خاص الهديل:
هناك عدة معلومات تم خلال الأيام الأخيرة إغراق السوق السياسي اللبناني بها، وجميعها تتحدث عن ما بات يسمى بـ”السيناريو المرجح” حدوثه بين أوائل الشهر المقبل ومنتصفه، والذي سيسفر عن إنهاء الشغور الرئاسي وإيصال العماد جوزاف عون على الأرجح لرئاسة الجمهورية..
ويعتمد هذا “السيناريو المرجح” على المعطيات التالية:
– وجود تفاهم أميركي إيراني قطري سيكون له ترجمة عملية في لبنان خلال الأسابيع القادمة، وذلك من خلال دفع الأحداث في البلد إلى مربع نتاج تسوية انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية..
ويلاحظ أن “السيناريو المرجح” لا تقول به فقط فئة سياسية دون أخرى، بل بات يتحدث عنه سياسيون وإعلاميون ومطلعون ينتمون لـ٨ آذار ولـ١٤ آذار، ولمحور الممانعة ومحور الاعتدال..
– ليس واضحاً حتى الآن من هي الجهة التي سربت هذا السيناريو ليسري كالنار في الهشيم.. علماً أن القائلين “بالسيناريو المرجح” يلفتون إلى أن معطياتهم التي تدلل على ارتفاع حظوظ قائد الجيش، واحتمال الحل في تشرين؛ تقوم على توفر عاملين إثنين مستجدين، وهما استراتيجيان بانعكاساتهما على الوضع الداخلي اللبناني؛ أولهما يربط بين دور قطر في صفقة تبادل السجناء الأميركيين وتحرير المليارات الست الإيرانية، وبين دور قطر الأساسي في استخراج غاز لبنان من جهة، وداخل مسعى لخماسية لحل أزمة الشغور الرئاسي من جهة أخرى.
ثانيهما ظهور أنه تتوفر مزايا لقطر تجعلها الأقدر على وراثة الدور الفرنسي المتهالك في لبنان، وذلك بدعم من الرياض وواشنطن..
– تعتبر قطر هي أكثر طرف داخل الخماسية، قادر على أن يعبر عن ما يسمى بـ”مزاج الخماسية” الراغب بإيصال العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية.
وبخلاصة مجمل المعطيات الآنفة، بات هناك اليوم في لبنان، انتظار لشهر تشرين القادم على اعتبار أنه ستترجم خلاله داخل لبنان، انعكاسات صفقة طهران واشنطن الدوحة التي نفذت بالكامل أمس، وذلك على أيدي الدوحة التي لعبت دور “القابلة الناجحة” في تنفيذ صفقة واشنطن – طهران، والتي ستستكمل اليوم دورها كقابلة معتمدة لديها مهمة تنفيذ الانعكاسات الإيجابية لهذه الصفقة (صفقة طهران – واشنطن) على لبنان بغية إنهاء أزمة الشغور الرئاسي فيه، كمقدمة لانتاج حالة استقرار في لبنان لا يمكن من دونه تنفيذ استحقاقين دوليين تم تحديد موعدهما في تشرين المقبل: الأول إعلان توتال عن كمية الغاز اللبناني في تشرين؛ والثاني إعلان قطر وتوتال وآني – بناء على اعلان توتال، واستناداً لبدء مرحلة الاستقرار اللبناني الذي مدخله انتخاب رئيس بمواصفات الخماسية – عن بدء التنقيب في بلوكات لبنان للغاز.
ويلفت القائلون بـ”السيناريو المرجح” من جهة أخرى إلى عدة معطيات إضافية للتدليل على صحة وجهة نظرهم، ومن بينها معطى يقول بوجود صلة بين ما ستقوم به قطر في الأسابيع القادمة لجهة تمرير الحل الأميركي الإيراني في لبنان، وبين واقع الدور المسند لقطر في تعبئة مساحات إستراتيجية يسودها الفراغ على مستوى الحراك الدولي تجاه لبنان..
ويلفت مضمون هذا المعطى في هذا المجال، إلى التالي بخصوص أهمية دور الدوحة: من جهة حلت قطر مكان روسيا في موضوع التنقيب عن الغاز اللبناني إلى جانب شركتي توتال وآني الإيطالية.. وهذا تطور تميز بأنه حصل بسلاسة ومن دون أن يترك رد فعل روسي صاخب ومن دون أن يتسبب ببروز أية معارضة داخلية أو إقليمية لدخول قطر مكان روسيا في معادلة غاز لبنان. وهذا المثل يدلل على وجود مقبولية للأدوار القطرية الاستراتيجية المتعددة في لبنان..
.. ومن جهة ثانية تستعد قطر اليوم لتؤدي دور التوسط في لبنان لإنهاء الشغور الرئاسي كممثلة للخماسية التي فشلت باريس في إثبات قدرتها على تمثيلها بشكل ناجح في لبنان؛ ومن جهة ثالثة فإن الدوحة تتحرك في لبنان على خلفية تنسيق جيد مع الرياض التي لها دالة كبيرة داخل لبنان، وتتحرك، وفي رصيدها نجاح دورها كوسيط في الصفقة الأخيرة بين طهران وواشنطن، وهما الطرفان اللذان لديهما كلمة الفصل في حل الأزمة اللبنانية أو تسعيرها.
وكل ما تقدم يقول أمراً أسياسياً؛ وهو أن دولة قطر هي الحصان الذي سيجر بسلاسة، خلال الأسابيع المقبلة، عربة التسوية الخماسية في لبنان؛ ويقول أيضاً أن هذا “الجهد القطري – الخماسي”، سيتجه للبحث عن الحل الثالث، بعد أن فشل الفرنسيون في تظهير الحل الأول وهو سليمان فرنجية، وبعد أن فشل المعارضون اللبنانيون بالاتفاق الدائم، وليس الموسمي، على الحل الثاني وهو جهاد أزعور..
وصار واضحاً أن الإسم الذي يتقدم لائحة مرشحي الحل الثالث هو العماد جوزاف عون، فيما صار واضحاً أيضاً أن الدولة الأكثر قدرة ورغبة – ضمن نادي الخماسية – على تسهيل انتخاب رئيس في لبنان تنطبق عليه مواصفات الخماسية، هي قطر التي لها تجربة كبيرة في نقل لبنان من التوتر والانهيار والشغور الرئاسي إلى الهدوء واستعادة التوازن وانتخاب فخامة الرئيس العتيد.
يبقى بالنهاية هناك واقعة لافتة تدعم احتمال حدوث “السيناريو المرجح”، واحتمال أن يحمل شهر تشرين القادم حل انتخاب فخامة الرئيس العتيد. ومضمون هذه الواقعة يفيد بأن الرئيس بري أعلن أمس أنه في ١ تشرين القادم سيبدأ جلسة حوار الأيام السبعة برئاسته؛ وبمقابل هذا الإعلان، تؤكد معلومات موثوقة أنه في اليوم ما قبل الأخير من نهاية حوار الأيام السبعة الذي سيقوده بري (أي يوم ٦ الشهر القادم)، سيصل الموفد القطري إلى لبنان لبدء مهمة تظهير الحل الذي يكون حوار الأيام السبعة قد رسم ملامحه الأساسية..