خاص الهديل:
تمر المنطقة، بشكل عام، بمرحلة ضبابية كثيفة، كما يقول تقرير دبلوماسي وصل لجهة لبنانية مؤثرة..
وبحسب هذا التقرير فإن اتفاق الصين بين السعودية وإيران يجتاز حالياً مرحلة شكوك حول ما إذا كانت فترة اختبار النيات التي حددت بعدة أسابيع من بدء توقيعه، قد نجحت في إظهار إيجابيات، أم أنها أصيبت بالفشل حسبما سرب الكثير من المعلومات؟!!.
.. وبالنسبة للانفتاح السعودي على دمشق، فهناك شبه تأكيد على أنه تجمد، نظراً لأن الرياض طلبت من النظام السوري تنفيذ خطوات إصلاحية تؤدي إلى اطلاق العملية السياسية السورية الداخلية، ولكن الرئيس الأسد لا يجد أن الوقت الراهن مناسب لإطلاق مفاوضات التسوية الداخلية.
وبخصوص الوضع في اليمن، فإن المعلومات تتحدث عن وجود قدرة لوقف الحرب العسكرية هناك، ولكن لا يوجد قدرة مماثلة لإنهاء الانقسام اليمني الداخلي ولا لإنتاج تسوية سياسية؛ وعليه فإن أقصى ما يمكن فعله هو وقف الحرب العسكرية مع بقاء الحرب السياسية قائمة بين الجنوب والشمال في اليمن..
أما في لبنان فإن كل المؤشرات تتحدث عن الرهان على شهر أيلول.. فمبعوث الرئيس الفرنسي لودريان تحدث عن حصاد ستجنيه مبادرته في شهر أيلول؛ وأرسل أسئلة إلى الأطراف اللبنانية يريد أجوبة عنها حتى شهر أيلول، كما أن كل التصريحات اللبنانية الداخلية تتقاطع عند توقعها حدوث انفراجات في شهر أيلول..
وهناك مصادر متقاطعة تؤكد أن شهر أيلول سيكون عبارة عن مفترق سياسي سيؤدي إلى واحد من الاتجاهات الثلاثة التالية:
إما أن ينتخب لبنان خلال شهر أيلول رئيس جمهورية.. وإما أن يؤسس شهر أيلول لأرضية سياسية داخلية وخارجية تمهد لانتخاب رئيس مع نهايات العام الحالي… وإما أن تفشل الرهانات على شهر أيلول وحينها سيدخل البلد في أفق مظلم سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
ولكن قبل الوصول إلى استحقاق شهر أيلول؛ تبرز فكرة أساسية في هذه اللحظة تتحدث عن الاحتمالات المتوقعة الحدوث في الأسابيع التي تسبق موعد حلول شهر أيلول؟؟.
وأصل الفكرة هنا تفيد بأنه يتم حالياً النظر إلى شهر آب الحالي بوصفه مرحلة انتقالية تسبق موعد قدوم شهر “الحلول” أو “انفجار الحلول” في خلال أيلول القادم..
ويقول أصحاب هذه النظرية أنه في الفترات الانتقالية يزداد خطر دخول أطراف ثالثة مخربة على الخط، كي تهز استقرار المرحلة الانتقالية، وتجعلها مرحلة رسائل ساخنة وغايتها من ذلك تحسين شروط لعبة عض الأصابع التي تحصل قبل أي حل أو حتى قبل أي حرب أو انفجار..
وعلى الطريقة اللبنانية، يمكن القول أن الشهر الحالي (آب ٢٠٢٣) سيتم فيه التمهيد لإنجاز حلول أيلول “على الحامي”؛ ومن هنا تم النظر إلى جولة العنف التي شهدها مخيم عين الحلوة، على أنها بداية سيناريو حل لأزمة الشغور الرئاسي “على الحامي”؛ فيما وجدت فيها أطراف أخرى، أنها “حرب آب اللبنانية” التي ستسبق حصول تسويات إقليمية في لبنان خلال شهر أيلول القادم، ومنها فتح ملف تسوية ترسيم الحدود البرية بعد أن جرى ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل..
.. وفي حين أن بعض الجهات ربطت بين زيارة ماجد فرج مسؤول الإستخبارات الفلسطينية إلى لبنان، وبين العنف الذي جرى في مخيم عين الحلوة؛ ذهبت أطراف أخرى إلى الربط بين رسائل عين الحلوة الساخنة وبين وجود المبعوث الأميركي لشؤون التفاوض على ترسيم الحدود البحرية والبرية اموس هوكشتاين في إسرائيل(!!).
قصارى القول في هذا المجال أن وجود لبنان داخل مرحلة انتظار شهر الحلول في أيلول؛ يجعل البلد في حالة تحوط من حصول مفاجآت أمنية عنيفة، غايتها إما “تخريب آمال أيلول الموعودة”، أو “ممارسة أنواع من الضغوط الأمنية بين الأطراف المعنية بإبرام تفاهمات وتسويات في أيلول”.
وفي هذا الصدد تقول مصادر متابعة للوقائع التي حدثت في الأسبوعين الأخيرين، أن جزء من البيانات التي صدرت عن دول حذرت فيها رعاياها من البقاء في لبنان، لم يكن أسباب صدوره خاصة فقط بهذه الدول، بل ان الخلفية التي وقفت وراء إصدار هذه البيانات هو ما حصل في مخيم عين الحلوة، وبالتحديد اعتبار الكثير من هذه الدول أن ما يحصل في المخيم الفلسطيني، هو بداية مسلسل أمني قد يستمر حتى موعد بدء التفاوض في شهر أيلول على حلول للوضع اللبناني بكل أبعاده الداخلية والخارجية.
.. بمعنى آخر فإن بعض هذه الدول رأى أنه يجب التحوط من أن يصبح شهر آب محطة تسخين أمني في لبنان، يمهد لوضع أوراق القوة والضغط على “طاولة مفاوضات” شهر أيلول.
والسؤال الهام حالياً، هو هل لا زال شهر آب يمثل فترة زمنية مرشحة لأن تشهد تنفيذ تطبيقات النظرية التي تقول أن الحلول في لبنان لا تتم إلا “على الحامي”..