الهديل

خاص الهديل: أسئلة لودريان المرسلة والأجوبة اللبنانية المفقودة: “البطة الفرنسية العرجاء”..

خاص الهديل:

 

يتضح من أسلوب لودريان في تعاطيه مع الأزمة اللبنانية أنه حتى الآن لم يمتلك خارطة طريق لجهة كيفية مقاربته للحل؛ وكل ما يملكه لودريان هو أسئلة لاستكشاف ما إذا كان اللبنانيون فعلاً يريدون حلاً لأزمة الشغور الرئاسي ولأزمة اكتشاف كيف تبخرت أموال المودعين وكيف تهربت أموال المصارف إلى الخارج، وكيف… وكيف؛ الخ…. 

لا يوجد شك عند أي عاقل داخل لبنان وخارجه، أن لودريان سيتفاجأ في ختام مرحلته الجديدة المتمثلة بطرح أسئلة محددة على نواب الأمة وأحزاب الطوائف المتناحرة، أن الأخيرين سبجيبون على أسئلته بطرح أسئلة على أسئلته وليس بطرح أجوبة عن أسئلته!!.

واذا قرر لودريان ارتكاب خطيئة الإجابة على أسئلة نواب الأحزاب المطروحة على اسئلته، فإن هذا سيشكل ذروة غباء الدبلوماسية الفرنسية؛ لأن لودريان في هذه الحالة، سيجعل من نفسه أشبه بلاعب سيرك فوق حبال أحزاب المتاهة اللبنانية..

وعلى نحو مسبق، فإن ما يجب أن يعرفه لودريان هو أن الأحزاب في لبنان، لا تملك أجوبة على أزمات البلد، بل هي تملك أدواراً في صناعة أزمة البلد وفي المسؤولية عنها.. وعليه فإن فكرة أن تتحول مبادرة لودريان إلى مبادرة طرح أسئلة دولية تنتظر أجوبة الأحزاب اللبنانية؛ هي فكرة غير موفقة؛ لأن المواطن اللبناني الذي يأس من أي دور لأحزاب الداخل بالحل، كان ولا زال ينتظر من الخارج الدولي تقديم أجوبة على أسئلة الداخل اللبناني، وليس العكس ..

إن مشكلة لودريان كما تبدو الآن، تقع في ثلاثة أمور: 

أولها أن الثنائي الشيعي رغم تفاؤل بري اللفظي بمهمته، إلا أنهما يأخذا على لودريان أنه بدأ مبادرته من نقطة أوحت بأن تعيينه جاء ليطوي صفحة استمرار باريس بترشيح فرنجية.. وأن تكليفه بالملف اللبناني من قبل الاليزيه، يعني من ضمن ما يعنيه، أن فرنسا لم يعد لديها مرشح تفضله وهو فرنجية، بل أصبحت أقرب لخيار البحث عن إسم ثالث.. 

.. وسواء الرئيس بري أو السيد نصر الله؛ فإنهما قرأا سياسياً معنى تعيين لودريان على أنه انقلاب فرنسي على موقف الاليزيه الذي كان مسايراً لترشيح فرنجية..

ومن هنا فإن تكليف لودريان بالملف اللبناني، بدأ من نقطة تتعارض مع إصرار الثنائي الشيعي على ترشيح فرنجية..

الأمر الثاني الذي يسهم في جعل لودريان في أزمة، هو أنه لم يقدم حتى الآن الإثبات الدامغ الذي يثبت أمراً أساسياً وهو أنه فعلياً يمثل مبادرة إقليمية ودولية تشمل أميركا والسعودية وإيران، وليس مجرد مبعوث فرنسي، أو مجرد مستكشف دولي من دون صلاحيات مستمدة من دول القرار الأممي والاقليمي ..

وداخل كواليس لبنانية، هناك قناعة تقول أنه طالما لم يستقبل الأمير محمد بن سلمان الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان، فإن الأخير – أي لودريان – سيظل يعتبر “بطة عرجاء” لا تملك أوراق الحل الدولي ولا الإقليمي في لبنان …

أما المشكلة الثالثة التي تقع فيها مبادرة لودريان؛ فهي انبثقت من وجود قناعة بأن لودريان مكلف في العمل في لبنان من أجل تعزيز مهمته الثانية المكلف بها في السعودية.. فلودريان شخصية سياسية بنت قصة نجاحها السياسي داخل فرنسا، جراء نجاحها ببناء أفضل علاقات تجارية بين باريس والرياض أيام كان لودريان وزيراً للدفاع. 

.. ودائماً يتم النظر إليه في باريس على أنه منقذ اقتصادي لفرنسا نتيجة ثقة الخليجيين به، ورغبتهم الدائمة ببناء تجارب اقتصادية مع فرنسا من خلاله؛ وعليه فإن فرنسا تعطي أهمية كبيرة للجزء الخليجي من تحرك لودريان الحالي، وليس بشكل أساسي للجزء اللبناني منها..

والواقع أن أحد المتابعين اللبنانيين للعلاقات الفرنسية في المنطقة، اعتبر أن تكليف لودريان من قبل الاليزيه بالملف السعودي، بنفس الوقت الذي هو مكلف فيه بالملف اللبناني؛ إنما هذا التصرف يشكل إهانة للملف اللبناني!!.. 

قصارى القول في هذا المجال أن لودريان سيأتي إلى لبنان قريباً وقد سبقته إلى بيروت أسئلته لنواب وأحزاب الأمة، وستصلها أسئلة نواب وأحزب الأمة على أجوبته؛ قبل أن يصل إلى لبنان.. وبهذا المعنى فهو لن يصل لتلقي أجوبة الحل على أسئلة مبادرته، بل سيصل ليتلقى صفعة أن أسئلته تم الإجابة عنها بأسئلة من اللبنانيين؛ وأن أسئلة لودريان وأسئلة أجوبة اللبنانيين عليها، ستكون قد نشرت وعممت على وسائل الإعلام حتى قبل أن يصل لودريان إلى لبنان .. 

 ..والرسالة التي يريد نواب أحزاب الأمة إيصالها لماكرون ومن وراءه للودريان هو أن أحزاب لبنان هي التي لديها أسئلة عن ثمن الحل الذي يجب تناله، وليس فرنسا هي التي يجب أن تطرح أسئلة عن الثمن الذي يمكن لأحزاب لبنان أن تدفعه كرمى لعيون إرساء حل لأزمة بلدها..

Exit mobile version