الهديل

خاص الهديل: قصة التقاطعات بين زيارتي اللهيان وهوكشتاين: عرض إيراني للإسهام باستقرار “إنجاز بايدن التاريخي”؟؟

خاص الهديل:

قال بيان السفارة الأميركية “أن كبير مستشاري الرئيس الأميركي اموس هوكشتاين سيزور لبنان(…) لمتابعة اتفاق الحدود البحرية التاريخي الذي جرى التوصل إليه في أكتوبر العام الماضي(…)”.

ومن جهته غرد السفير الإيراني على حسابه في أكس أن زيارة حسين أمير عبد اللهيان لبنان تؤكد دور إيران البنّاء الداعم للاستقرار في لبنان”..

والواقع أن مصطلح “الاستقرار” الذي أشار إليه كلام سفير إيران كهدف لزيارة اللهيان، يجيب على بيان السفارة الأميركية في لبنان التي أبرزت أن هدف زيارة هوكشتاين هي متابعة تأمين نجاح تنفيذ الاتفاق التاريخي البحري بين لبنان وإسرائيل..  

واضح من استعمال سفارة واشنطن كلمة “تاريخي” في توصيفها لاتفاق ترسيم الحدود البحرية، أن بايدن يعتبر هذا الاتفاق هو واحد من أهم الإنجازات التي حققتها إدارته؛ حتى أن بعض الصحف الأميركية ذكرت أن هذا الاتفاق هو الإنجاز الخارجي الوحيد لإدارة الرئيس الديموقراطي الطاعن في السن..

.. وعملياً فإن استخدام مصطلح “تاريخي” في توصيف الاتفاقات، غالباً ما ترد في بيانات وخطب الدول الشمولية، وليس معتاداً أن يتم استعمالها من قبل دول محافظة وديموقراطية كالولايات المتحدة الأميركية.. والواقع أن هذه المفارقة في مغادرة واشنطن تحفظها في استعمال المصطلحات، يؤكد مرة أخرى الأهمية الكبيرة التي توليها إدارة بايدن إعلامياً وسياسياً واستراتيجياً لإتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.. 

.. وهذه النقطة تطرح ملاحظة قديمة – جديدة؛ وهي لماذا لم يستغل لبنان عند التفاوض على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بالشكل الكافي حاجة إدارة بايدن الاستراتيجية لإبرام هذا الاتفاق(؟؟)؛ واستطراداً هل سيستغل لبنان اليوم بالشكل الكافي، حاجة إدارة بايدن لاستكمال متابعة نجاحها في تنفيذ هذا الاتفاق(؟؟). 

بكلام آخر مطلوب أن تدفع إدارة بايدن للبنان ثمناً أكرم نتيجة موافقته على اتفاق ترسيم الحدود البحري مع إسرائيل، وحالياً على استمرار تجاوبه مع ما تريده أميركا في مرحلة استكمال تنفيذ نجاح الاتفاق..  

..وإذا كان لبنان فاته في المرة الماضية انتهاز فرصة أن بايدن بحاجة لتوقيعه حتى يحقق أهم إنجاز خارجي لإدارته، أو حتى يحقق الإنجاز التاريخي الخارجي الوحيد لإدارته؛ فإنه في هذه المرة، يجب أن يكون لبنان حاضراً كي يقول لهوكشتاين التالي: ان استكمال نجاح إدارة بايدن بتنفيذ “الاتفاق التاريخي” الخاص بترسيم الحدود، يجب أن يقابله تلبية المطالب التاريخية التي يريدها لبنان من إدارة بايدن؛ وهي مطالب تخدم أصلاً مسعى هوكشتاين لتوفير أهم شرط لاستكمال نجاح تنفيذ اتفاق الترسيم البحري التاريخي لإدارة رئيسه، وهو توفير الاستقرار حتى تأتي الشركات كي تنقب وتصدر الغاز إلى أوروبا بحسب استراتيجية بايدن..

ولعل أهم مطالب لبنان التاريخية في هذه الفترة هي: 

– فك الحصار الاقتصادي عن لبنان؛ وإيجاد صيغة دولية إيجابية للتعاطي مع أزمته الاقتصادية الخانقة..

– مساعدة لبنان وبسرعة قصوى على إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم..

– إيضاح موقع وحصة لبنان داخل سوق الغاز العالمي، والاعتراف الدولي بلبنان كواحد من دول نادي الغاز العالمي.. 

وبانتظار وضوح كيف ستتصرف بقية الدولة اللبنانية مع زيارة هوكشتاين، ومع المرحلة الثانية من مهمة بايدن الخاصة باستكمال نجاح إنجازه ولايته الخارجي التاريخي الوحيد، يمكن هنا إدراج ملاحظتين أساسيتن: 

الأولى هي تزامن زيارة هوكشتاين مع زيارة اللهيان؛ وقد يكون التزامن هنا مصادفة، لكن تناغم مصطلحات بياني سفارتي أميركا وإيران حول الزيارتين، لم يكن مصادفة، بل انطوى على رسائل متبادلة.. فسفارة واشنطن وصفت الاتفاق البحري بين لبنان وإسرائيل بأنه تاريخي، وأن هوكشتاين جاء إلى لبنان من أجل استكمال نجاح هذا الاتفاق التاريخي.. وهذا يعني أن استمرار النجاح في تنفيذ هذا الاتفاق التاريخي لبايدن هو “خط أحمر” بالنسبة لإدارته، كما كان التوصل لإبرام هذا الاتفاق التاريخي بمثابة خط أحمر لبايدن.. وعليه فإن أهم عامل توحي به زيارة هوكشتاين هو العمل الأميركي على ضمان أجواء التهدئة التي توفر استقرار حماية الاتفاق البحري التاريخي؛ أي عدم التصعيد على جبهة الجنوب؛ وعدم انزلاق الأزمة اللبنانية إلى ضرب ما تبقى من الاستقرار الداخلي.. وإلى هنا مضمون رسالة زيارة هوكشتاين لمن يعنيهم الأمر سواء داخل لبنان أو المعنين خارجياً بلبنان.. 

وبالمقابل جاء التوضيح من سفارة إيران في لبنان ليقول أن زيارة اللهيان لبيروت تؤكد دور طهران الإيجابي في دعم استقرار لبنان.. وهذه العبارة التي أبرزها كلام السفير الإيراني في لبنان؛ تقدم عرضاً إيرانياً لبايدن مفاده أن مفتاح الاستقرار في لبنان، وخاصة في منطقة الاتفاق التاريخي البحري بين بيروت وتل أبيب، موجود في يد طهران، وعليه يجب أن “تتفكر” إدارة بايدن جيداً بمعنى “تقاطع معادلة الاستقرار بينها وبين طهران” بخصوص ضمان مستقبل أهم اتفاق حقق لبايدن الإنجاز التاريخي الوحيد الخارجي لإدارته. 

الملاحظة الثانية تتصل بأن اللهيان استخدم خلال وجوده في سورية لغة الصدام مع أميركا، ولغة الدعوة لتسوية مع تركيا والسعودية بخصوص سورية؛ فيما أنه في لبنان دعا للتنبه لدور بلده الهام في دعم الاستقرار.. وهذا يعني أن طهران مستعدة للتفاوض على استقرار إنجاز بايدن التاريخي في لبنان، وعلى الاستثمار في كل معادلة استقرار لبنان المطلوب أميركياً، وفصله عن التوتر في سورية المطلوب أميركياً، والمنخرطة طهران في مواجهته مع حلفائها هناك…

Exit mobile version