د. حمد الكواري:
علاقة اللغة الآذرية باللغة العربية
باكو (آذربيجان)
كنت في ألمانيا وفي لقاء من مجموعة من المعنيين باللغات وسألتهم أي اللغات أكثر تأثيراً في اللغات الأخرى وبالتالي أكثر تواجداً ثقافياً في العالم فذكروا عدة لغات، ولكن لم يذكروا العربية؛ قلت لهم إنها العربية، أصابتهم دهشة! واحتاجوا إلى التوضيح، فلم يتعذر علي التوضيح ولم ينقصني الأدلة المقنعة، مما أزال الدهشة، وألقوا باللوم عل العرب بجهل العالم بلغتهم، ولم أختلف معهم في ذلك.
كلما أزور اذربيجان، ألاحظ كثرة المفردات العربية منطوقة ومكتوبة في كل مكان والغريب أن النطق أقرب إلى العربية، بما يسمح بملاحظتها بسهولة أثناء الحديث، مما جعلني واثق من الصلة القوية التي تربط هذه اللغة بالعربية؛ فصباح الخير (صباحكن خيرن) وكيف الحال (كيفكن حالن) والموافقة (تصديق) وهكذا لما لا يعد من المفردات..
للغة الآذرية مصادرها ثلاث لغات العربية والتركية والفارسية ولكن الحضور الإسلامي القوي لقرون جعل تأثير العربية ملموساً وواضحاً في هذه اللغة، لا يحتاج العربي إلى جهد كبير لملاحظته عندما يلتقي بالآذريين ويستمع إلى لغتهم، والمتحدثون بها لا يقلون عن 30 مليون في العالم، وكثير من شعراء الآذر الكبار كتبوا بالعربية أيضاً، وقبل 1929 كانت اللغة الآذرية تكتب بالحروف العربية وفي عام 1920 بدأت كتابتها بالحروف اللاتينية، وهي واحدة من أهم لغات الأدب الكلاسيكي في القرن 16 الميلادي..
مع اعتناق الآذر الاسلام دخلت العربية كتابة وتواصلاً، وغدت الثقافة الآذرية جزء أصيلاً من الحضارة الإسلامية، وكتب كثير من مفكريهم وشعرائهم العظام بالعربية، ومن أبرز أدبائهم وشعرائهم على سبيل المثال لا الحصر: نظامي كنجوي وعلي شير ناظم، وفي القرن 20 رسول رضا، ونشأ في آذربيجان علماء عرب ومستشرقين كبار منهم عائدة أمانقولييفا، وزاهد حسينوف، ومالك فأوائل ومالك محمدو وواسم محمد علييف وعائدة قاسموفا.
ثروة آذربيجان من الوثائق المهمة لمراحل من التاريخ الإسلامي جديرة بأن تكون محل اهتمام من الباحثين والدارسين العرب والمكتبات الوطنية ونتعاون معهم في مكتبة قطر الوطنية في هذا المجال. وكانت مباحثاتي مع سعادة عادل كبيرلي وزير الثقافة في آذربيجان في مكتبة قطر الوطنية مؤخراً دارت في الوسائل الأمثل لتحقيق هذا الهدف.
