“نداء الوطن”:
مع فرض «التوك توك» حضوره على طرقات لبنان، يطرح السؤال: هل هذه العربة آمنة؟ هل طرقات لبنان صالحة لسير »التوك توك»؟ ما مصير الركّاب لو تعرّضت لحادث؟ بالطبع، لا جواب واضحاً على هذه المسألة، ربما لم يفكر أحد فيها. المهمّ لدى الناس في خضم هذه الظروف الصعبة هو البحث عن وسيلة نقل رخيصة حتّى لو كانت خطرة.
يُهيمن «التوك توك» على سوق النقل في منطقة النبطية، فهي الوسيلة الأوفر والأكثر طلباً، وليس مستغرباً أن تدخل أيضاً على خطّ نقل الطلاب إلى المدارس، مع ارتفاع كلفة النقل التي قد تتخطى الـ50 دولاراً للطالب الواحد. يُقرّ «ياسر» أحد سائقي «التوك توك» أن الخطر يلاحق هذه الوسيلة، نظراً إلى أنّ الحفر تكثر على طرقات المنطقة، ما يرفع نسبة الحوادث. في المقابل، يشير ياسر إلى أنّ مؤشرات حوادث «التوك توك» لا تزال محدودة نسبياً، من دون إلغاء الأخطار. يقول: «في كلّ مشوار، أشعر بوجود الخطر، في كلّ حفرة أسقط فيها، أرى الموت المحتّم، فـ»التوك توك» ليست وسيلة آمنه كغيرها، لكنّها وُجدَت لتلبية حاجات الناس».
لا يخفي «محمد» وهو والد لأربعة أولاد أنّه قرّر الإستعانة بـ»التوك توك» لنقل أولاده إلى المدرسة. لا ينكر وجود خطر عليهم، كونها غير آمنة، لكن في ظلّ هذه الظروف الصعبة، «نُفضّلها على الباص الذي فرض أجرة عالية». سيدفع 15 دولاراً تقريباً عن كل ولد، بينما كان سيدفع 25 دولاراً في «الباص»، هذا الفارق «أشترى به الكتب والقرطاسية».
كثيراً ما صدرت تحذيرات من هذه الوسيلة، ولكن لم يأبه بها أحد. تضطرّ «فاطمة» للتنقّل يوميّاً بين منزلها في تول وعملها في النبطية، أن تدفع 50 ألف ليرة يوميّاً أجرة «توك توك» في حين تصل الكلفة إلى 100 الف ليرة في سيارة الأجرة، وتُعقّب قائلةً إنّها «نجت ذات مرّة من حادث سير قاتل، كادت أن تنزلق العربة في الوادي، بعد سقوطها في حفرة، لعب القدر دوره ونجوت أنا والركّاب». وأردفت: «نعم خطرة، لكن ماذا نعمل؟ تسعيرة التاكسي مرتفعة وفوق قدرتنا».
يعتبر «فادي» وهو سائق «توك توك» أن عمله هو نتيجة الأزمة، لم يكن يفكّر في هذه الوسيلة سابقاً، لكنها اليوم فرصة عيشه. يعمل «دليفري» و»تاكسي» في آن، ما ساعده على مواجهة الصعوبات والأزمات الاقتصادية. يكشف أنّه مع كل مشوار يشعر بالخطر، «لكن لولا هذه الوسيلة لكنت عاطلاً عن العمل». تعرّض «فادي» لأكثر من حادث طفيف، لافتاً إلى أنه في منطقة النبطية لم يُسجّل أي حادث قاتل بعد، ما رفع ثقة الناس بـ»التوك توك».
وهو يعمل على خطّ زوطر النبطية، ولديه عدد كبير من الركاب، معظمهم ينقلهم إلى أعمالهم، لافتاً إلى أنّ الناس لا يفكّرون في الخطر داخلها، بل يشعرون بالراحة. همّهم كيف يوفّرون بدلات النقل الباهظة، وهذا ما شجع العديد للإلتحاق بعصر «التوك توك»، ويتوقع أن تتوسّع أكثر مع بداية العام الدراسي، مشيراً إلى زيادة الطلبات على نقلياته.
ثمّة حقيقة خطرة، أنتجتها الأزمة الراهنة هي تشريع الفوضى، فـ»التوك توك» رغم حسناته، إلا أنه مخالف لقانون السير، وغير خاضع للرقابة ولا يملك أصحابه أي تأمين ضدّ حوادث السير أسوة بسيارات الأجرة وغيرها من النقليات الشرعية، لكن يبدو أنّ المواطنين يفضّلون خطره على أسعار التاكسي، ما يؤكد أنهم بين المغامرة بسلامتهم وتخفيف أعباء العيش، يختار الناس التوفير.