الهديل

خاص الهديل: تفجير السيدة زينب: بيان رقم واحد عن ولادة “الجيل الجديد من داعش” في سورية ودول جوارها

خاص الهديل:

منذ عدة أشهر تكثفت المعلومات التي تحذر من عودة الإرهاب في سورية، وانطلاقاً من سورية نحو دول جوارها؛ وقالت هذه المعلومات أن هذا الخطر ممكن أن يحدث ضمن ثلاثة سيناريوهات محتملة: 

السيناريو الأول يتعلق بمعلومات متقاطعة كانت تحذر من أن داعش تتحضر عسكرياً وأمنياً لتجديد نشاطها في سورية؛ وقالت هذه المعلومات أن تنظيم الدولة الإسلامية استغل على ما يبدو فترة الهدوء التي سادت الميدان السوري خلال العامين الأخيرين، كي يقوم بإعادة هيكلة تنظيمه الأمني والعسكري في مناطق شمال سورية وفي صحرائها.. وأن هذا التنظيم بات اليوم قاب قوسين أو أدنى من العودة إلى الميدان وتنفيذ عمليات إرهابية في سورية..

السيناريو الثاني يستند إلى ذات المعلومات السابقة؛ ويضيف إليها أن الجيل الجديد من داعش سيعتمد “إستراتيجية حية الصحراء” التي تختفي في الصحراء وتموه نفسها بأخذ لونها، وتقوم بتوجيه ضربات نقطوية أمنية، هدفها إعادة مناخ سورية ودول جوارها إلى حالة الفتنة والحروب البينية بين مكونات المجتمعات في هذه الدول.. 

السيناريو الثالث حذر من أن عودة الإرهاب الداعشي إلى سورية سيعني عودته الخطرة إلى كل دول جوار سورية؛ لأن نظرية الجيل الجديد من داعش لا تعتمد منهجية التمركز في بقعة جغرافية محددة كما كان الأمر خلال السنوات الماضية؛ بل تعتمد نظرية “الانتشار الأمني النقطوي” (خلايا الذئاب النائمة والمنفردة) فوق أوسع مساحة جغرافية، وتعتمد توسيع نطاق مساحة الميدان الأمني لمنع توحيد الطاقات ضدها.  

والواقع أن تفجير أمس الإرهابي في منطقة السيدة زينب في دمشق يؤشر من جهة إلى أن المعلومات التي جرى الإشارة إليها في السطور الواردة أعلاه، والتي تراكمت على مدى الأشهر الأخيرة؛ بدأت تظهر ميدانياً على نحو عملي؛ ويؤشر من ناحية أخرى إلى أن “بصمة داعش” حاضرة بوضوح في طبيعة تنفيذ العملية الإرهابية في السيدة زينب؛ وذلك أن طريقة تنفيذ العملية والهدف الذي استهدفته، وأداة التنفيذ التي استعملتها، تشبه لحد بعيد العمليات التي قامت بها داعش مؤخراً في أفغانستان ضد مناطق ومقار دينية شيعية.. 

وما تجدر الإشارة إليه في مجال القراءة الأمنية الأولية لعملية السيدة زينب، هو التالي: 

– أن هذه العملية يجب النظر إليها في سورية ولبنان والعراق على أنها البيان رقم واحد للنسخة الجديدة من داعش، والذي تعلن فيه ومن خلاله عن عودتها للميدان.

– أن عملية السيدة زينب تشي بأنه سيكون لها تتمات من ضمن نوعية أهدافها وطرق تنفيذها في دول جوار سورية، وذلك لعدة أسباب: 

أول هذه الأسباب هو اعتقاد داعش أن الإستثمار بالأزمة السورية لم يعد ميدانه سورية وحدها، بل دول جوار سورية التي تقيم فيها نسبة كبيرة من الديموغرافيا السورية النازحة.. وعليه فإن فتيل داعش يمكنه انطلاقاً من سورية التوسع ليشعل نار الإرهاب في كل منطقة المشرق العربي. 

والواقع أن هذه المعطيات تحتم على لبنان الاستعداد لإمكانية حدوث جولة إرهابية جديدة فوق أرضه، وهي جولة ستمتاز هذه المرة بالاعتماد في تنفيذها على “الذئاب المنفردة أو النائمة”؛ وفي هذه الجزئية يجب على قوى الأمن اللبنانية أن لا تستبعد احتمال أن تكون داعش، وفق تطبيقات إستراتيجية عملها الجديدة (حية الصحراء)، قد قامت خلال العامين الماضيين بزرع “ذئاب مفردة” أو “مجموعات من خلايا الذئاب النائمة” في لبنان، وذلك حتى يحين موعد تشغيلها بالتزامن مع عودة داعش للعمل في سورية. 

وفق المنطق الأمني فإن أبرز خلاصة يمكن استنتاجها بعد عملية السيدة زينب التي تظهر طريقة تنفيذها ونوعية هدفها، أنها من تنفيذ الجيل الجديد من داعش، هي (أي هذه الخلاصة) أن هذه العملية سيكون لها تتمة مشابهة لها قد تحدث في لبنان أو في العراق أو في كليهما.. 

والخلاصة الثانية الأبرز هي أن داعش هذه المرة تستغل جيلاً جديداً من الأزمات داخل البلدان التي تشكل ميدان عملها، أبرزها أزمة الفقر في لبنان وسورية، وتستغل أيضاً جيلاً جديداً من الأزمات الدولية في هذه البلدان، وأبرزها أزمة روسيا الموجودة في سورية مع واشنطن وذلك على خلفية اندلاع الحرب الأوكرانية؛ أضف إلى ذلك أزمة إيران الموجودة في سورية أيضاً مع اسرائيل، والصراع بينهما على منطقة جنوب دمشق، أي على منطقة الحدود السورية مع الجولان المحتل..

إن كل هذه العوامل قد تسمح لداعش بأن تدخل على خط استغلالها، لتؤدي أدوارها الأمنية في سوريا، وامتداداً منها في لبنان والعراق؛ أو أن تستغل أطراف هذه الأزمات داعش لتصفي بواسطتها حساباتها مع ملفات إقليمية ودولية ساخنة. 

كما أن أكبر وأخطر هدف وراء عملية السيدة زينب، هو محاولة ضرب إحدى أكبر النتائج الواعدة لاتفاق إيران- السعودية، والمتمثل بطي صفحة التوتر المذهبي البغيض بين السنة والشيعة!!..

Exit mobile version