ظهور متحوّر جديد من “كورونا”: ماذا عن لبنان؟
لم يعُد فيروس “كورونا” في الآونة الأخيرة محلّ قلق واهتمام على غرار السنوات السابقة. في فترة من الفترات كان يُثير اسم هذا الفيروس الرُّعب أينما ذُكر، إلا أنّ المناعة المجتمعية التي نشأت مع الوقت شكّلت حُصنًا منيعًا لمواجهة الفيروس المذكور. لكنّ تلك المناعة لم تلغ فكرة ظهور المتحوّرات بين فترة وأخرى. بعضها، بدأ في الأيام الأخيرة يُثير القلق في دول ارتفعت فيها أعداد الإصابات. آخر بيانات منظمة الصحة العالمية كشفت عن تسجيل زيادة بأكثر من 80% في معدل الإصابة بفيروس كورونا خلال الأسابيع الأخيرة.
وبحسب المنظمة الدولية، تم الإبلاغ عما يقرب من 1.5 مليون حالة إصابة جديدة بكورونا وأكثر من 2500 حالة وفاة في آخر 28 يومًا (من 10 تموز/يوليو إلى 6 آب/أغسطس 2023)، بزيادة قدرها 80%، مقارنة بالأيام الـ 28 السابقة. وسبق أن أعلنت المنظمة ــ قبل أيام ــ عن إدراج متحوّر جديد على قائمة المتحوّرات المنتشرة يُطلق عليه سلالة (إي.جي.5) أو “إريس” بمواصفات تُعطيه القدرة أكثر من المتحور “أوميكرون” (النسخة الأخيرة) على الانتشار. ولفتت المنظمة الى أنّ هذه السلالة المنتشرة في الولايات المتحدة والصين يجب أن تكون محل اهتمام، الأمر الذي يطرح السؤال حول واقع الكورونا في لبنان وما اذا كان هناك داعٍ للقلق.
البزري: ما بين 85 الى 90 بالمئة لديهم مناعة مجتمعية
رئيس اللجنة الوطنية للقاح الكورونا الدكتور عبد الرحمن البزري يشدّد في حديث لموقع “العهد” الإخباري على أنّ ظهور المتحوّر الجديد لا يستدعي القلق أبدًا. دائمًا ما نتوقع أن يكون هناك متحوّرات، وفي المقابل، تعوّد فيروس “كورونا” على أجسامنا، رغم أن هذا الفيروس يحتاج من وقت لآخر الى استضافته من قبل الناس، وبما أنّ مناعتنا المجتمعية باتت عالية فلا داعيَ للتوتر من المتحوّر الجديد.
ويوضح البزري أنّ منظمة الصحة العالمية عندما ألغت منذ أشهر حالة الطوارئ العالمية تحدّثت عن المناعة المجتمعية ولفتت الى أنّ نحو 85 بالمئة ممّن يفوق عمرهم الـ60 عامًا أخذوا ما لا يقل عن جرعة لقاح واحدة، ونحو 90 بالمئة من الكادر الطبي تلقى أقله جرعة لقاح واحدة ما أوجد مناعة مجتمعية عالية. وهنا يوضح البزري أنّ المناعة المجتمعية العالية لا تأتي فقط من اللقاح بل من الإصابات أيضًا. الاحصاءات والدراسات التي أجريت في لبنان والتي أخذت من عينات من مناطق مختلفة تبيّن أن ما بين 85 الى 90 بالمئة لديهم مناعة مجتمعية بمعنى إما تعرضوا الى الفيروس أو أخذوا اللقاح أو الاثنين معًا.
وعليه، يكرّر البزري أن لا داعي للخوف. صحيح أنّ منظمة الصحة العالمية قالت في نشرتها الجديدة أن هناك ازديادًا في حالات الكورونا الشهر الماضي، لكن الازدياد جاء في منطقة واحدة في الصين ونيوزيلندا وبعض المناطق، بينما بقيت ستة أقسام في العالم بما فيها منطقتنا تسجّل انخفاضًا بنسبة الإصابات والوفيات. حتى المنطقة التي تحتوي على نسبة إصابات عالية تسجّل نسبة وفيات منخفضة، وهذا يبيّن أنّ احتمال الإصابة وارد لكن الخطر قليل.
يوضح البزري أن لا داعي للاستعداد أكثر ولا للحد من السياحة. برأيه، لا لزوم لأي إجراء جديد. المطلوب استمرار الترصد الوبائي وهذا ما تقوم به وزارة الصحة والجسم الطبي المختص والمواكب دائمًا للوزارة.
مخباط: بالتأكيد سيصل الى لبنان
الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور جاك مخباط يؤكّد ما يقوله البزري. لا داعي للقلق في الوقت الحاضر. لكنّه يقول ردًا على سؤال حول وصول المتحوّر الى لبنان: “بالتأكيد سيصل الى لبنان، ومن دون شك، اذا لم يكن قد وصل أصلًا”. يلفت مخباط الى أنّ انتشار المتحوّر الجديد كان سريعًا جدًا اذ ظهر في شهر تموز وبات الآن الرقم الأول في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإيرلندا وأستراليا وقد يصل الى أماكن أخرى في العالم.
يوضح مخباط أنّ المتحوّر الجديد مشتق من “أوميكرون”، أما عوارضه فليست ذات أهمية أو حديّة فهو كـ”الأوميكرون” العادي؛ رشح، ألم في الحنجرة، القليل من التعب، فقدان حاسة الذوق. وهنا يؤكّد مخباط أنّ هذا المتحوّر لا يصيب الرئة الا في حالات قليلة، كما لم يسجّل له أن أحدث إصابة رئوية تشكّل خطورة.
ولا يخفي مخباط أنّ الآونة الأخيرة سجّلت ازديادًا في حالات الإصابة بـ”كورونا” في لبنان والعالم كُله لسبب واضح أنّ اللقاءات الاجتماعية تكثر في فصل الصيف الذي يسجّل زحمة لقاءات وعودة مغتربين وما الى هنالك من محطات يكثر فيها الازدحام ما يشكّل خطرًا أكبر لانتقال الفيروسات بين الناس.