خاص الهديل:
لهجة الخطاب السياسي لحزب الله في الأيام الأخيرة، بدأت تركز خلال الأيام الأخيرة في تصويبها بشكل رئيسي على الولايات المتحدة التي كما تقول تصريحات مسؤولي الحزب تمنع الحل في لبنان وأيضاً في العراق وسورية واليمن ولبنان..
صحيح أن الحزب طالما حمّل واشنطن في خطابه السياسي، سبب كل مشاكل وأزمات المنطقة؛ إلا أنه في الآونة الأخيرة بدا واضحاً أن حارة حريك عممت على كل مسؤولي الحزب أن لا يكتفوا بمهاجمة واشنطن أيديولوجياً؛ بل أن يفتحوا النار السياسية عليها بوصفها ليست فقط “الشيطان الأكبر” كما يصفها الشعار الخميني المعروف؛ بل بوصفها مسؤولة في هذه اللحظة عن عرقلة وتخريب التسويات الإقليمية الأخيرة التي جرت في المنطقة، والتي كان أبرزها تسوية بكين الإيرانية السعودية، ومبادرة الأمير محمد بن سلمان تجاه الرئيس بشار الأسد، الخ..
واضح أن حزب الله بدأ يتيقن بأن هناك هجوماً مضاداً تشنه إدارة بايدن ضد محور الممانعة الذي تقوده إيران والذي يعتبر السيد حسن نصر الله أحد أبرز قادته العرب.
.. ومن هنا وجه نصر الله منابر الحزب كي تركز في هذه اللحظة على ثلاث عبارات سياسية:
الأولى: تحميل واشنطن مسؤولية عرقلة حل أزمات لبنان المعيشية بكل أصنافها؛ فأميركا وفق خطاب الحزب هي التي تمنع عودة الكهرباء وتمنع تحسن سعر صرف الليرة؛ الخ…
العبارة الثانية تحمّل واشنطن مسؤولية منع الاتفاق السعودي الإيراني من ترجمة نفسه على شكل انفراج سياسي في اليمن.
العبارة الثالثة تحذر إسرائيل من القيام بأية مغامرة تحت رهان إفادة تل أبيب من لحظة التصعيد الأميركي ضد كل ساحات محور الممانعة ابتداء من طهران إلى لبنان مروراً بسورية واليمن وحتى العراق.
ويركز المحور الإيراني؛ وبضمنه حزب الله، على عدة نقاط أساسية في تحليله لنوعية التحول الذي جرى في الآونة الأخيرة؛ وهو التحول الذي غيّر مسار اتجاه المنطقة من مناخ التفاؤل بحل أزماتها، للحل مكانه مناخ التشاؤم الذي أدى إلى إعادة تعقيد وتسخين أزمات المنطقة.
النقطة الأولى تتمثل بأنه يسود داخل أجواء المحور الإيراني في المنطقة تقدير موقف يفيد بأن هناك ضغوطاً أميركية كبيرة حصلت مؤخراً قادت إلى “تجمد” عملية الانفتاح السعودي على سورية من جهة؛ وأدت من جهة ثانية إلى “تباطؤ” زخم مسار تطبيقات تطبيع العلاقات بين طهران والرياض من جهة ثانية..
ويلاحظ في هذا المجال أن السعودية كانت أعطت فترة أسابيع محددة كفترة اختبار حتى تلحظ عملياً تقدماً في تجسيد نوايا إيران الحسنة، ومقابل تلمس الرياض تجسد هذه النوايا، وعدت بأنها ستفتح قنصلية وسفارة لها في إيران؛ ولكن الرياض عادت وأجلت افتتاحهما، كإشارة منها إلى حصول خيبة أمل لديها من عدم تنفيذ إيران لالتزاماتها بموجب اتفاق بكين بالشكل المطلوب.
والواقع أن تقدير موقف محور الممانعة لا ينحو باللائمة على أن إيران لم تنفذ التزاماتها، بل يصب اللوم كله على واشنطن التي قررت بدء هجوم مضاد على اتفاق بكين، يشتمل على تحقيق عدة أهداف أساسية؛ وهي:
– بدء عملية ضغط غير مسبوقة على الرياض حتى تخفف من مسار تطبيق اتفاق بكين، ووقف انعكاساته على ساحات اليمن وسورية ولبنان.
– بدء عملية ضغط “لتجميد” زخم انفتاح الرياض على دمشق؛ وذلك تحت عنوان مطالبة النظام السوري بتقديم تنازلات لبدء العملية السياسية داخل سورية وهو الأمر الذي يعتبر أن توقيته لم يحن بعد..
– بدء تحريك أوراق الضغط الأمنية المحسوبة في لبنان على حزب الله.
النقطة الثانية تركز على حرب مخيم عين الحلوة التي اشتعلت في الأيام الأخيرة وامتدت شظايا قذائفها لتطال محيطها اللبناني.
.. وبالنسبة لمحور إيران فإن حرب مخيم عين الحلوة تعتبر جزء من عملية الضغط الأميركي على أفرقاء المحور؛ والمقصود هنا بخاصة حزب الله.
وداخل الحزب هناك تحليل يركز على المعطيات التالية:
– أخطر ما في حرب مخيم عين الحلوة ليس ضراوتها، بل توقيتها. فهذا التوقيت يحمل رسالة لحزب الله تقول أنه فيما لو مضت حارة حريك قدماً باستضافة قيادة حماس التي تنسق مع حزب الله في إشعال حرب جنين والضفة الغربية داخل حديقة إسرائيل الملاصقة والخلفية، فإن تل أبيب قادرة بالمقابل على إشعال حرب داخل جنوب لبنان انطلاقاً من عين الحلوة.
والواقع أنه رغم خبوت صوت الرصاص والمدافع في عين الحلوة؛ إلا أن هذا التهديد الإسرائيلي المدعوم أميركياً، لا يزال قائماً؛ وما حصل في الأيام الأخيرة في مخيم عين الحلوة، هو نموذج صغير رغم ضراوته، لما يمكن أن يحصل في المخيم على نحو أكبر في الفترة المقبلة، فيما لو استمر الحزب مع حماس – بحسب إدعاء إسرائيل – بتوجيه أنشطة من لبنان باتجاه دعم عسكرة انتفاضة جنين والضفة.
– ان جملة حملة التصعيد الأميركية والأوروبية التي ظهرت مؤخراً ضد الثنائي الشيعي وبخاصة ضد حزب الله تتجه أهدافها بشكل رئيس لدعم حملة الضغوط على حزب الله في موضوع دوره بما يحصل من صراع عسكري في الضفة وجنين بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
والسؤال المطروح بجدية على طاولة التوقعات هو التالي: هل يكون تفجير منطقة السيدة زينب في دمشق رسالة تحذير للعودة إلى سلاح استخدام داعش لتصفية حسابات بين القوى الكبرى(؟؟) وهل يكون استخدام المتطرفين الإسلاميين في مخيم عين الحلوة هو تتمة في لبنان، لظهور داعش في منطقة السيدة زينب في سورية؟!.. وهل هناك ظهور ثالث لداعش وضمن أية مفاجئة وأي قرار؟؟..