الهديل

خاص الهديل: إسرائيل دخلت مرحلة اللاعودة بين “الأغلبية اليمينية” وباقي “سكانها اليهود”!!

خاص الهديل:

تجاوز بنيامين نتنياهو أمس كل الحواجز العالمية والداخلية التي وضعت أمامه لثنيه عن تمرير “قانون الحد من المعقولية” في الكنيست. ومعروف أن هذا القانون الذي تم إقراره أمس بأغلبية ٦٤ نائباً، يحد من قدرة المؤسسات القضائية الإسرائيلية، بما فيها المحكمة العليا، من الاعتراض على قرارات الحكومة الإسرائيلية. 

والواقع أن من بين الأسئلة المهمة التي طرحت نفسها أمس، سؤال عن الهدف أو الأهداف الاستراتيجية التي تجعل تيار اليمين في إسرائيل مصراً على تمرير ما يسميه “بمشروع إصلاح القضاء” في إسرائيل، رغم هذا الكم الخطر من ردود الفعل الداخلية والعالمية ضده؟؟.

ومن خلال التدقيق بالإجابات التي تصدت لهذا السؤال، يتضح أن هناك سببين إثنين أساسيين يجعلان تيار اليمين الإسرائيلي مصراً على تنفيذ ما يسميه بـ”مشروع الإصلاح القضائي” الذي هو في الحقيقة مشروع المس بالاستقلال القضائي، ومصادرة صلاحيات السلطة القضائية لصالح السلطة التنفيذية: 

السبب الأول ينبع من حقيقة أن معظم الرموز القيادية لتيار اليمين في إسرائيل، ابتداء من نتنياهو، يوجد عليهم ملفات ودعاوى في أدراج القضاء الإسرائيلي؛ وعليه فإنه ما يجعل قادة تيار اليمين يصرون على تنفيذ مشروع الإصلاح القضائي مهما كان الثمن هو رغبتهم الحاسمة بإيجاد قوانين تحميهم من ملاحقة القضاء لهم بعد زوال الحصانة عنهم، فور خروجهم من الحكم.

أما السبب الثاني فهو يتعلق بأن تيار أقصى اليمين يريد تحرير استراتيجياته الخاصة بتعزيز الاستيطان؛ وبقمع فلسطيني الـ٤٨ والـ٦٧؛ وبمنع حل الدولتين، من أية عقبات بوجهها، وبخاصة العقبات الداخلية المتمثلة بصلاحيات المحكمة العليا التي تخولها الاعتراض على قرارات الحكومة الإسرائيلية ونقضها. 

إن اليمين الإسرائيلي يريد إطلاق يد القمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين من دون أية قيود؛ ويريد أخذ سياسة الحكومة الإسرائيلية لممارسة أقصى الضغوط على فلسطيني ٤٨ لتهجيرهم وإرغامهم على بيع ممتلكاتهم من دون أن يكون لأية جهة الحق في تقديم شكوى ضد هذا النوع من السياسات الحكومية أمام المحكمة العليا؛ كما يريد اليمين الصهيوني أن يحرر سياسة الحكومة الخاصة باغتيالات القادة الفلسطينيين وبتدمير ليس فقط منازل الفدائييين الفلسطينيين، بل أيضاً قراهم من أية عمليات نقض من قبل المحكمة العليا. 

وخلاصة القول في هذا المجال أن وراء مشروع إصلاح القضاء هدفان أساسيان أولهما حماية قياديي تيار أقصى اليمين الذين عليهم دعاوى قضائية أو المعرضين بفعل أفكارهم وممارساتهم المتطرفة لأن يصبح عليهم رفع دعاوى قضائية؛ وثانياً تحرير سياسة اليمين الرسمية من أية قيود وهي تمارس عمليات ضم الضفة الغربية وتدجين فلسطيني الـ٤٨. 

إلى ذلك فإن مشروع إصلاح القضاء يهدف إلى طبع كل مؤسسات الدولة الإسرائيلية بالفكر والقيم اليمنية الدينية اليهودية المتطرفة والعنصرية. ويلاحظ في هذا المجال أن اليمين في إسرائيل يتسم بأنه إلغائي وتكفيري؛ وهو لا يسعى فقط لضرب الفلسطيني داخل الكيان العبري أو في الضفة الغربية؛ بل أيضاً يتهم كل الآخر المتباين مع أفكاره، بما فيهم اليهود الليبراليين أو اليساريين، بأنه “عدو” ويجب تحييده. 

ويسود داخل أوسط اليمين الإسرائيلي بكثافة استخدام مصطلح “خائن”، وذلك ضد كل من لا يوافقهم على أفكارهم التي تدعو لتطبيق يهودية الدولة؛ ويطلق هذا المصطلح أيضاً على كل إسرائيلي يقول بحل الدولتين، أو يعترض على سياسة الاغتيالات وهدم المنازل والدعوة لتدمير القرى التي تبين أنه يوجد بين أهلها فدائي واحد نفذ عملية ضد قوات الاحتلال أو المستوطنين. 

لا شك ان إسرائيل دخلت “مغامرة خيارات أقصى اليمين”؛ وليس معروفاً ما هي نهاية هذا الطريق الوعر الذي تسلكه اليوم الدولة العبرية.. ولكن الأكيد أن هذا الصراع بين الأغلبية اليمنية الإسرائيلية وبين باقي الإسرائيليين دخلت لحظة اللاعودة إلى الوراء، ودخلت أيضاً – وهذا هو الأخطر – مرحلة أن الخيار الديموقراطي (عبر الانتخابات) لم يعد هو الحل الحاهز لحسمها؛ فالصراع أصبح يومي ووجودي ويدور بين كتلة تقول أريد أن أكون موجوداً في إسرائيل التي تشبهني، وبين كتلة أخرى تقول لست مستعدة لأن أعيش في إسرائيل لا تشبهني!؟؟.

 

Exit mobile version