خاص الهديل:
اللقاءات التي أجراها أمس وزير خارجية إيران اللهيان في الرياض والتي توجت باستقباله من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أعطت اتفاق بكين الإيراني السعودي زخماً كبيراً، ومدته بجرعة معنوية عالية المنسوب، خاصة وأنه في الآونة الأخيرة شاعت أجواء متشائمة عن حسن سير تنفيذ الاتفاق، وصار هناك ميل لاعتبار أن الاتفاق يواجه تعثراً كبيراًِ!!؟.
والواقع أنه خلال الأسابيع الماضية، جرى تقصد تسليط الضوء على عدة أمور ذات صلة بتطبيق الاتفاق السعودي الإيراني، وذلك من باب أن هذه الأمور تؤشر على أن اتفاق بكين الإيراني السعودي يواجه أزمة..
.. ومن هذه الأمور التي تم إثارتها، القول أن الرياض أجلت إرسال سفيرها إلى طهران؛ وأن السبب وراء ذلك هو عدم رضا الرياض عن سلوك طهران تجاه تنفيذ بعض التعهدات التي قطعتها على نفسها للسعودية في بكين.
.. ومن هذه الأمور أيضاً اعتبار محللين أن تردي العلاقة التي كانت بدأت بين الرياض ودمشق، إنما هي جزء من حالة التراجع العام الذي يمر به الاتفاق الإيراني السعودي.
كما أعتبر محللون في حينه أن الأنباء التي تتحدث عن تسيير دوريات أميركية سعودية في الخليج، إنما هي دلائل عملية على أن ثقة السعودية بأن تكون إيران جزءاً من التهدئة في منطقة الخليج، تواجه تراجعاً كبيراً؛ والسبب وراء ذلك هو اكتشاف الرياض أن إيران لن تلتزم بتعهداتها للسعودية بموجب اتفاق بكين!!..
على أن كل هذه التحليلات اصطدمت بالفعاليات الهامة التي رافقت زيارة اللهيان إلى السعودية، وبخاصة استقباله من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان..
ولقد أكدت أحداث زيارة اللهيان للسعودية أن كل موجة التشاؤم التي بثها الإعلام في الآونة الأخيرة حول تردي حالة الاتفاق السعودي الإيراني، لم تكن صحيحة.. كما أن لقاء اللهيان بولي العهد محمد بن سلمان أكد أن السعودية وأيضاً طهران، يتعاملان مع اتفاق بكين، بمستوى استراتيجي، ما يعكس مدى اهتمام الطرفين بضرورة تنفيذه.
وقبل زيارة اللهيان للسعودية، كانت مراجع مطلعة شرحت لمراجع لبنانية معنية حقيقة الواقع الحالي للعلاقة بين الرياض وطهران، حيث ذكرت على هذا الصعيد عدة معطيات موثوقة:
أولاً- أكدت هذه المصادر أن تأخر وصول السفير السعودي إلى طهران هو أمر يعود لظروف لوجستية؛ وليس هناك أية خلفية سياسية لذلك..
ثانياً- لفتت هذه المصادر إلى النجاح الكبير الذي يسود عمل القنصلية السعودية في مشهد، والتي تنشط على نحو يلقى تثمين الدولتين الإيرانية والسعودية بها.
ثالثاً- أضافت هذه المصادر أن الانتكاسة حصلت فعلاً بين الرياض ودمشق؛ ولكن هذا الأمر ليس له أية صلة باتفاق إيران – السعودية.
وبحسب هذه المصادر فإن السعودية عاتبة على النظام السوري لأنه لم يلتزم بالشكل الكافي بتنفيذ أمرين تم الاتفاق عليهما:
الأول إبداء أداء أكبر على مستوى مكافحة تهريب المخدرات إلى الخليج، وخاصة حبوب الكبتاغون.. هذا في حين أن دمشق تعتقد أن الملاحظات السعودية يمكن التعامل معها بشكل إيجابي، ما يؤدي بالنهاية إلى تجاوز القطوع السلبي الحالي في العلاقة بين البلدين..
أما الامر الثاني الذي سبب تراجع الانفتاح السعودي على دمشق، فيعود بحسب مصادر لكون سورية لم تبادر لإبداء إشارات عملية تجاه التعامل مع قضية إعادة النازحين السوريين؛ في حين أن دمشق تقول أنها لا تملك القدرة المادية على استيعاب عودتهم في الوقت الحالي الذي تشهد فيه سورية أكبر أزمة مالية واقتصادية منذ استقلالها.
وختمت هذه المصادر في مجال وصفها للواقع الحقيقي للعلاقة الراهنة بين الرياض وإيران بالقول أنها تمر بلحظة جيدة، ولا يوجد حتى الساعة عقبات بوجه استمرار مسارها إلى الأمام؛ ولكن المستجد الوحيد السلبي هو ملاحظة أن واشنطن قررت مؤخراً على ما يبدو البدء بشن هجوم معاكس على اتفاق بكين الايراني السعودي، وذلك بغية عرقلته ومحاصرته، وإرغام الطرفين على المراوحة داخل مربع عدم التقدم، ومن ثم الوصول إلى الفشل!!..
وتتوقف هذه المصادر عند نقطة أساسية في الموقف الأميركي المستجد، ومفاده أن إدارة بايدن قد تكون في هذه المرحلة ذاهبة لاتباع سياسة تصعيد كبيرة، والهدف من ذلك تزخيم الضغوط المباشرة وغير المباشرة على روسيا والصين في كل مناطق العالم، وذلك كمواكبة منها لبدء الهجوم الأوكراني على القوات الروسية؛ وهو الهجوم المتوقع بحسب معلومات دبلوماسية أن يبلغ ذروته في شهر أيلول المقبل؛ أي قبل دخول فصل الخريف وبدء موجة الثلوج…