خاص الهديل:
من المستغرب أن تشكو إسرائيل لبنان لدى الأمم المتحدة؛ وأن تتظلم من خلاله للمجتمع الدولي عبر إدعائها أن لبنان “يشكل خطراً على أمنها”.. ويظل هذا الاستغراب قائماً حتى لو قصدت إسرائيل حزب الله.
وبالعادة، ووفق منطق الأمور، فإن من يجب أن يتظلم للأمم المتحدة هو لبنان الذي تحتل إسرائيل أراضيه وتخرق يومياً أجوائه وتسيج القسم اللبناني من قرية الغجر التي تعترف الأمم المتحدة بلبنانيتها. فيما المستجد المستغرب هو أن تشكو إسرائيل لبنان في الأمم المتحدة، بدعوى أنه “نصب خيمة” على حدوده مع أراض لبنانية تحتلها إسرائيل (مزارع شبعا)؛ وبدعوى أن نائباً لبنانياً صرح بإدانة الاحتلال الإسرائيلي على مقربة من السياج الإسرائيلي (!!) .
إن “تمثيلية” إلباس إسرائيل ثوب الحمل، وإلباس لبنان ثوب الذئب في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن، هي مسرحية هزلية؛ وتصبح خطيئة دولية بحق لبنان فيما لو سايرها المجتمع الدولي، وأوحى بأنه يصدقها.
وبنفس الوقت الذي يدير فيه مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة مسرحية التظلم ضد لبنان والتحريض على الحمل اللبناني، فإن المستويين السياسي والعسكري الإسرائيليين قاما على مدار الأيام الأخيرة بعرض مسرحية داخل إسرائيل، هدفها استكمال المسرحية الإسرائيلية الجارية في الأمم المتحدة ضد لبنان..
وقوام المسرحية داخل إسرائيل تمثلت بالتالي:
أولاً- لأول مرة يجري في إسرائيل نقاش أمني استراتيجي تحت كاميرات الإعلام.. فرئيس الحكومة ومستشاراه الأمنيان ووزير الدفاع وقادة من الأجهزة الأمنية التقوا وناقشوا وقرروا ماذا سيفعلون بمواجهة الخطر الناشب على الجبهة مع لبنان، وذلك وسط ما يشبه حضور مكثف للإعلام الذي كان ينقل للرأي العام كل حرف يقال داخل جلسة النقاش المفترض أن يكون سرياً للغاية كونه يتصل بمصالح الأمن العليا لإسرائيل(!!).
ثانياً- واضح أن توجه تل أبيب لخلق “حالة استنفار عسكري إعلامي” على الجبهة مع لبنان، كان له هدف أساسي واحد، هو دعم “حالة الاستنفار الدبلوماسي” الذي نفذته إسرائيل خلال الأيام الأخيرة في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن ضد لبنان.
ثالثاً- ووراء ستارة التمثيلية الإسرائيلية الجارية في الأمم المتحدة وفي تل أبيب، كانت أوساط إسرائيلية غير معنية بإعداد إخراج تمثيلية “الحمل الإسرائيلي”، سربت بمناسبة نقاش مواضيع أخرى، التقدير الحقيقي للوضع على الحدود مع لبنان كما يراه الجيش الإسرائيلي، وكما تراه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.. ويقوم هذا التقدير على النقاط التالية:
– ان الجيش الإسرائيلي لا يجد مصلحة لإسرائيل بدخول معركة مع حزب الله الآن، وذلك للأسباب التالية:
– لا يريد الجيش الإسرائيلي إهدار موارده وطاقاته على معركة لن تغير شيئاً من الواقع وسيعود الوضع في نهايتها إلى ما كان عليه قبل بداية المعركة.
– لا يوجد قدرة عند حكومة نتنياهو في ظروفها الدولية السيئة، تحصيل شرعية دولية لبدء معركة ضد حزب الله ولبنان في الوقت الحالي.
– ان هناك خطيئة من وجهة نظر إسرائيل أن تفتح حكومة نتنياهو حالة من التصعيد العسكري في عز الموسم السياحي في منطقة شمال إسرائيل (فلسطين المحتلة) وفي عز موسم الشمال قضاء الكثير من جنود الإحتياط عطلتهم خارج إسرائيل.
– وجود حالة في هذه الفترة من عدم الثقة بين شرائح من جنود الإحتياط بالقرارات الأمنية للقيادة السياسية، وذلك بسبب الأزمة المستمرة الناتجة عن “التعديلات القضائية”.