الهديل

خاص الهديل: ما هو “الإتفاق الأولي” الذي يسعى حزب الله لإبرامه مع باسيل قبل وصول لودريان إلى لبنان؟؟..

خاص الهديل:

 

يوجد حراك للثنائي الشيعي بغير اتجاه: على مستوى الدعوة لفتح حوار وطني داخلي؛ وعلى مستوى دفع الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر إلى نتيجة محددة، وذلك قبل مجيء لودريان لبيروت؛ وعلى مستوى تقديم خارطة طريق لانتخاب فخامة الرئيس العتيد (مبادرة الرئيس بري في ٣١ آب)؛ فيما المعارضة – أو المعارضات – تتصرف بأسلوب “ردة الفعل” على مواقف ومبادرات رئيس أمل وأمين عام حزب الله، وليس لديها “خطة عمل” من عندياتها، أو “مشروع تجميع لفصائلها” أو مبادرة “توحيد لموقفها”، أو حتى “مشروع حوار” فيما بينها!!.

الحق يقال أن أزمة ثنائي حارة حريك وعين التينة الراهنة، لا تنتج من كون المعارضة تعيق خططهما؛ أو تبلي بلاء حسناً في مناهضتهما، بل منشأ كل أزمتهما تنطلق من وجود أزمة داخل صفوف محورهما اللبناني المسمى بمحور الممانعة والذي كان إسمه سابقاً ٨ آذار: فمن جهة لو كان هناك انسجام بين طرفي حلفاء حارة حريك الأهم، وهما جبران باسيل ونبيه بري؛ ومن جهة ثانية، لو كان هناك قبول من باسيل بترشيح فرنجية؛ لكان محور الممانعة اللبناني (٨ آذار سابقاً)، متحرراً الآن من أية قيود داخلية، ولكان بإمكانه أن يفعل ما يشاء من دون أن يواجه معارضة فعلية تذكر، ومن دون أن يستطيع المناوئين له تسجيل أدنى قدرة على اعتراض سبيله..

وما يمكن قوله في هذا المجال هو أن الثنائي الشيعي يواجه أزمات ينتجها هو لنفسه، ولا تنتجها المعارضة له.. فهو يواجه “أزمة نموذج”، حيث أن دوره داخل البلد وحتى داخل مناطق نفوذه، يشكل أكبر دعاية ضده؛ كما يواجه الثنائي أزمة تكيف مع الفكرة التقليدية للبنان، في حين أنه لا يقدم بالمقابل فكرة عملية بديلة، بل كل ما عنده هو التعايش مع فوضى الانهيار، الخ…

.. وبالتدرج من العام إلى التفاصيل، فإن الثنائي الشيعي، يواجه حالياً مشكلة مع توقيت مجيء المبعوث الفرنسي لودريان إلى لبنان في ١٧ أيلول الحالي حسب معظم التكهنات.. 

وتقع هذه المشكلة في أن لودريان سيحضر إلى لبنان هذه المرة ومعه “مفهوم عمل” ليس مماثلاً لمفهوم العمل الفرنسي الذي سارت عليه الإليزيه طوال الأشهر الثمانية الماضية؛ وكان مفاده توافق الإليزيه مع حزب الله على نقطة جوهرية بخصوص الاستحقاق الرئاسي؛ وهي توافقهما على أن فرنجية هو المرشح الوحيد الذي تدعم ترشيحه كتلة نيابية صلبة تتشكل من الثنائي الشيعي وحلفائهما، أما المرشحون الآخرون، بما فيهم جهاد أزعور، فليس لديهم دعم نيابي من كتل صلبة ثابتة على تأييدهم. وأكثر من ذلك فإن الثنائي الشيعي في حديثه مع الفرنسيين عن أبو طوني، طرح معادلة أن فرنجية ليس بالضرورة هو “المرشح الأفضل”، ولكنه بالتأكيد هو “المرشح الوحيد” الذي يمكنه الفوز فيما لو أن الخارج ساعد على تمرير جلسة انتخابه، وهو “المرشح الوحيد” الذي يمكنه الحديث بأريحية مع الرئيس بشار الأسد ومع الأمين العام لحزب الله.. 

.. وانطلاقاً من سلة مواصفات أن فرنجية هو “المرشح الوحيد” وليس “المرشح الأفضل”، انتهجت فرنسا موقف الداعم لترشيح فرنجية كونه الأقرب للفوز، وكون ترشيحه – بعكس كل المرشحين الآخرين – يعطي أملاً بفوزه، وهذا بحد ذاته يشكل أفضل برشامة متوفرة لحل أزمة الشغور الرئاسي.. 

