الهديل

خاص الهديل: حرب عين الحلوة إقليمية: “لمن القرار” في “عاصمة الشتات الفلسطيني”؟؟ ..

خاص الهديل:

ليس سهلاً إعادة الزجاج المكسور إلى وضعه السابق.. وفي مخيم عين الحلوة ليس سهلاً إعادة المشهد فيه إلى ما كان عليه قبل جولة العنف الأخيرة.. 

.. وحتى يصبح واضحاً ما الذي تغير هذه المرة، يتحتم الإشارة إلى عدة معطيات مستجدة أبرزها احتدام التنافس بقوة على الإمساك بالقرار الفلسطيني في المخيم بين المحاور الإقليمية؛ بمعنى أن لعبة المخيم التي كانت في السابق يتخللها عوامل وتدخلات خارجية؛ فهي هذه المرة أصبحت بالكامل لعبة خارجية وإقليمية من أولها إلى آخرها..

مرة أخرى ما الذي تغير حتى أصبح العامل الخارجي هو كل خلفيات الحدث الراهن في مخيم عين الحلوة؟؟..

أهم ما تغير هو أن التيار الإسلامي داخل المخيم لم يعد اتجاهاً موجوداً في طابق واحد، بل أصبح مبنى من عدة طوابق داخلية وإقليمية..

والواقع أن خروج أو اخراج حماس من سورية، قاد إلى جعل حماس تعيد النظر بأهمية موقع لبنان بالنسبة إليها. ولقد نجحت حماس في جعل وجودها في لبنان متكاملاً/ أو من ضمن مشروع حزب الله بشأن تثوير الضفة الغربية، وجعل شمال الضفة في جنين ونابلس، جبهة مقاومة مشتعلة ضد الإحتلال الإسرائيلي.

.. إن كلاً من عاملي انتقال حماس من سورية إلى لبنان من جهة، وتشارك حماس من جهة ثانية، مع حزب الله في مشروع خلق مقاومة جديدة في الضفة الغربية؛ خلقا معادلة جديدة فوق الساحة الداخلية الفلسطينية، وفوق مجمل ساحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ وكل هذه المتغيرات قادت لانفجار الوضع في مخيم عين الحلوة على النحو الذي نراه اليوم..

والواقع أن تموضع حماس ضمن معادلتها الجديدة انطلاقاً من لبنان بعد إخراجها من سورية، جعلتها في صدام أكثر حدة مع سلطة رام الله وفتح، أقله حول نقطتين إثنتين استراتيجيتين:

النقطة الأولى هو تدخل حماس بمساعدة إقليمية انطلاقاً من لبنان، في منطقة داخل فلسطين (الضفة) تعتبر منطقة نفوذ للسلطة الفلسطينية ولفتح.. وهذا أمر لن تتركه السلطة يمر من دون الرد عليه داخل فلسطين وداخل لبنان.. 

النقطة الثانية متصلة بالأولى وتتعلق بأن فتح تخشى من أن حماس التي نجحت بتثبيت وجود لها في الضفة الغربية، والتي تسيطر بالكامل على غزة؛ ستتمكن من جعل القرار الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية، ليس موزعاً بالتساوي بين فتح وحماس، بل سيصبح القرار الفلسطيني، موجود مع حماس، وتشارك به بنسبة أقل حركة فتح..  

وهذا التطور الجديد جعل سلطة رام الله الفتحاوية، تخشى أيضاً من انتقال مسار الإخلال بتوازن القوى داخل القرار الفلسطيني في الداخل (أي في الضفة)، إلى الساحة الفلسطينية في الشتات التي يعتبر مخيم عين الحلوة عاصمته.. ومن هنا كان قرار فتح وسلطة رام الله الحاسم بعدم تمرير اغتيال أبو أشرف العمروشي من دون محاسبة مهما كلف الأمر؛ وهدف السلطة الفلسطينية من ذلك، ليس فقط محاسبة القتلة، بل بالأساس إثبات أن حركة فتح لا يزال لها قي عاصمة الشتات، اليد الطولى؛ وأن قرار الشتات في عاصمته عين الحلوة، لا يزال بيد فتح ميدانياً (الأمن الوطني) وبيد السلطة الفلسطينية سياسياً، وذلك عبر موفدي أبو مازن إلى بيروت (ماجد فرج وعزام الأحمد)، وأيضاً من خلال سفارة رام الله في بيروت.. 

وما يحدث حالياً ضمن هذه التطورات الجديدة، هو أن الصراع داخل المخيم بات صراعاً على القرار الفلسطيني في الداخل، واتصالاً على القرار الفلسطيني بالشتات؛ أي أن معارك عين الحلوة لم تعد تتعلق فقط بجماعة الشباب المسلم؛ فهؤلاء الأخيرون هم بلا شك مصدر قلق وخراب داخل المخيم؛ ولكن مهمة القضاء عليهم لم تعد تعني فقط بنتائجها السياسية، التخلص من إرهابيين في المخيم، بل أصبحت تعني ضمن ظروف الصراع الفلسطيني الداخلي، أن من ينجح بالقضاء على الشباب المسلم في المخيم، سيكون هو من يمسك بقرار الأمن والتمثيل السياسي في عاصمة الشتات الفلسطيني (عين الحلوة).. ولذلك فإن فتح تجد نفسها عالقة في مأزق أنها لا تستطيع خسارة معركة القضاء على “الشباب المسلم” في مخيم عين الحلوة؛ لأنها بذلك تكون سلمت بخسارتها موقع أنها الممسكة بقرار الأمن والتمثيل السياسي في عاصمة الشتات الفلسطيني؛ وبذلك تكون سلمت أيضاً بأن عملية سحب بساط القرار الفلسطيني من تحت أقدامها في منطقة شمال الضفة الغربية، بدأت تجد تعبيراتها العملية أيضاً في عاصمة الشتات الفلسطيني، أي مخيم عين الحلوة المحسوب تاريخياً على أنه ضمن نفوذ فتح.

 

Exit mobile version