الهديل

خاص الهديل: العودة للعام ٢٠١١: الديموقراطيون الأميركيون يعودون لنظرية الفوضى الخلاقة..

خاص الهديل:

خلال هذا العام دخلت أوضاع العديد من دول المنطقة في تطبيقات نظرية الفوضى الخلاقة التي هي عبارة عن فقدان السلطات للسيطرة إما الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية على الأحداث في بلدانها .. وكانت السودان من بين دول المنطقة التي تم إعادتها إلى مربع التفاعل ضمن نظرية الفوضى الخلاقة الأمنية، حيث يتهم سودانيون ودول مجاورة للخرطوم إدارة بايدن بأنها لا تريد وقف الحرب السودانية، بل “تنظيم الحرب هناك”، بحيث يسود ميزان رعب بين طرفي القتال ما يؤمن استمرار الفوضى الخلاقة العسكرية الأميركية السودانية.. فيما سورية عادت لفترة الفوضى السياسية والاقتصادية الأميركية الخلاقة؛ فإدارة بايدن تشجع عودة الاحتجاجات وترسيم خط فصل بين النظام ومناطق المعارضات الدرزية والسنية والكردية؛ في حين أن لبنان يسير قدماً داخل الفوضى السياسية والاقتصادية الخلاقة؛ كما أن هناك دولاً إقليمية كبرى عدة في المنطقة، دخلت إرهاصات الفوضى الاقتصادية الخلاقة المتمثلة بإشتعال أزمات انهيار عملاتها الوطنية بوجه صعود سعر صرف الدولار..

وهناك حتى اللحظة نظريتان إثنتان، يرى متابعون أن إحداهما هي التي تبرر السبب الرئيسي الذي قاد إدارة بايدن الديموقراطية، للعودة إلى إتباع استراتيحية الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط، وذلك بعدما ساد الظن خلال الفترة القليلة الماضية أن هذه الاستراتيجية تم طي صفحتها، وجرى دفنها، وإعلان فشلها: 

النظرية الأولى تقول أن الأحداث الأخيرة في المنطقة، وكان آخرها الاتفاق السعودي – الإيراني ورعاية الصين له، خلقت في المنطقة قناعة بأن النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط دخل مرحلة التآكل الاستراتيجي..

والواقع أن واشنطن ساهمت أيضاً من جانبها، بخلق هذه القناعة لدى دول المنطقة، وذلك بسبب إعلانها على مدار السنوات الأخيرة بأنها قررت تنفيذ انسحاب استراتيجي من الشرق الأوسط، لمصلحة توجيه قوتها نحو آسيا الوسطى حيث يوجد العدو الاستراتيجي الأساسي للولايات المتحدة؛ أي الصين..

ويسود اليوم قناعة عند دول المنطقة أن واشنطن قررت تصحيح مسار سياستها في الشرق الأوسط، والانتقال من حالة إعلان أنها بطور الانسحاب من المنطقة، إلى حالة الإعلان أنها بصدد شن هجوم مضاد على أعدائها في الشرق الأوسط، وعلى الجانب غير المرحب به أميركياً من تطبيقات اتفاق بكين بين الرياض وطهران..

ويبدو واضحاً أن واشنطن تعتبر سورية هي أهم ساحات الشرق الأوسط المناسبة لإدارة المواجهة الجديدة فيها؛ وهذا ما يبرر لماذا قررت السعودية تجميد علاقتها حالياً مع دمشق، ولماذا قررت واشنطن التهديد بإغلاق معبر البوكمال بوجه سلاسة امدادات الأسلحة الإيرانية إلى كل من سورية ولبنان.

.. ويتوقع أصحاب نظرية أن إدارة بايدن بصدد تنفيذ “إجراء كبير” أو “عملية إستراتيجية” تؤدي إلى استعادتها لهيبة نفوذها في المنطقة، أن تبادر واشنطن لتوجيه “عملية عسكرية تكتيكية ضد إيران”؛ أو أن يبادر بايدن لتنفيذ “عملية اغتيال” على وزن عملية الاغتيال التي نفذها ترامب ضد كل من قاسم سليماني والمهندس العراقي. 

.. أما النظرية الثانية فتتحدث عن أن بايدن قرر العودة لممارسة الفوضى الخلاقة في المنطقة، لأن إدارته باتت مقتنعة بأن عليها أن تبادر لوقف تآكل هيبتها في المنطقة؛ وهي عادت لأرشيفها أيام أوباما في المنطقة والذي يتضمن السير باستراتيجية الفوضى الخلاقة.. ورغم إدراك إدارة بايدن أن هذه الاستراتيجية لم تنجح بتنصيب أنظمة حكم جديدة في بلدان (ثورات الربيع العربي) الفوضى الأميركية الخلاقة، ولكنها نجحت إما بحصار الأنظمة المعادية لأميركا أو بإسقاطها لتحل مكانها حالة الفوضى العارمة التي يمكن السيطرة عليها أميركياً عبر خلق توازنات بين مكوناتها المتقاتلة والمتضادة.. 

وما تغير حالياً هو أن إدارة بايدن الديموقراطية ستعود للاستثمار باستراتيجية الفوضى الخلاقة في دول أزمات الربيع العربي المستمرة؛ وذلك لمصلحة إعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة لمصلحتها عبر إظهار أن البديل عن أميركا في الشرق الأوسط هو الفوضى العارمة، وليس ملء الفراغ الأميركي الاستراتيجي عبر شراكة دول المنطقة مع الصين وروسيا وإيران..

 

Exit mobile version