خاص الهديل:
بين مغادرة الموفد الفرنسي لودريان، وحضور الموفد القطري أبو فهد، حصلت عدة تطورات لا يمكن غض الطرف عنها.. منها “انعقاد لقاء الخماسية في نيويورك” الذي اسفر وفق بعض المصادر، عن طلاق أميركي – فرنسي في لبنان؛ علماً أن مصادر أخرى قالت إن ما حصل بين الطرفين كانا تبايناً ولم يصل حد الطلاق
.. وحصل أيضاً تطور آخر، تمثل بإطلاق ١٥ رصاصة على سفارة أميركا في عوكر.. ويقال أن ما حدث هو حادث عرضي، ولكن هناك من يحذر من الخلفيات الخطرة التي تقف وراء إطلاق النار على واشنطن في لبنان.
.. وحصل أيضاً بداية طفرة نزوح فلسطيني من عين الحلوة إلى الجوار اللبناني للمخيم، وبالتوازي حصل تصاعد لوتيرة طفرة تدفق النازحين السوريين إلى لبنان، الخ..
كل هذه الأحداث الضخمة التي بدأت ولا نعرف كيف ستنتهي، حصلت بين آخر زيارة للودريان الذي لا نعرف ما إذا كانت مبادرته قد انتهت أم هي مستمرة، وبين بدء زيارة “أبو فهد القطري” إلى لبنان الذي لا نعرف من أي نقطة بدأ تحركه، وعلى ماذا سينتهي؟؟..
الصورة وفق المشهد الراهن تبدو غامضة للغاية؛ فالخماسية على ما قال الرئيس نبيه بري أصبحت هي بدورها – كما الوضع في لبنان – بحاجة لحوار حتى يتوافق أعضاؤها.. ومبادرة قطر ليس معروفاً ما إذا كانت ستكمل مبادرة لودريان؛ أما أن الدوحة ستسير من جانبها بمبادرة؛ وباريس ستسير من جانبها بمبادرة أخرى؛ فيما اموس هوكشتاين أعلن فصل مبادرته بخصوص الطاقة وترسيم البر، عن مبادرات الخماسية لإنهاء الشغور الرئاسي..
وحيال زحمة المبادرات، ييدو أنه صار مطلوباً من لبنان في هذه اللحظة انتقاء أية مبادرة تناسبه: هل يريد الإستمرار مع لودريان(؟؟)، أم أنه يريد السير مع الدوحة في مبادرتها لإنهاء الشغور الرئاسي، كما قال أبو فهد، أم أبعد من ذلك، يريد السير مع الدوحة لعلاج جذور أزمة لبنان كما قال أمير قطر في خطابه الأخير في الأمم المتحدة حيث دعا لحل مستدام في لبنان ينقذه من الخطر الوجودي الذي يتعرض له.
إن جديد مشكلة لبنان، باتت تتمثل بأنها أصبحت أزمة بعدة مشاكل: من ناحية هناك مشكلة بين “أطباء لقاء الخماسية” المولجين بعلاج المريض اللبناني؛ في حين أنهم لا يتفقون على تشخيص واحد لحالة المريض، ولا على تحديد برتوكول موحد للعلاج… ومن ناحية ثانية هناك مشكلة الشغور الرئاسي المتفجرة على شكل حرب ضروس بين الزعماء الموارنة.. وهذه مشكلة لا يمكن حلها بالسياسة، بل بوضع جميع زعماء الموارنة أمام أمر واقع دولي يسمي فخامة الرئيس العتيد ويجبرهم على السير به.. ومن ناحية ثالثة هناك مشكلة الطوائف اللبناني التي أعلن بعضها اعتكافه، كحال السنة، وأعلن بعضها الآخر المقاطعة لأية تسوية فيها مرشح لحزب الله، كموارنة جعجع والكتائب؛ وأعلن بعضها الثالث، والمقصود هنا الشيعة؛ التزامهم بخارطة طريق وحيد لحل أزمة الرئيس مفاده عدم التنازل عن مرشحهم (فرنجية)، إلا مقابل ثمن كبير لا يملك أحد في الداخل دفعه، ولا يريد أحد في الخارج دفعه.
وكل هذه المعطيات والتناقضات مضافاً إليها التطورات التي حصلت بين زيارتي لودريان الأخيرة وزيارة أبو فهد الراهنة، تشي بالتالي:
أولاً- أن هناك سباقاً داخل الخماسية ليس على الحل في لبنان، بل على من يمسك بملف الأزمة في لبنان.. وما يرجح هذا الاستنتاج هو أن الخماسية لا يمكن أن تعمل أو تنتج حلاً لأزمة الشغور الرئاسي، بظل وجود تباين بين دولها على كيفية الحل.. فلا يمكن للخماسية أن تعمل بجدية، إلا إذا تعاضدت دولها الخمس..
ثانياً- هناك رأي يقول أن الخماسية حتى تنجح سيكون مطلوباً تعديل صيغتها، والذهاب لاعتماد صيغة خمسة زائد واحد (٥ + ١)، أي إضافة إيران للقاء الدول الخمسة، ولكن وفق صيغة جعل ايران دولة متفاعلة مع إطار الدول الخمس وليس واحدة منها، كون طهران لا تريد تغيير خطابها العلني الذي يقول أنها لا تتدخل في شؤون حلفائها داخل أوطانهم العربية..
وقد تكون صيغة ٥ + ١ مناسبة حتى يكون هناك دور لإيران لتحديد الثمن الذي يريده حزب الله مقابل إنتاج تسوية على فخامة الرئيس العتيد..