رفضت مندوبة لبنان الدائمة السابقة لدى الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي، تحميلها مسؤولية صدور قرار مجلس الأمن 2650 الذي جدّد لليونيفيل السنة الماضية، وفيه لغة عن حرّية حركة اليونيفيل من دون إذن مسبق، وهو ما يرفضه لبنان، مشيرة إلى أنّها “لم تردّ السنة الماضية على الاتهامات عندما وردتها معلومات من لبنان أن وزير الخارجية عبد الله بوحبيب ألقى أمام لجنة الخارجية، وأمام أطراف لبنانية معنية مباشرة بالوضع في الجنوب، المسؤولية عليها في تمرير القرار بالعبارات الجديدة”.
وقالت مدللي: “كنت لا أتمنّى، ولا أريد أن أدخل وزارة الخارجية في زوبعة سياسية تضيف إلى الوضع الصعب الذي تعيشه الوزارة ويعيشه لبنان. وكنت أعتقد أن أحداً لا يمكنه أن يصدق أن سفيراً وحده من دون دعم دولته يستطيع أن يغيّر قراراً لمجلس الأمن وفيه دول عظمى، ومع الأسف هذا حصل حتى بعد زيارة الوزير إلى الأمم المتحدة هذا الأسبوع وصدور القرار من دون تغيير عبارات السنة الماضية”.
وتابعت: “لكن اليوم، وبعدما وردني أن وزير الخارجية اتهمني أمام دول مجلس الأمن بأنني المسؤولة وأنني لم أنفّذ تعليمات الدولة اللبنانية السنة الماضية، وأنه ادّعى أنني صرفت من عملي بسبب ذلك، وهذا كلام غير صحيح، وجدت أنه من واجبي وضع الحقائق أمام الجميع، لكي تظهر حقيقة ما جرى ولا تستمر المحاولات التي تسعى إلى تضليل الرأي العام والمجتمع الدولي حول مسؤولية من تقاعس عن تحمل مسؤوليته السياسية السنة الماضية ممّا أدى إلى صدور القرار”.
وشرحت مدللي: “في التاسع من شهر آب الماضي، تسلّمنا في بعثة لبنان في الأمم المتحدة من الفرنسيّين نص مسودة القرار الذي تضعه فرنسا عادة لأنها حاملة القلم للبنان في مجلس الأمن. قمت مع الديبلوماسي المكلف بملف اليونيفيل في البعثة، بالاطلاع عليه وأرسلنا تقريراً إلى وزارة الخارجية عنه وطلبنا تعليمات لكي نبدأ في التفاوض لأن السفير اللبناني في الأمم المتحدة مثل كلّ سفراء دول العالم لا يستطيع أن يفاوض مجلس الأمن من دون تعليمات مفصله ودقيقة من دولته”.
وأضافت: “مرّت أسابيع من دون أن نتلقى أيّ ردّ أو تعليمات من وزارة الخارجية. اتّصلت خلالها عشرات المرات بوزير الخارجية وارسلت رسائل أطلب فيها إرسال التعليمات لأن الوقت يدهمنا وليس لدينا موقف لبنان حول النص. كان ردّ وزير الخارجية في كل مرة أنه ينتظر تعليمات وتعليق وزارة الدفاع على القرار المقترح ولم تصله بعد. في كل الاتصالات التي اجريتها مع الوزير والتواصل معه لم يذكر لي مرة واحدة موضوع حرية حركة اليونيفيل وماذا نقترح بديلاً عن اللغة. كان اهتمام الوزير يتركز في كل اتصال على ضرورة الحفاظ علي الفقرة المتعلقة بالمساعدات من اليونيفيل للجيش اللبناني في الجنوب الذي كان يعاني نقصاً في الوقود والغذاء”.
وتابعت مدللي: “كان اهتمام الوزير الموثّق لدي بالرسائل إشارة لنا على أن هذه هي أولويته وبدأنا العمل لكي نقنع الصين التي كانت تعارض تمديد المساعدة للجيش اللبناني، لأنها برأيها كانت إجراءً موقتاً. وأدت المفاوضات الصعبة التي قدتها مع السفير الصيني ومع أعضاء مجلس الأمن إلى نجاحنا في الحفاظ على المساعدة للجيش اللبناني”.
وأضافت: “مع اقتراب موعد التصويت ازداد قلقنا من عدم وجود تعليمات وكثفت اتصالاتي بالوزير ولكن من دون نتيجة. اتصلت بمدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية وطلبت مساعدته ولكنه كان في إجازته السنوية ولم يتمكن من المساعدة. التعليمات وصلتنا أخيراً في الـ29 من آب مع أن التصويت هو في 30 آب. قمنا فوراً بالتواصل مع أعضاء مجلس الأمن وزودناهم بموقف لبنان من التعديلات المطروحة وبدأت في اتصالاتي مع السفراء لعرض موقفنا. كان الجواب دائماً (لقد تأخرتم كثيراً ونحن نريد وقتاً للتشاور مع عواصمنا). قمنا بطلب تأجيل التصويت وتمّ تأجيله فعلاً حتى 31 آب لكي نستطيع القيام بالمزيد من الاتصالات”.
وأردفت: “إن أي ديبلوماسي يعلم كم هي معقدة وصعبة مفاوضات مجلس الأمن، والوزير اكتشف ذلك هذا الأسبوع، وهي لا تجري فقط في نيويورك من قبل بعثات الدول وإنما بين العواصم حيث يقوم المسؤولون بالاتصال بالعواصم الأخرى لتأمين الدعم اللازم. إن تهرّب المسؤولين من مسؤوليتهم ووضع المسؤولية على السفير وحده في تمرير قرار من دول مجلس الأمن هو افتراء وأمر خطير لأنه يلطّخ سمعة سفيرة قامت بعملها بمهنية ويضعها في قفص الاتهام”.
وأضافت مدللي: “إن الرسائل والاتصالات التي قمت بها موجودة وخصوصاً رسالتي للوزير يوم 29 آب بعد وصول التعليمات أعلمته أننا وزّعنا موقف لبنان على أعضاء مجلس الأمن وقلت له (لكنك تعلم أنّ هذا متأخر جداً. اللغة المقترحة ترسل عادة قبل شهر ويجري التفاوض حولها، ولكننا نقوم بكل وسعنا). كان ردّ الوزير مجرد (شكراً)”.
وختمت: “جميع اتصالاتي مع وزير الخارجية ومراسلاتنا إلى الوزارة موثقة لدي مع الاحتفاظ بحقي في الدفاع عن نفسي في وجه حملة تحميلي مسؤولية أمر جاء نتيجة تقاعس الوزير ووزارة الخارجية وليس نتيجة إهمالي لعملي. لن أقبل بعد اليوم أن يستمر الافتراء عليّ مع أنّ اللوم يجب أن يوجّه إلى من تقاعس عن تحمّل المسؤولية. أتمنى أن يعود الوزير إلى نفسه ويحاسبها بدل أن يرمي التهمة على الآخرين. كما أنني لن أقبل الإساءة إلى سمعتي المهنية امام أعضاء مجلس الأمن الذين عملت معهم ويعلمون أنني قمت بتمثيل لبنان بأمانة وعلى أفضل وجه في الأمم المتحدة ورفعت اسمه عالياً في كلّ شيء قمت به في ظلّ أصعب الظروف التي مرّت على لبنان في تاريخه”