منع الكحول في الأماكن العامة بإسطنبول… جدل سياسي وإعلامي ساخن!
شهدت مدينة إسطنبول جدلًا ساخنًا سياسيا وإعلاميا، بعدما تداولت وسائل إعلام تركية محلية تعميما لوالي المدينة يؤكد فيه حظر بيع وتناول المشروبات الكحولية في الأماكن العامة مثل الشواطئ والحدائق.
وقال تعميم داخلي أرسله مكتب الوالي -بتاريخ 17 آب الجاري- إلى أجهزة الشرطة والأمن، وتناقلته وسائل إعلام تركية، إن “الشكاوى المقدمة إلى الجهات المختصة مؤخرا أظهرت أن معظم الأشخاص المتورطين في الأحداث التي تخل بالنظام العام داخل حدود ولاية إسطنبول في الحدائق العامة والشواطئ وغيرها من الأماكن المفتوحة للعموم مدمنون على الكحول”.
وأشار التعميم إلى أنه “تبين أن الأشخاص الذين يشربون الكحول في هذه المناطق يسببون الإزعاج ويثيرون الخوف والذعر لدى شعبنا”.
ووفقًا للتعميم، سيتم تغريم من ينتهك حظر الكحول في الأماكن العامة بمبلغ قدره 617 ليرة تركية (نحو 23 دولارا)، كما سيتم وضع الأشخاص الذين يضبطون في حالة سكر تحت السيطرة حتى يزول السكر عنهم.
ولفت التعميم إلى أن ما به تعليمات تستند إلى القانون رقم 5326، أو ما يسمى قانون الجنح الصادر عام 2005.
وفي الوقت الذي رحب أنصار الحكومة التركية بالتعميم، انتقدته المعارضة وبعض خبراء القانون من المحسوبين على التيار “الكمالي”، حيث اعتبروا أن ولاية إسطنبول تجاوزت صلاحياتها. ورأوا القرار خطوة إضافية على طريق استمرار الحكومة في “التدخل في نمط حياة المواطنين”.
كما عبر عدد من الأحزاب المعارضة الرئيسية -على رأسها حزب الشعب الجمهوري- عن رفضهم القرار، فقال أوزغور أوزيل رئيس الكتلة البرلمانية للحزب “هذا ليس نصا تذكيريا، بل هو تمييز في نمط الحياة جاء بتعميم”، واعتبر القرار “لاغيا وباطلا”.
ودان حزب العمال التركي القرار قائلًا إنه “لا يعترف به”، حسب ما جاء في بيان على الموقع الرسمي للحزب.
وتقدم المحامي محمد أوميت أردم بطلب إلى القضاء، مطالبا بوقف تنفيذ الحكم وإلغاء التعميم، حيث رأى أن “شرب المشروبات الكحولية سيضع الناس تحت عبء اقتصادي خطير للغاية ما لم يدفع الوالي الفاتورة”.
ولاحقا، أعلنت نقابة المحامين في إسطنبول بدورها أنها رفعت دعوى قضائية لإلغاء تعميم والي إسطنبول.
في هذا السياق, علّقت ولاية إسطنبول عقبت على ردود الأفعال حيث أصدرت بيانًا جديدًا، أوضحت فيه أنها لم تتخذ قرارا جديدا في الموضوع ولم تحظر شرب الكحول في الأماكن المفتوحة كما صوره رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل قامت بتذكير السلطات المعنية بتنفيذ التعليمات التنفيذية لقانون 2005، الذي يشمل وضع قيود (وليس حظرا شاملا) على بيع واستهلاك المشروبات الكحولية في الأماكن العامة.
وقال البيان “في تعميمنا التذكيري، فقد بينا ما حدده القانون باختصار، عدم بيع المشروبات الكحولية للأطفال دون سن 18 عاما، والامتناع عن بيع الكحول بالتجزئة بين الساعتين 22:00 والساعة 06:00، باستثناء المطاعم والمقاهي المرخصة، وعدم جواز ذلك خارج الأماكن الحاصلة على ترخيص، في مناطق مثل مناطق التنزه والترفيه والسواحل والشواطئ وما إلى ذلك”.
وأضاف “بصفتنا واليا لإسطنبول، تأثر نشرنا لهذا التعميم التذكيري بشكاوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن المواطنين في أثناء زياراتنا للمنطقة، في ما يتعلق بالحوادث الفوضوية التي حدثت بسبب استهلاك الكحول”.
وتعليقًا على ذلك, قال المحامي المختص بالشؤون الإدارية متين غونداي, في حديث لـ صحيفة “جمهوريت” المعارضة, إنه لا توجد مادة خاصة باستهلاك الكحول في القانون رقم 5326 المشار إليه في القرار، وقال “يمكن فرض مثل هذا الحظر بموجب القانون، وليس بالتعميم”.
واستدرك أنه في المادة 35 من قانون الجنح يمكن تطبيق العقوبات على الأشخاص الذين يتصرفون بطريقة تزعج سلام وهدوء الآخرين بسبب السُكْر، مضيفا “مع ذلك، لا يمكن القول إن الأشخاص الذين يشربون الكحول على الشاطئ أو في الحديقة يهددون النظام العام”.
من جانبه، دافع الباحث والكاتب الصحفي يوسف كابلان عن قرار ولاية إسطنبول، قائلا -عبر حسابه على موقع “إكس”- إن الوالي داوود غُل “واحد من أكثر الولاة كفاءة وتميزا وسيذكره التاريخ باحترام وامتنان”، منبهًا من “حملة تشويه” يتعرض لها على خلفية القرار.
من جهته، رحب النائب عن مرسين من حزب “هدى بار” (حليف الحكومة) فاروق دينتش بخطوة ولاية إسطنبول، وقال -في تغريدة له على موقع “إكس”- إن “اختبار الصدق في منع العنف ضد المرأة وحماية الأسرة يمر من خلال مكافحة الكحول والإدمان على الكحول والمخدرات والقمار والشراكات العرفية والوسائل المؤدية إلى الزنا”.