خاص الهديل:
تبحر حالياً منصة الحفر والتنقيب عن الغاز في بلوك رقم ٩، وسط أمواج سياسية لبنانية داخلية عاتية؛ وأيضاً وسط توتر يسود جوارها على البر اللبناني المتاخم لفلسطين المحتلة.. والمقرر هو أن تصل ظهر يوم الغد منصة الحفر والتنقيب إلى موقع عملها في بلوك ٩.
وسبق وزامن وصول منصة التنقيب توتراً في محيطها؛ حيث نصب حزب الله خيمة عند حدود مزارع شبعا، قابلتها تل أبيب بتهديد مفاده أنها ستتحرك لتنزعها بقوة السلاح، فيما لو أن الحل الدبلوماسي فشل في تحقيق النتائج التي تطلبها.
.. كما أن العواصف الداخلية اللبنانية المتلاحقة من بلدة عين ابل في الجنوب إلى الطريق الساحلي (وادي الزينة)، مروراً باشتباكات مخيم عين الحلوة، وأخيراً حادثة “كوع الكحالة”، جميعها تعتبر أحداثاً كان يجب نظرياً ألا تشجع منصة الحفر والتنقيب في بلوك ٩ على تنفيذ مهمتها المكلفة مادياً في هذا التوقيت المشحون بالتوتر..
.. ولكن اللافت هو أن كل هذه التوترات اللبنانية الداخلية والحدودية، لم تؤثر على الموعد المضروب دولياً من عدة أشهر، لوصول المنصة إلى موقع عملها في البلوك ٩، ما يعني أن هناك توقيتين سياسيين في لبنان؛ الأول هو توقيت داخلي مشبع بالمشاكل، وهو دائم التطلع للموقف الخارجي بوصفه لديه القرارات الحاسمة؛ والثاني هو توقيت دولي منقاد من قوى ودول لا تتاثر أجندة أعمالها ولا توقيتات برامجها بالوضع الداخلي اللبناني، ولا تعيره (الوضع الداخلي) أي اعتبار!!..
وبجردة حساب عاجلة بات يمكن القول اليوم أنه إذا كان هناك جهات داخلية راهنت على أن تسخين الجو السياسي في لبنان عشية وصول منصة الحفر والتنقيب الى البلوك ٩؛ سيؤثر سلباً على القرار الدولي بخصوص بدء هذه المنصة في هذا الوقت تحديداً عملها في البلوك ٩؛ فإنها الآن خاب رهانها، ووصلت إليها رسالة واضحة تفيد بأن التوقيت الدولي في لبنان لا يتأثر بأحداث لبنان الداخلية، بينما العكس هو الصحيح.
وكان لوحظ أن هناك جهات داخلية وحتى جهات خارجية ولكن لها حيثية في لبنان، حاولت أن تثير الضجيج حول نفسها عشية وصول منصة التنقيب إلى موقع البلوك ٩، وكان هدفها من ذلك لفت نظر الدوليين إليها، بغية حثهم على عقد صفقات معها، مقابل استبدال صخبها بالتهدئة. ولكن هذه الجهات الداخلية وتلك التي لها حيثيات داخلية، تفاجأت بأن القرار الدولي لم يلتفت إليها، وهو يشق طريق تلطيف الظروف السياسية أمام وصول المنصة إلى موقع عملها..
والمتوقع بشكل جدي حالياً هو أنه عند بدء أول ضربة من المنصة في موقع عملها المؤيد دولياً في بلوك ٩، سيصبح بالإمكان معرفة خارطة أحداث لبنان خلال الأشهر الستة المقبلة؛ وهي ستكون كالتالي:
في خلال نهايات الشهر القادم، سوف تعلن منصة الحفر والتنقيب عن ما إذا كان يوجد في بلوك ٩ كميات تجارية من الغاز، أم العكس..
وفي حال قالت شركة توتال أن البلوك ٩ فيه كميات تجارية؛ فإن هذا الكلام يجب اعتباره إعلاناً دولياً وإقليمياً عن بدء الحل الدولي في لبنان..
.. وهذا سيعني أيضاً أن شهري ١٠ و١١ المقبلين من العام الحالي، سيكونان شهرا إجراء الانتخابات الرئاسية؛ والإتيان برئيس جمهورية متوافق دولياً وإقليمياً على صفاته الشفافة والإصلاحية، وسيعني أيضاً المباشرة بتشكيل حكومة إصلاح وتوافق من أجل الوطن، وليس على الوطن..
.. ووفق ما هو متوقع في حال أعلنت توتال أن كميات الغاز في البلوك ٩ هي تجارية، فإنه مع دخول لبنان شهري نهاية هذا العام وبداية الشهر الأول من العام الجديد، سيباشر المجتمع الدولي والإقليمي ببدء ورشة إنقاذ الاقتصادي اللبناني من أزمته؛ كما ستتمظهر صورة موقع حزب الله من الحل الدولي في لبنان، وأيضاً موقعه في الخطط الدولية الهادفة لإرساء استقرار لقطاع الغاز في المتوسط..
.. أما في حال قالت توتال أن كميات الغاز في بلوك ٩ غير كافية، ولا تشكل كمية تجارية؛ فهذا سيعني أن لبنان لن يلقى أية عناية دولية، وحينها قد يترك المجتمع الدولي حزب الله يوصل مرشحه سليمان فرنجية لسدة الرئاسة؛ انطلاقاً من رؤية دولية تقول التالي:فلنترك حزب الله يتحمل مسؤولية وصول بلد الأرز إلى نقطة الارتطام الاقتصادي والسياسي..
وضمن هذا الجو الثاني المتشائم؛ فإن مسألة الاستقرار في لبنان ستصبح مرتبطة أكثر بتطورات الوضع الأمني في سورية؛ وبتطورات لعبة تبادل تسجيل النقاط الأمنية بين إيران وإسرائيل.. ولن يعود مضموناً كيف ستقارب واشنطن ملف الاستقرار في لبنان؛ بمعنى هل ستبقى تعتبره خطاً أحمر، أم أنها ستدير ظهرها لهذا الاعتبار أيضاً؟؟..