هذه المرة سيصل لودريان إلى بيروت وفي مقدمة مهامه التخلي عن فكرة أن فرنجية هو “المرشح الوحيد”؛ وبدلاً عنها يحمل لودريان “فكرة الحل” التي أنتجها اجتماع اللجنة الخماسية الأخير، وهي فكرة لا تريح حزب الله، ولا الرئيس بري. ومن هنا كثف الثنائي الشيعي مناوراته ومبادراته واتصالاته على جبهة الاستحقاق الرئاسي، والهدف من كل ذلك هو خلق واقع سياسي جديد للاستحقاق الرئاسي يمنع لودريان من إعلان أنه غير تفكير فرنسا بخصوص ترشيح فرنجية. 

والواقع أن الثنائي الشيعي يتبع مسارين لقطع الطريق على ما سيحمله لودريان إلى بيروت: 

* الخط الأول تمثل بطرح بري لحوار الأيام السبعة الذي تليه فتح مجلس النواب للدخول بجلسات متتالية لانتخاب فخامة الرئيس العتيد..

واضح أن داخل مبادرة بري يوجد مناورة هدفها من جانب إحراج المعارضة عن طريق القول لها أنه لم يعد مفهوم مقاطعتها لمبادرات الثنائي الشيعي للحوار، خاصة بعد أن وضع بري مبادرته للحوار في سلة واحدة مع الاستجابة لطلب المعارضة بفتح المجلس أمام جلسات متتالية لانتخاب فخامة الرئيس.  

.. وسيقول الرئيس بري للودريان عند وصوله لبيروت، أن مبادرة ٣١ آب التي أطلقها في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، سبقت أسئلته، ولعبة ال”سين الفرنسية” وال”جين اللبنانية”؛ وهكذا سيجد لودريان نفسه أمام خيارين: إما أن يواكب مبادرة بري بدل أن يواكب مبادرة السؤالين الفرنسيين التي طرحها الشهر الماضي؛ وإما أن يصبح (أي لودريان) عاطلاً عن العمل برتبة مبعوث للرئيس ماكرون!!. 

* الخط الثاني الذي يعمل عليه الثنائي الشيعي لقطع الطريق على التغيير في موقف باريس من ترشيح فرنجية الذي سيحمله معه لودريان في ١٧ أيلول، يتمثل باستغلال حزب الله للحوار مع باسيل لتصويره في هذه الفترة على أنه جدي، وأن يتضمن فرصاً حقيقية للوصول إلى خاتمة إبرام صفقة تأييد باسيل لترشيح فرنجية، مقابل تعهد الحزب بضمانات سياسية لباسيل.. 

..ولكن المشكلة هنا بين باسيل ونصر الله، تقع في نقطة أن باسيل يريد من هذا الحوار الحالي مع الحزب شراء المزيد من الوقت الضائع لغاية خروج قائد الجيش جوزاف عون من اليرزة في الشهر الأول من العام القادم؛ في حين أن الحزب يريد من الحوار الحالي مع باسيل الحصول منه، ولو على “تعهد أولي” أو “تلميح أولي” بأن هناك إمكانية أن يدعم (أي باسيل) ترشيح فرنجية.. ولكن شرط الحزب هنا، هو أن يصدر عن باسيل هذا “التلميح” أو “التعهد الأولي” قبل وصول لودريان إلى بيروت؛ وهدف حارة حريك من هذا التوقيت، هو وضع هذا “التلميح الباسيلي” على الطاولة أمام لودريان عند مجيئه إلى لبنان؛ والقول له أن فرنجية المؤيد حديثاً بشكل أولي من باسيل، أصبح أقرب من أي وقت مضى للوصول إلى بعبدا؛ وعليه فإن باريس ترتكب خطأ بحق إنهاء الشغور الرئاسي إن هي تخلت في هذه اللحظة عن دعم فرنجية، وذهبت بدل ذلك للبحث إلى متاهات المعارضات، عن مرشح ثالث غير موجود، وليس وراءه بالعمق كتلة نيابية صلبة!!.

وما يجري حالياً هو سباق على الوقت بين باسيل المنتظر بفارغ الصبر خروج العماد جوزاف عون من قيادة الجيش؛ وبين نصر الله المنتظر بفارغ الصبر الحصول على “هدية ولو تكتيكية” من باسيل قبل مجيء المبعوث الفرنسي، حتى يمكنه استخدامها لإخراج لودريان من مقترح تخلي فرنسا عن ترشيح فرنجية!!،..

Exit mobile version