الهديل

توصيات ديفيد هيل في ورقة لـ”بناء سيادة لبنان ودولته

توصيات ديفيد هيل في ورقة لـ”بناء سيادة لبنان ودولته

قدّم السفير الأميركيّ السابق في لبنان ديفيد هيل ورقة سياسيّة عن لبنان في مركز ويلسون، وموضوعها “بناء سيادة لبنان وبناء الدولة”، تضمّنت مجموعة من التوصيات توصّل إليها أثناء زيارته إلى لبنان العام الماضي مع فريق عمل برنامج الشرق الأوسط في المركز، حيث التقى عدداً كبيراً من السياسيين وأصحاب الرأي في لبنان وخارجه، معتبراً أنّها توصيات سياسيّة قابلة للتطبيق، للبنان والولايات المتّحدة والجهات الفاعلة الإقليميّة والدوليّة، لمعالجة المأزق السياسيّ والانكماش الاقتصاديّ. التوصيات تمّ استخلاصها بعد عرض للأزمة، وتتدرّج بنودها على سبيل تقديم مقاربة يمكن اعتمادها للحلّ، من أهل السياسة في لبنان والخارج. 

يستند “الكتاب الأبيض”، كما سمّي، إلى بيانات ومؤشّرات التقارير الدوريّة الدوليّة المختلفة الصادرة خلال السنوات الأربع الماضية. قدّمها برنامج الشرق الأوسط (MEP) التابع لمركز ويلسون في إطار منتدى أفكار لبنان، وتتضمّن الورقة أفكاراً تمّ جمعها من خلال سلسلة من اجتماعات المائدة المستديرة. مناقشات مع السياسيّين والمسؤولين اللبنانيّين وأعضاء المجتمع المدنيّ، وكذلك مع الدبلوماسيّين الأجانب والأكاديميّين وخبراء السياسة وقادة من الجالية اللبنانيّة الأميركيّة. تركّزت المناقشات على الوضع السياسيّ في لبنان، مع التركيز على المشاكل الأساسيّة للدولة، والسيادة، والحكم، وانتخاب رئيس، وتشكيل حكومة فاعلة، والسعي إلى إصلاحات عاجلة، فضلاً عن التحدّيات والفرص الاجتماعيّة والاقتصاديّة. كما استكشفت المناقشات البعد الدوليّ للنظر في تأثير الفاعلين الخارجيّين، بما في ذلك الولايات المتّحدة وفرنسا ودول المنطقة.

 

التطوّرات السياسيّة في لبنان

١ – إنّ انتخاب رئيس وتعيين رئيس للوزراء وتشكيل حكومة فاعلة هي خطوات أساسيّة متتالية لتحقيق الاستقرار في لبنان، لكنّ “صفقة شاملة” لتعزيز السيادة والإصلاح هي مفتاح الاستقرار على المدى الطويل.

في لبنان، يُعتبر انتخاب الرئيس جزءاً من مفاوضات مطوّلة حول اختيار الرئيس ورئيس وزراء ومجلس وزاريّ، وكلّ ذلك جزء من “صفقة شاملة”، بما في ذلك السياسات التي سيتمّ تبنّيها والتعيينات التي سيتمّ إجراؤها. ستكون طبيعة هذه الصفقة ذات أهميّة كبيرة للبنان في هذه المرحلة. بينما تحرم الأزمة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والماليّة التي تجتاح لبنان قادته من ترف الوقت، سيجدون صعوبة في التوصّل إلى اتّفاق في البرلمان المعلّق. يجب أن يظلّ أعضاء البرلمان الموجّهون نحو الإصلاح وضدّ الهيمنة الإيرانية متّحدين ويمارسون نفوذهم للحصول على أفضل صفقة ممكنة، مع التركيز على التزامات سياسيّة، وليس فقط شخصيّات المرشّحين للمناصب العليا.

 

٢- على القادة السياسيّين في لبنان النظر في تعديل دستوريّ يتطلّب انتخاب رئيس يخلفه قبل نهاية فترة الرئاسة.

