سابقة تاريخيّة: لجنة المال تردّ الموازنة!
نحن بلا رئيس منذ قرابة العام. وبلا حكومة أصيلة منذ عامٍ ونصف العام تقريباً. قد يقول قائلٌ: لا بأس إن كنّا أيضاً بلا موازنة. ولكن، إذا كانت الرئاسة والحكومة ترتبطان بعوامل داخليّة وخارجيّة، فإنّ عدم إقرار موازنة هو، أقلّه، فعل تقصير.
ومن غرائب هذا البلد أنّ الحكومة ترسل موازنة العام ٢٠٢٣ في الشهر التاسع منه، بعد أن يكون “اللي ضرب ضرب، واللي هرب هرب”، والسبب أنّ وزارة المال ضربت المواعيد الدستوريّة، ثمّ أرسلت موازنة بلا إصلاحات وبلا مقاربة للواقع الذي نعيشه، فكان مصيرها السقوط بضربة قاضية من لجنة المال والموازنة النيابيّة.
ففي سابقة تاريخيّة من نوعها، اذ لم يتم من قبل ردّ أي موازنة أحيلت خارج المهل الدستورية ومن دون قطع حساب مدقق، وفي سياق يعكس المسار الإصلاحي الذي يتبعه النائب ابراهيم كنعان منذ تسلّمه لجنة المال والموازنة، علم موقع mtv أنّ لجنة المال ستعلن اليوم ردّ مشروع موازنة ٢٠٢٣.
وتشير المعلومات الى أنّ قرار الردّ واجه اعتراضاً من بعض النواب، إلا أنّ كنعان حسمه باللجوء الى التصويت.
ولكن، ما هي الأسباب الموجبة للردّ؟
حصل موقع mtv على أسباب الردّ التي أوردها كنعان في تقريره، وهي أربعة:
1- ورود مشروع موازنة 2023 بتأخير 9 أشهر عن الموعد الدستوري، أي في نهاية السنة المالية، ما يفقد الموازنة أي معنى أو فائدة وفق المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية التي تحدد الموازنة كإجازة للحكومة للجباية والانفاق. فما الفائدة منها إذاً، عندما تكون الحكومة قد انفقت وجبت وأتت الى المجلس النيابي بموازنة لتشرّع ما قامت به ومن دون حسابات ماليّة؟
2- ورود مشروع الموازنة من دون رؤية إصلاحية أو إنقاذية. لا بل على العكس، فقد جاء المشروع، كسابقاته قبل الانهيار وبعده، مرتكزاً على المنطق المحاسبي والأرقام الوهمية التي تستند الى ايرادات غير مثبتة أو حتى ممكنة في الواقع المالي والاقتصادي الحالي، وذلك من خلال زيادات لبعض الضرائب والرسوم وصلت في اغلب الحالات الى ٣٠ ضعف المعتمد في ٢٠١٩.
3- إعلان الحكومة إنتهاءها من درس وإقرار مشروع موازنة 2024. فما الداعي إذاً لإغراق المجلس النيابي بدراسة موازنتين، واحدة منها انتهت صلاحيتها وأصبحت تشرّع أقلّه لأمرٍ واقع غير مدقق؟
4- عدم إحالة مشروع موازنة 2024 حتى الآن وضرورة إحالتها في الموعد الدستوري وفق المعايير الدستورية والميثاقية، كما إحالة قطع الحساب المدقّق للسنة التي سبقت وفق المادة 87 من الدستور.
وهكذا، نجحت لجنة المال في متابعة مسارها الإصلاحي ويسجّل لها رفضها الدخول في تسوياتٍ ماليّة، بل هي واجهت مراراً منطق “مرّقلي ياها”. وهي تنتظر وصول موازنة ٢٠٢٤ لدراستها، على أمل أن تصل قبل أيلول القادم…