الهديل

خاص الهديل: دلالات على أن داعش تتسلل بين صفوف الطفرة الجديدة من النازحين السوريين إلى لبنان..

خاص الهديل:

خلال هذا الشهر، ظهر واضحاً أن التحديات التي تواجه الإستقرار الهش أصلاً في لبنان، تكاثرت على نحو ملحوظ، وعلى أكثر من جبهة.. 

.. ومن خلال إجراء جولة سريعة على أحداث هذا الشهر، يمكن ملاحظة مجموعة من العناوين المتفجرة القادمة على لبنان، والتي يظل أبرزها عنوان النزوح السوري، وما طرأ عليه من مستجدات غاية في الخطورة. ومن المهم في هذا المجال الإشارة إلى المعطيات المستجدة التالية:

أولاً- مع مطالع هذا الشهر حدثت في حي السلم في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، واقعة إقدام منفذ عملية التفجير الإرهابي في منطقة السيدة زينب في دمشق على الإنتحار خلال دهم الشقة التي كان يختبأ بها..

 

ولم تتضح بعد ما إذا كان هناك عناصر أخرى من أفراد داعش الآتين من سورية، يختبئون معه.. ولكن بغض النظر عن التفاصيل ذات الصلة بهذا الموضوع، فإن الاستنتاج الأساس الذي تركته هذه الواقعة، يفيد بأن داعش باتت موجودة بكثافة في لبنان، لأن وجودها يتموضع بالأساس بين ظهراني مجتمع النزوح السوري المنتشر في كل مناطق لبنان، من دون استثناء.. 

والواقع أن هناك خبراً جيداً على هذا الصعيد، وهو تصريح مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري منذ أيام، عن أن الجهات الدولية المعنية سلمت لبنان من دون شروط مسبقة “داتا المعلومات” التي لديها عن تواجد النازحين السوريين في لبنان.. 

ويعتبر هذا التطور أكثر من هام، كونه يسلح الدولة اللبنانية بأهم شرط يمكنها من وضع عينها لحد معقول على ما يجري داخل مجتمع النزوح السوري في لبنان الذي بات يشكل “ثلث الشعب اللبناني”(!!)، بحسب بعض التقديرات الإحصائية..

ثانياً- بمقابل الدلالات الخطرة لواقعة قيام منفذ التفجير الإرهابي في السيدة زينب، بالاختباء في الضاحية الجنوبية لبيروت، برزت أيضاً دلالات خطرة أخرى خلال هذا الشهر، تمثلت ببدء طفرة جديدة من النزوح السوري إلى لبنان، وذلك تحت ضغط عودة أحداث الإعتراضات الشعبية إلى منطقتي درعا والسويدا، وأيضاً تحت ضغط أن نسبة عالية من الشعب السوري، وصلت إلى تمام خط الفقر ، أو ما دونه، نتيجة تعاظم وتيرة الغلاء وانهيار سعر صرف الليرة السورية بمقابل الدولار .. أضف إلى ذلك، وجود معلومات تفيد بأن عناصر داعش تستغل طفرة النزوح السوري الجديدة والحالية إلى لبنان، وتدس بين صفوفها مجموعات من خلاياها، وذلك بهدف أن تتموضع (خلايا داعش هذه) في كل مناطق لبنان، مستفيدة من أن ديموغرافيا النازحين السوريين تمتد على مجمل المساحة الجغرافية اللبنانية..

.. وفي هذا الإطار، لوحظ خلال الأيام الأخيرة أن موجة النزوح السوري الحالية، تشتمل على ثلاث فئات: نازحون هاربون من اشتداد الضائقة المعيشية والفقر.. ونازحون هاربون من عودة الوضع الأمني للتردي نتيجة تجدد الاعتراضات الشعبية.

ونازحون هاربون من مناطق “إمارة داعش”، وهؤلاء يحملون معهم بطاقات سكان “إمارة داعش”، وليس بطاقات الهوية السورية(!!).. 

والواقع أن هذه الأنواع المتعددة من النزوح الحالي للسوريين إلى لبنان، تطرح سؤالاً أساسياً، وهو كيف يمكن للبنان “المنهار اقتصادياً”، و”غير المتماسك أمنياً”، و”المحاصر دولياً”، و”غير المستقر سياسياً”؛ أن يتعامل، ولو بالحد الأدنى، مع هجرات سورية ذات بعد أمني (نازحون من مناطق داعش) وذات بعد معيشي (تردي الوضع المعيشي) وذات بعد سياسي (عودة الاحتجاجات)، تحصل باتجاهه في ذات الوقت؟؟!.

وبديهي القول أنه حتى يمكن للبنان التعامل مع ثلاثة أنواع من الهجرات السورية بنفس الوقت، أن يكون لديه التجهيزات الأمنية المناسبة لمواجهة هجرات قادمة من مناطق داعش، وأن يكون لديه القدرات المالية المناسبة ليحتوي هجرات سورية هاربة من الفقر، وأن يكون لديه قدرات دولة قائمة وليست في حالة تصريف أعمال، حتى يحتوي هجرات سورية هاربة من عودة الأحداث السورية إلى مربع بدايتها في العام ٢٠١١..

وقصارى القول في هذا المجال، هو أن دينامية الأحداث في سورية تعود لمربعها الأول من التوتر والاشتعال؛ في حين أن دينامية النزوح السوري إلى لبنان تشهد حالة تراكم ناتجة عن موجات الهجرة السورية الأولى التي جاءت إلى لبنان خلال جولات العنف السورية التي استمرت بين عامي ٢٠١١ و٢٠١٩؛ والتي ظن لبنان كما الكثير من دول العالم أنها توقفت، ولذلك بدأ لبنان يفكر بأن يتعامل مع رقم مليوني نازح سوري الموجودين على أرضه، على أنه يمثل سقف أعداد النازحين السوريين في لبنان؛ وعلى أنه رقم قابل للتضاؤل كون الهدوء عاد إلى سورية، وعليه صار من الممكن تنظيم عودة نازحين سوريين من لبنان إلى مناطقهم الهادئة في سورية، ولكن اليوم، ومع عودة التوترات إلى سورية وتعاظم العوز هناك، فإنه يجب على الواقع اللبناني أن يستعد ليس فقط لبقاء المليوني نازح سوري في لبنان، بل لاستقبال الطفرة الثانية من النازحين السوريين، والتي قد تدفع بمئات الآلاف منهم للهجرة إلى لبنان في خلال عدة أشهر فقط؛ وفقاً للتوقعات، وفي حال تعاظمت حالة التوتر الأمني والسياسي، والفقر، القائمة حالياً في سورية.

 

Exit mobile version