يولّد النظام السياسيّ في لبنان أزمة كلّ ستّ سنوات في شأن انتخاب رئيس. ومع ذلك، فإنّ التسامح مع وجود منصب شاغر في الوقت الذي تنخرط فيه الفصائل السياسيّة في سياسة حافّة الهاوية هو ظاهرة جديدة نسبيّاً يعود تاريخها إلى عام 1988، ما يعكس تآكلاً في احترام مؤسّسات الدولة. يجب النظر في تعديل دستوريّ لضمان انتخاب رئيس جديد في الوقت المناسب قبل نهاية فترة ولاية شاغل المنصب، على غرار إجراءات انتخاب رئيس البرلمان، بمجرّد تولّي المسؤولين المفوّضين مناصبهم.

 

٣- يجب أن يركّز النهج التدريجيّ لتأسيس سيادة الدولة في البداية على سيطرة الدولة على حدود لبنان وموانئه ومطاراته.

بينما نصّ اتفاق الطائف على نزع سلاح جميع الميليشيات، احتفظ “حزب الله”، بحماية سوريّة، وبأسلحته بذريعة “مقاومة” إسرائيل، حتّى بعد انسحاب الجيش الإسرائيليّ في العام 2000. وقد استخدم تلك الأسلحة ضدّ اللبنانيّين لدفع أجندته السياسيّة الداخليّة بالتنسيق مع سوريا وإيران. في حين أنّ المطالب بنزع سلاح “حزب الله” يجب أن تكون مستمرّة، إلّا أنّه في الوقت الحاضر لا يوجد مسار واقعيّ لتحقيق هذه الغاية. ومع ذلك، يجب ممارسة الضغط لتمكين الدولة اللبنانيّة – الجيش وقوى الأمن الداخليّ وأجهزة الدولة الأخرى – من السيطرة على جميع حدود وموانئ ومطارات لبنان، ربّما بدعم من قوّة الأمم المتّحدة الموقّتة في لبنان (اليونيفيل). يجب تبنّي هذه الأهداف كجزء من أيّ صفقة شاملة لإنهاء المأزق السياسيّ الحاليّ؛ سيتطلّب التنفيذ دعماً دوليّاً وإقليميّاً مستداماً.

 

٤- يجب أن تحصل اللامركزيّة على جلسة استماع.

هناك مجموعة متنوّعة من المقترحات اللامركزيّة والفيدراليّة، وكلّها لها إيجابيّات وسلبيّات، وتعكس الطبيعة المجزّأة للمجتمع اللبنانيّ، واستياء من هيمنة جماعة مسلّحة واحدة، “حزب الله”. ومن المفارقات أنّ اللامركزيّة يمكن أن تعزّز السيادة ومؤسّسات الدولة، والدعم الشعبيّ لها، من خلال توضيح السلطات والمسؤوليات المنوطة بالدولة الموحدة والتي تُركت للمجتمعات المحلية. يجب التغلب على عدد من العقبات ، بما في ذلك الافتقار إلى الحوكمة والقدرة الإدارية على مستويات البلديّات، لكنّ هذا البند غير المكتمل من جدول أعمال اتّفاق الطائف يستحقّ دراسة متجدّدة.

 

٥- التحدّيات والفرص الاجتماعيّة والاقتصاديّة والماليّة في لبنان.

لا خيار أمام القادة اللبنانيّين سوى إجراء إصلاحات اقترحها صندوق النقد الدوليّ من أجل وضع لبنان على طريق الثقة والازدهار.

