين وواشنطن في “مرحلة حرجة” – ماذا يحدث؟

يبدو أن القيود الأميركية المفروضة على تصدير المواد المتقدمة اللازمة لصناعة الرقائق الإلكترونية إلى الصين باتت تؤتي ثمارها؛ حيث تعاني مصانع وشركات صينية من تعثر في عملها، وفق إعلام محلي.

 

وسلط تقرير نشرته صحيفة “ساوث تشينا مورنينغ بوست” الصينية (مقرها هونغ كونغ)، السبت، الضوء على أزمات تتعرض لها المصانع جراء هذه القيود، ومنها نقص الكوادر، والعجز عن توفير قطع الغيار.

 

وقالت الصحيفة، إن بعض الشركات تعاني أزمات مالية طاحنة، وهي على وشك الانهيار بسبب توقفها عن العمل، وتواجه الصين اضطرابا في الصناعة نتيجة العقوبات الأميركية.

وتفصيلا قالت بشأن الأسباب وحال الصناعة:

 

الشركات تجد صعوبة في تأمين قطع الغيار لمعداتها المستوردة، وهناك صعوبة في توفير قطع غيار المعدات التي اشترتها بالفعل.

الشركات تحاول أن تحصل على قطع الغيار من صناع محليين، لكن الأمر مستحيل.

هناك أزمة أيضا في الخبرات الممارسة للمهنة بسبب سحب أميركا مواطنيها العاملين في الصين.

من المقرر أن يستمر الحظر المفروض على واردات الصين من معدات الرقائق؛ حيث انضمت هولندا واليابان إلى الولايات المتحدة في فرض العقوبات.

وعلى هذا فإن الصين يجب أن تستعد لمنافسة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة.

في نفس الوقت، هناك أزمة تخص الشركات الأميركية المصدرة للمعدات إلى الصين؛ لأنها ملتزمة بعقود توريد، ووقفها يعني خسارة كبيرة.

مع تصعيد واشنطن وحلفائها لقيود تصدير الرقائق إلى الصين في السنوات الأخيرة، اضطرت بكين للرد عليهم بشكل مزودج، شمل إجراءات انتقامية من شركات أميركية، والعمل على توطين الصناعة.

 

ومن هذه الإجراءات:

 

فرضت الصين حظر على مبيعات منتجات معينة من شركة “ميكرون” الأميركية لصناعة رقائق الذاكرة.

فرضت حظر على تصدير المعادن النادرة التي تملكها، وخاصة الجاليوم والجرمانيوم، وهما ضروريان لتصنيع الرقائق.

وضعت إستراتيجية وطنية، تشمل التعاون بين القطاعين العام والخاص، لتطوير اقتصاد رقمي قوي وسوق محلي سريع النمو؛ لتوفير فرصة لصناعة الرقائق في الصين، وتحديث تقنياتها محليا دون اللجوء للأجانب.

تطوير نظام جديد خاص بصناعة الرقائق، مع التركيز على البحوث، وتحقيق أهداف فنية محددة جيدا تجعلها تملك قواعد أساسية لهذه الصناعة.

الاحتكار يضر الجميع

 

لكن عملية إحلال الماكينات المعتمدة على تكنولوجيا الغرب بتكنولوجيا محلية قد يستغرق وقتا طويلا.

 

وحول هذه النقطة يقول الخبير الاقتصادي يوسف التابعي لموقع “سكاي نيوز عربية”:

 

تكنولوجيا الرقائق حول العالم لم تستطع دولة أن تنفرد بها وحدها.

بكين في حاجة لواشنطن، والعكس صحيح.

الصين تملك المعادن اللازمة لهذه الصناعة وتسيطر على موطنها في بعض الدول، وأميركا تملك تكنولوجيا التصنيع والمعدات، والتنافس يجب أن يكون شريفا، وإلا سيتضرر الجميع.

فمثلا، إذا أوقفت الصين تصدير المعادن فسيقل إنتاج الرقائق للنصف، وإذا حرمت أميركا الصين من التكنولوجيا المصنعة فستكون ضربة قوية لاقتصاد بكين.

هذه المعركة ليس لها نهاية، وإذا انفردت دولة بالتصنيع من البداية للنهاية ستمتلك العالم حرفيا.

ولذا، يجب أن يكون هناك اتفاقا منظما لهذه الصناعة يرضي الجميع.

لا فائز ولا خاسر

 

يتفق الخبير في تكنولوجيا المعلومات، عبد الرحمن داوود، مع زميله فيما يخص صعوبة أن تحتكر دولة بعينها صناعة الرقائق، وخاصة أنها شديدة التعقيد، وخطر وصول المنافسة بين واشنطن وبكين إلى مرحلة غير شريفة.

 

ويضيف لـ”سكاي نيوز عربية” موضحا مستقبل الصناعة والسباق بشأنها:

 

صناعة الرقائق في المستقبل ستكون أهم من صناعة النفط، وستحرك سوق التكنولوجيا بأكمله في وقت قصير.

ولذلك، فإن هذه الصناعة يجب أن تعامل معاملة العلوم الطبية والتشريحية؛ أي متاحة للجميع.

التعاون بين بكين وواشنطن أمر ضروري؛ فلن يكون هناك فائز وخاسر، وتبادل حجب ما تملكه كل دولة عن الأخرى نتيجته أن الكل سيكون مهزوما في هذه الحرب.

الصين بدأت بالفعل في تطوير صناعتها محليا، لكنها ستستغرق سنوات حتى تستطيع الاعتماد على نفسها.

Exit mobile version