خاص الهديل:
يقول الرئيس نجيب ميقاتي أنه من موقعه سيفعل ما هو واجب وطني عليه بخصوص كيفية معالجة أزمة انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان.
ويبدو مفهوماً من الناحية الوطنية ومن موقعه كرجل دولة ما يقصده ميقاتي على هذا الصعيد.. فسابقاً عندما انتهت ولاية الرئيس ميشال عون فعل دولة الرئيس ميقاتي ما هو واجب وطني عليه، ولم يردعه عن القيام بذلك ارتفاع صراخ الشعبويين.. وحينها حدد بوضوح أولوياته، وهي العمل على انتخاب رئيس للجمهورية؛ وحتى بلوغه لحظة النجاح في إنهاء الشغور الرئاسي الذي له الأولوية، تبذل حكومته قصارى جهدها لمنع الشلل التام في مرافق الدولة التي تسيّر أمور الناس الملحة؛ وتلبي حاجات البلد الاستراتيجية.
.. واليوم بمناسبة انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان تحرك ميقاتي أولاً باتجاه البحث مع نواب الحاكم الأربعة عن خيارات منع الشلل في مصرف لبنان، ومن ثم توجه إلى شريكه في السلطات السياسية؛ أي رئيس مجلس النواب نبيه بري وعرض عليه فكرة عقد جلسة لمجلس الوزراء لدراسة الوضعين المالي والقانوني، طارحاً تعيين حاكماً جديداً لمصرف لبنان..
.. وبمقابل أن ميقاتي يكرر مع مناسبة استحقاق حاكمية مصرف لبنان، نفس طريقته بالتصرف؛ أي تسهيل استمرار عمل المرفأ العام، ومنع الفراغ فيه، كون ذلك حاجة ملحة لبقاء الدولة على قيد الحياة؛ ولبقاء السهر على مصالح الناس المالية؛ فإن الأطراف السياسية الشعبوية عينها تحاول الوقوف بوجه مسعى رئيس الحكومة، وذلك عبر اتهام تحركه لمنع الفراغ في موقع حاكم مصرف لبنان بأنه يهين موقع رئاسة الجمهورية ويتجاوزه.. ويكرر هؤلاء نفس الأسطوانة المشروخة التي تقول أنه يجب على ميقاتي أن يمتنع حتى عن تصريف الأعمال الضرورية في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية.
.. واللافت أن أصحاب نهج تحويل ميقاتي إلى حارس الشلل التام، بدل أن يقوم بعمله ضمن صلاحيات تصريف الأعمال، بمنع الشلل التام، هم ذاتهم أصحاب شعار “ما خلونا نعمل” ولذلك حصل الانهيار، فيما هم اليوم يحاولون منع ميقاتي من العمل للحد من تحول الانهيار إلى “ارتطام”!!؛ وهم أنفسهم أصحاب شعار أنهم يدافعون عن مواقع المسيحيين في الدولة التي تم انتقاصها خلال غياب عون في المنفى(!!!)؛ علماً أنهم هم اليوم يمنعون ميقاتي من سد الفراغ في أهم موقع (حاكم مصرف لبنان) محسوب للمسيحيين في الدولة؛ وهم أنفسهم أصحاب شعار أنه يجب عدم فعل أي شيء قبل انتخاب فخامة الرئيس العتيد؛ في حين أنهم هم أنفسهم من يتحركون لإبقاء الرئاسة الأولى شاغرة طالما أنها لا تصل إليهم!!.. وهم أنفسهم الذين يمارسون تكتيكات أخذ أزمات البلد كرهائن لتقوية حظوظهم في السباق على رئاسة الجمهورية.
لقد أصبحت لعبة معارضي الرئيس ميقاتي مكشوفة؛ فهذه المعارضة تريد من ميقاتي أمراً واحداً وهو أن يقبل بمهمة رئيس حكومة حراسة الشلل العام، في حين أن ميقاتي يصر على أن يكون رئيس حكومة تصريف الأعمال الملحة والتي من خلالها ينجح بإبقاء الدولة الموجودة اليوم في غرفة العناية الفائقة، على قيد الحياة.