لا توجد طرق مختصرة حول برنامج صندوق النقد الدوليّ أو عمليّات هبوط سهلة لأزمة بهذا البعد. يشعر بعض القادة اللبنانيّين بارتياح كاذب من اتّجاهات مثل تجدّد تدفّقات التحويلات الماليّة ودولرة الاقتصاد، زاعمين أنّ هذه الاتّجاهات تتجنّب الحاجة إلى إصلاحات مؤلمة. ومع ذلك، فإنّ ما يحدث في الواقع هو إنشاء سوق سوداء أكبر لرأس المال والعمالة والخدمات، ما يعزّز المشاكل الأساسيّة لسوء الإدارة واختلاس السيولة اللبنانيّة. من دون استعادة الثقة بالعملة اللبنانيّة والبنك المركزيّ والقطاع الماليّ، ستهيمن الجهات السيّئة بشكل متزايد على الاقتصاد والسياسة في لبنان على حساب الدولة، والتي ستستمرّ في التفكّك في غياب الإيرادات والأهميّة. يجب ترك تفاصيل اتّفاق صندوق النقد الدوليّ والحكومة اللبنانيّة لهذين الطرفين، فأي إصلاحات متّفق عليها يجب أن تكون مستدامة سياسيّاً، وأيّ تكاليف يتمّ تقاسمها بشكل منصف في المجتمع اللبنانيّ. ومع ذلك، لا يوجد بديل لمثل هذه الإصلاحات الهيكليّة. إنّ تبنّي برنامج صندوق النقد الدوليّ ليس ضروريّاً فقط للحصول على قروض صندوق النقد الدوليّ، بل إنّه يوفّر ختم موافقة “حسن التدبير الداخليّ” الذي يمكن أن يتيح المساعدة من العديد من المصادر الدوليّة الأخرى في القطاعين العامّ والخاصّ.

 

٦- إنّ تعيين حاكم لمصرف لبنان المركزيّ ملتزم بإعادة الثقة إلى السياسة الماليّة والنقدية للبنان، والوفاء بمعايير مجموعة العمل الماليّ (FATF)، أمر ضروريّ.

بمجرّد تعيين رئيس وحكومة جديدَين في مكانهما، سيتمّ اختيار حاكم جديد للمصرف المركزيّ. سيكون هذا الاختيار بمثابة اختبار مبكر لالتزام القيادة السياسيّة بالإصلاح الحقيقيّ. يجب أن يتمتّع الشخص المعيّن بالخبرة والملفّ الشخصيّ اللذين سيساعدان في استعادة الثقة المحليّة والدوليّة في المنصب، وتمكين شاغل الوظيفة الجديد من العمل مع الحكومة لتحقيق الاستقرار في عملة البلاد والاحتياطيات الأجنبيّة وإصلاح القطاع الماليّ. ستتطلّب استعادة الثقة الدوليّة في القطاع الماليّ اللبنانيّ التعاون مع سلطات مجموعة العمل الماليّ الدوليّة لضمان التزام لبنان بأعلى معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما يصبّ في مصلحة لبنان.

 

٧- يمكن أن يؤدّي إنشاء صندوق ثروة سياديّة إلى حماية الإيرادات المتولّدة من ودائع الطاقة في الخارج.

مع تسارع تطوير حقول الغاز البحريّة المحتملة في لبنان، سيكون من الضروريّ للرئيس المقبل والحكومة حماية أيّ عائدات ناتجة عن إنتاج الطاقة من الفساد أو سوء التخصيص. بصرف النظر عن السلوك الاجراميّ، ينبغي مقاومة إغراء استخدام هذا الدخل لمعالجة أزمات الإيرادات الحكوميّة قصيرة الأجل. توجد العديد من النماذج لأنواع صناديق الثروة السياديّة التي يمكن أن تضمن عدم تبديد هذا المصدر المحتمل الجديد للثروة.

 

٨ – يجب تعزيز مشاركة المغتربين من خلال صندوق استثمار .

تتمثّل إحدى طرق تقوية القطاع الخاصّ اللبنانيّ في تعزيز ريادة الأعمال والاستفادة من الشباب اللبنانيّ، من خلال إنشاء صندوق استثماريّ حاضن لهم. يمكن رعاية هذا الصندوق من قبل الدول المانحة مثل الولايات المتّحدة وفرنسا وألمانيا، وكذلك من قبل الحلفاء الإقليميّين بما في ذلك الإمارات العربيّة المتّحدة والمملكة العربيّة السعوديّة وقطر. يمكن للاغتراب اللبناني أن يلعب دوراً حاسماً من خلال استثمار رأس المال والمساهمات العينيّة من مواهبه الكبيرة. يمكن إدارة الصندوق من قبل مجلس إدارة يضمّ قادة أعمال، وممثلين عن منظّمات المجتمع المدنيّ، والأوساط الأكاديميّة، والمؤسّسات التعليميّة، وتوجيه الأموال الأوّليّة كحصص أو قروض للشركات الناشئة ورواد الأعمال في جميع أنحاء لبنان، مع إعطاء الأولوية للنساء والشباب.

