خاص الهديل:
هناك سؤال يتردد بكثافة داخل بيئة التيار الوطني الحر، وأيضاً داخل بيئة حزب الله، وبنسبة أقل داخل بيئة القوات اللبنانية؛ ومفاد هذا السؤال هو من يقود الآخر: ميشال عون أم جبران باسيل؟؟ وبعبارة أخرى هل العم يقود الصهر ويحركه(؟؟) أم الصهر يقود العم ويحركه(؟؟).
المقربون من سعد الحريري كانوا يجزمون من خلال تجربة الأخير مع المشاورات مع الرئيس عون لتشكيل الحكومة، أن الصهر يحرك العم، وأن الكلمة الأخيرة في مواضيع القصر الجمهوري أيام حكم عون، كانت لباسيل وليس لعمه فخامة الرئيس..
ويروي هؤلاء عشرات الأمثلة العملية التي تثبت نظريتهم هذه.. فهم يقولون أنه أكثر من مرة كان الحريري يتفق مع ميشال عون على تركيبة حكومية، ولكن بعد وقت قليل يتصل القصر الجمهوري بمقر الحريري ويبلغه أن الاتفاق طار، ولدى التدقيق بالأسباب يتبين أن باسيل تدخل وفرض على عمه تغيير رأيه ولحس تعهده..
ويمقابل هذه التأكيدات بأن عون منقاد بالكامل من صهره باسيل، يوجد قناعة كاملة لدى بيئات واسعة داخل التيار البرتقالي مفادها أن الجنرال (أي الرئيس عون) لا أحد يقوده، وأنه لا يزال حتى هذه اللحظة يمسك بكل خيوط التيار الوطني الحر ابتداء من باسيل حتى آخر عضو عامل في التيار.
ويقول هؤلاء أن من يقول أن باسيل يحرك عمه، فهو لا يعرف ميشال عون..
ويعطي هؤلاء عدة أمثلة تدلل كيف أن عون لا يزال حتى اللحظة هو الرقم الأساسي والوحيد داخل تياره:
أحد هذه الأمثلة يتعلق بكيف استنجد باسيل مؤخراً بميشال عون حتى يقمع عملية الانقلاب ضده التي كانت قيد الإعداد داخل التيار.. وتشيع داخل التيار مجموعة من الوقائع التي تتحدث بالتفصيل كيف أن الرئيس عون حمل عمره المديد فوق كتفيه، وذهب إلى مكان اجتماع قادة الصف الأول في التيار، وقال لهم من لا تعجبه سياسة التيار فيمكنه أن يعبر عن رأيه داخل اجتماعات التيار، ومن يريد أن ينشق عن التيار فإن هذا الباب يتسع لمرور جمل..
ولقد أحبط عون بمجرد حضوره الاجتماع خطة معارضي باسيل، وباتوا أرقاماً هامشية بمجرد مخاطبة عون لهم.
وهناك مثل آخر مفاده أن من يعارض ترشيح سليمان فرنجية بشكل جذري وكلي هو ميشال عون، وليس جبران باسيل الذي لو عادت إليه فإنه قد يقبل بالتفاوض على ثمن مقابل تأييده ترشيح فرنجية..
وقصة ميشال عون مع سليمان فرنجية تعود إلى ٦ سنوات خلت.. آنذاك حسب الرواية العونية ومصادر أخرى، تعهد حزب الله بعد انتخاب عون رئيساً للجمهورية بأن ينهي فرنجية مقاطعته “للجنرال” وأن يزوره بشكل دوري في القصر الرئاسي، وأن يكون فرنجية مؤيداً للعهد العوني؛ ولكن فرنجية لم يف بتعهده هذا الذي قطعه للحزب، وبدل أن ينفتح على عهد عون فإنه تحت الطاولة، اصطف إلى جانب الرئيس نبيه بري في إضعاف العهد العوني..
ويضيف العونيون أن الجنرال ميشال عون لن ينسى تواطأ فرنجية مع بري ضد عهده، ولن ينسى كيف أن أبو طوني تعهد للسيد حسن نصر الله بشيء، ونفذ عكسه..
وينقل عونيين عن الجنرال قوله في مجالسة الضيقة، أنه طالما هو حي، فإنه لن يسمح لفرنجية بالوصول إلى قصر بعبدا، مهما كلفه ذلك…
وداخل قصة ما يقوله العونيون عن عدم التزام أبو طوني بالوعد الذي قطعه لنصر الله بعدم معارضة العهد العوني، يروي العونيون أيضاً كيف أن فرنجية بعد يوم واحد من صعود عون إلى قصر بعبدا، عقد جلسة مطولة مع نصر الله بناء على طلب الأخير..
وخلال هذه الجلسة شرح نصر الله لفرنجية خارطة الطريق التي يجب عليه أن يسير عليها، إذا أراد أن يكون هو الرئيس المقبل بعد نهاية رئاسة ميشال عون
أول بند في هذه الخطة هو أن يوسع فرنجية قاعدته الشعبية، وأن لا يبقى”زعيم زاوية زغرتا”، بل عليه أن يصبح زعيماً مسيحياً على امتداد البلد..
وثاني بند هو أن ينفتح فرنجية على ميشال عون وعلى عهده، حتى تتم تصفية الخلافات بين المردة والعونيين..
ثالث بند هو أن يطرح فرنجية خطط عمل ويبني كادراً سياسياً لحزبه.
والواقع أن فرنجية وعد نصر الله بتحقيق هذه البنود الثلاث، ولكنه عملياً لم ينفذ أياً من هذه البنود، رغم أن الحزب دفع أموال لفرنجية – والكلام دائماً للعونيين – كي يترجم بشكل عملي خطته الجديدة التي تشمل توسيع نطاق زعامته لتصبح وطنية بدل أن تبقى مناطقية.
ويختم العونيون بالقول أن ميشال عون يعتبر أن فرنجية نكث بوعده لنصر الله من جهة، وعارض العهد العوني من جهة ثانية بدل أن ينفتح عليه.. وكل هذا يعني أنه لا يجب على حزب الله مكافأة فرنجية، بل المطلوب معاقبته وحرمانه من فرصة الفوز برئاسة الجمهورية..