في عدد حزيران/تموز ٢٠٢٣ من مجلة الجيش :
صبركم قد يكون أطول من المسافة بين الجرود والبحر!
جولة وموقف
العدد 455 – تموز ٢٠٢٣
الكلام واضح هل وصلت الرسالة؟
إعداد: د.إلهام نصر تابت
«الحدود طويلة، من هون للبحر، وبعد في لقدام، بدا عالقليلة فوجين أو تلاتة»… بهذه الجملة اختصر قائد الجيش العماد جوزاف عون صعوبة المهمة المنوطة بالعسكريين المنتشرين على الحدود الشرقية والشمالية مثمنًا تضحياتهم وجهودهم. وهو إذ حذرهم من لوم أنفسهم كلما سمعوا كلامًا عن التهريب عبر الحدود، دعاهم إلى مزيد من الصبر. صبر قد يكون أطول من المسافة بين الجرود والبحر، لكن ما من طريق آخر لحفظ بلدنا…أما من يتحدثون عن حقوق الإنسان معترضين على أداء الجيش لمهماته، فقد خاطبهم بالكلام الواضح: حقوق الإنسان وُجدت لتحمي كرامته، لكننا لن نسمح أن تكون عنوانًا يُغطي دمار شعبنا ووطننا. «لبنان لم يعد يحتمل»، قال العماد عون مؤكدًا أنّ كل لبناني مسؤول حيال الخطر الذي يواجهه وطنه.
جاء هذا الكلام صرخة من قرب الحدود الشمالية حيث افتتح قائد الجيش شبكة طرقات في برج الدبابية وسيدة القلعة وخربة الرمان وبرج شدرا وحنيدر وكفرنون. هذه البلدات النائية التي لم يسمع بأسمائها معظم من يطلقون النظريات حول ضبط الحدود، ستستفيد من شبكة طرق لطالما كانت حاجة ماسة لأهاليها، كما سيستفيد منها العسكريون إذ تربط المراكز العسكريّة الحدودية التابعة لفوج الحدود البرية الأول ببعضها. فبعد شبكة الطرقات التي أقامها الجيش في البقاع، للهدف نفسه، بادر إلى شق شرايين حيوية جديدة في المنطقة الحدودية الشمالية، ما يُسهل تنفيذ وحداته لمهماتها هناك، ويُسهل في الوقت عينه أمور المواطنين.
حدودنا عرضنا
وفي المناسبة كانت للعماد عون جولة تفقّد خلالها المراكز المذكورة والتقى عسكرييها واطّلع على مهماتهم الهادفة إلى مراقبة الحدود وضبطها ومنع التهريب، وتَوجّه إليهم بالقول: «دوركم أساسي في هذه المنطقة، فالدولة التي لا
تضبط حدودها تصبح عرضة لكل أنواع التعديات. حدودنا أرضنا وعرضنا، وهي باتت مضبوطة بفضل تضحياتكم واستمراركم في تنفيذ المهمات المطلوبة، رغم طبيعة الأرض الملائمة للتهريب والمساحة الشاسعة التي يشملها قطاعكم وقلة العديد المتوافر والأخطار التي تتعرضون إليها عندما تشتبكون مع المهرّبين ويسقط لكم شهداء وجرحى«.
باقون هنا
وإذ أشار إلى صعوبة المهمة المسندة إلى الوحدات التي تتولى ضبط الحدود، قال: «الحدود طويلة، من هون للبحر، بدا عالقليلة فوجين أو تلاتة»، وأضاف: أنتم متسلحون بإرادتكم القوية التي لا تلين وحبكم للوطن وقضيتكم المحقّة، وحين تبذلون أكثر من طاقاتكم تُظهِرون أنكم أبطال وأن مهمتكم مقدسة وضرورية وتساهم في حماية لبنان واللبنانيين.
في السياق نفسه وردًّا على الانتقادات التي تظهر بين حين وآخر وتدّعي بأنّ الحدود غير مضبوطة، ذكّر العماد عون بأنّه ما من دولة في العالم استطاعت ضبط حدودها مئة في المئة. وشدد في المقابل على أهمية دور الوحدات الحدودية قائلًا: «رح يجي وقت كل الوحدات ترجع على ثكناتا، لكن إنتو باقيين هون، ورح يزيد عديدكن وتزيد مراكزكن».
وقال: «قبل إنشاء هذا الفوج، كانت الحدود متفلّتة يجتازها الإرهابيون ومهرّبو الأسلحة والمخدرات بسهولة، ولو استمر الأمر على هذه الحالة لما بقي لبنان». ثم أضاف: «سيكتب التاريخ أنكم حافظتم على وطنكم. نحن نكبر بكم ولبنان يكبر بكم، واللبنانيون يثقون بكم، وتضحياتكم تتجسد في الأمن الذي ما زال ممسوكًا رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية، على أمل أن تكون الأيام القادمة أفضل».
مزيد من الصبر
وأكد قائد الجيش أن القيادة مدركة للوضع الاقتصادي القاهر الذي يمر به العسكريون بعدما عاشوا الصعوبات القصوى خلال السنوات الثلاث الماضية، وأنها تبذل ما في وسعها لتأمين المتطلبات اللازمة لهم وبخاصة الطبابة والنقل، داعيًا إياهم إلى مزيد من الصبر لأنه لا يمكن التفريط بالأمن باعتباره ضروريًّا لبقاء الوطن ونهوض الاقتصاد، فإذا ضاع الوطن فُقِد إلى الأبد.
كلام واضح
كذلك، زار العماد عون مقر قيادة الفوج في شدرا حيث تتمركز القوة المشتركة لضبط الحدود، والتقى الضباط والعسكريين، وجال في أقسام الفوج وغرفة عملياته، واستمع إلى إيجاز حول مهماته والصعوبات التي يواجهها، وقال مخاطبًا العناصر عن: «الجيش يتصرف وفق ما يمليه القسَم والواجب حصرًا من دون اعتبارات حزبية ولا دينية ولا مذهبية، وينفّذ قرارات السلطة السياسية وفقًا للمعايير الدولية الراعية لحقوق الإنسان ونحن نحترمها إلى أقصى الحدود، بما يحفظ المصلحة الوطنية العليا التي تبقى بالنسبة إلينا أولوية مطلقة. حقوق الإنسان وُجدت
لتحفظ كرامته لا لتدمّر حقوقه ووطنه، ولا أحد يزايد علينا في هذا الموضوع. لبنان لم يعد يحتمل، وكل لبناني على كامل مساحة الوطن مسؤول، نظرًا إلى الخطر المحدق الذي يواجهه بلدنا».
كلام واضح: لبنان لم يعد يحتمل، وكل لبناني مسؤول تجاه وطنه. تلك هي الرسالة التي ينبغي أن تصل للجميع…