 

سياسة الولايات المتّحدة والسياق الدوليّ

 

٩- يجب على القادة اللبنانيّين وضع خطط ملموسة لمعالجة الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة، ومن ثمّ السعي للحصول على الدعم الدوليّ.

في حين أنّ الطبيعة المجزّأة للبنان تعني أنّ الإجماع بعيد المنال تقريباً، فمن غير المرجّح أن يشارك المسؤولون الأميركيّون والغربيّون بشكل هادف ما لم يتمّ تطوير ومتابعة مسارات عمل ملموسة من قبل قادة لبنانيّين شرعيّين، مدعومين بتيّارات قويّة من الدعم المحليّ. لن تكتسب النداءات الفرديّة للعواصم الغربيّة لحلّ المشاكل اللبنانيّة أثراً من دون مقترحات مجدية ومستدامة “تُصنع في لبنان” وتجمع القوّة الداخليّة بمساعدة خارجيّة.

 

١٠- يجب على القادة الأميركيّين أن يدركوا أنّ الشرق الأوسط هو مسرح حملة واحد مع خطوط الصدع التي تمرّ عبر لبنان. تجاهل هذه الحقيقة له عواقب.

يتناقض “النطاق التردّدي” المحدود للمسؤولين الأميركيّين في لبنان، مع التركيز الأكثر كثافة للاعبين الإقليميّين مثل إيران وسوريا وإسرائيل. لبنان ساحة للصراعات الإقليميّة، والإهمال الأميركيّ للبنان لن يؤدّي إلّا إلى تقوية خصوم الولايات المتّحدة. لا يُفضّل التدخّل الأميركيّ المفرط أو الانسحاب من الميدان. بدلاً من ذلك، يجب الحفاظ على التواصل الدبلوماسيّ الثابت لتقليل وعكس المكاسب الجوهريّة التي حقّقتها القوى المؤيّدة لإيران والمناهضة للديمقراطيّة في لبنان، خلال التاريخ الطويل لإذعان السياسة الأميركيّة لسوريا (قبل عام 2003)، أو الإهمال المقارن للبنان (منذ عام 2008). على كبار المسؤولين الأميركيّين زيارة لبنان، وينبغي تشجيع القادة اللبنانيّين الذين يشاركون #أميركا رؤية الشرق الأوسط، على زيارة واشنطن. يجب أن تكون الدبلوماسيّة الأميركيّة في ما يتعلّق بلبنان نشطة، ليس فقط في ذلك البلد ، ولكن في حواراتنا مع اللاعبين الإقليميّين والدوليّين الرئيسيّين. إذا سمعت الأطراف الأخرى – بما في ذلك الخصوم – مسؤولين أميركيّين يعتبرون لبنان منطقة ذات اهتمام، فسوف يتصرّفون وفقاً لذلك.

 

١١ – يجب نشر #العقوبات لدعم أهداف سياسيّة متماسكة وقابلة للتحقيق، وليس كبديل للسياسة، وينبغي استخدام التقويم المنتظم لتأثيرها على السلوك المتغيّر لتعديلها وفقاً لذلك.

لقد كانت العقوبات جزءاً لا يتجزّأ من سياسة الولايات المتّحدة تجاه الأطراف السيّئة في لبنان، وتحظى بدعم قويّ من الحزبين في واشنطن. الأمر الأقلّ وضوحاً هو كيف قاموا ماديّاً بتقديم أهداف سياسيّة واضحة المعالم. يمكن أن يكون التهديد بفرض عقوبات أكثر فعاليّة في تحقيق أهداف دبلوماسيّة محدّدة من تطبيقها. يجب تقويم العقوبات المصمّمة لتعزيز أهداف مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بانتظام، مقارنة بالبيانات لمعرفة ما إذا كان قد تمّ تحقيق هذه الأهداف بالفعل. كما ينبغي النظر في فرض عقوبات على اللبنانيّين الذين يعرقلون المساءلة القضائيّة عن تفجير ميناء بيروت عام 2020.

 

١٢- يجب إعادة تأسيس الشراكة الأميركيّة السعوديّة اللبنانيّة كحجر أساس لأيّ سياسة لمواجهة النفوذ الإيرانيّ.

في اللحظات الحاسمة في التاريخ، كان أحد أركان النجاح في تعزيز المصالح الأميركيّة في لبنان، والمشرق هو التنسيق الأميركيّ السعوديّ مع اللبنانيّين ذوي التفكير المماثل. إنّ فهماً أعمقَ أميركيّاً – سعوديّاً للأهداف المشتركة والالتزام بخطوات محدّدة لتعزيز السيادة اللبنانية والدولة من شأنه أن يملأ الفراغ الحاليّ الذي يستغلّه وكلاء لإيران والسعوديّة. يمكن أن يوفّر هذا التفاهم منصّة للتنسيق مع اللاعبين الإقليميّين الآخرين، مثل قطر والإمارات العربيّة المتّحدة ومصر.

 

١٣- أدّى وجود ما يقدّر بنحو 1.5 مليون أو أكثر من اللاجئين السوريّين في لبنان إلى فرض تكاليف باهظة وفاقم الأزمة الاجتماعيّة والاقتصاديّة في البلاد؛ لا توجد حلول سريعة، ولكن يجب على صانعي السياسات إيلاء اهتمام أكبر للوضع الراهن الذي يحطّ من قدر اللاجئين والمجتمعات المضيفة.

يجب أن تظلّ المعايير الدوليّة لحماية اللاجئين مصونة، لكنّها تأتي بثمن باهظ على لبنان والمجتمعات المضيفة له. إذا لم يكن هناك أفق واقعيّ لعودة اللاجئين السوريّين على نطاق واسع إلى سوريا أو العودة إلى بلد ثالث، فإنّ مستقبل كلّ من لبنان ومجتمعات اللاجئين قاتم. لا يمكن لأيّ قدر ممكن من المساعدة الإنسانيّة أن يخفي هذا الواقع. يجب على القادة الأميركيّين والأوروبيّين والعرب دمج هذه المعضلة في حواراتهم السياسيّة والدبلوماسيّة واستكشاف مناهج أكثر إبداعاً ومرونة لمشكلة اللاجئين قبل الوصول إلى أعماق جديدة من الأزمة السياسيّة والتدهور الإنسانيّ.

 

وتخلص الورقة إلى أنّه “لا يوجد دواء سحريّ لمجموعة التحدّيات المتشابكة التي يواجهها لبنان اليوم، والسعي وراء التوصيات المقدّمة هنا لن يحلّها بمفرده. المأزق اللبنانيّ في تعقيده الطائفيّ يجعل الحكم والسلطة المشاركة صعبة في أفضل الأوقات، وهذه ليست أفضل الأوقات. علاوة على ذلك، لا يستطيع لبنان الهروب من حقيقة أنّه منسوج في نسيج الشرق الأوسط، مستفيداً من ثقافته الغنيّة والمعقّدة، لكنّه يعاني أزماته وصراعاته وخطوط صدعه. كانت المشاركة الأميركيّة مفيدة في بعض الأحيان. ومع ذلك، فإنّ فترات الإهمال والانسحاب لم تشهد سوى توسيع نطاق وصول أعداء أميركا في لبنان – مثل إيران اليوم – والجهات الفاعلة المحلّيّة المعادية للمصالح الأميركيّة التي تغذّت وسرّعت من تآكل الدولة والسيادة.

يتمثل التحدّي الذي يواجه القادة اللبنانيّين وصنّاع القرار الأميركيّين في تجاوز الخطاب الذي يعارض هذه الاتّجاهات وتبنّي إجراءات ملموسة وواقعيّة لدفع رؤية بديلة للبلاد”.

 

فاذا كانت الكنيسة القريبة لا تشفي وفق المثل اللبنانيّ، فإنّ ” كنائس” أخرى تحظى بتقبّل واسع من كافة الأطياف اللبنانيّين، تقدّم مساهماتها علّها تشكّل طريقاً تسترشد القوى السياسيّة ببعض بنوده أو مقترحاته

Exit mobile version