خاص الهديل:
يرصد الكثيرون معنى الظاهرة التي يمثلها جيران باسيل داخل الحياة السياسية اللبنانية؛ وبين هؤلاء من يعتبره أنه ظاهرة سبق أن كان هناك شبيه لها، كمثال شقيق الرئيس بشارة الخوري، الذي أطلق عليه لقب “السلطان سليم الخوري” للدلالة على استغلاله الفظ والفاسد لعهد شقيقه الرئاسي..
ومعروف أن ممارسات السلطان سليم الخوري ساهمت في تشويه عهد شقيقه لحد كبير؛ تماماً كما أن استغلال باسيل لموقع عمه ميشال عون الرئاسي، ساهم لحد كبير في حرق العهد العوني وفي شيطنة باسيل..
وباختصار يقول هؤلاء أن باسيل حرق عهد عمه الجنرال ميشال عون، تماماً وبنفس الطريقة التي حرق فيها سليم الخوري عهد شقيقه بشارة الخوري.. وبالتالي فإن باسيل ينتمي لسلالة موجودة داخل الاجتماع السياسي الماروني؛ وهي تتشكل من “الوصوليين الذين يستغلون القرابة أو المصاهرة مع الزعماء والرؤساء الموارنة”، كي يبنوا لأنفسهم نفوذاً ومستقبلاً سياسياً ومالياً، الخ…
وهناك داخل البيئات السياسية المارونية من يعتبر أن باسيل يمثل إحدى أخطر الانعكاسات التي نتجت عن “أفظع” ظاهرة سياسية اقتحمت المشهد المسيحي لنحو ثلاثة عقود متقطعة، وهي الظاهرة العونية التي بدأت كحالة فردية انقلابية عسكرية، ثم تحولت لحالة إلغائية مسيحية، ثم لحالة صدامية مع بقية الطوائف، تستقوي بالتحالف مع قوة داخلية أخرى (حزب الله) عبر مبادلتها الغطاء السياسي بالحماية السياسية..
وقد لعب باسيل داخل المرحلتين الأخيرتين من عمر الظاهرة العونية دوراً أساسياً، وذلك بغطاء كامل من عمه الجنرال ميشال عون..
وضمن هذا التصنيف لدوره داخل الحالة العونية السياسية؛ فإن باسيل يصبح عنواناً نافراً “لوصولية تتوسل استغلال حالة القربى مع ميشال عون في كل حالاته”؛ بدليل أنه استغل موقعه الرئاسي، بأكثر مما فعل ذلك السلطان سليم مع شقيقه الرئيس بشارة الخوري؛ وبدليل أنه حتى بعد خروج عون من قصر بعبدا؛ فإن باسيل لا يزال يستغل اسمه وحضوره المعنوي الشعبي، كي يفتت المعارضات التي تواجهه داخل البيئات العونية..
وواضح أن باسيل يستعمل ميشال عون ككاسحة ألغام تسير أمامه، لتنزع الألغام المعارضة له داخل بيئات التيار الوطني الحر.. وينقاد ميشال عون وراء باسيل، كرجل ضرير يقوده مبصر، حيث يبدو لافتاً مشهد الجنرال المسن وهو يحمل عمره المديد فوق كتفيه، ويأخذ بيد صهره ليجتاز به حقول الألغام العونية البعيدة والقريبة والتي يحتمل أن تنفجر بوجهه بعد غياب الرجل الحامي له، أي ميشال عون.
إن مقدار هذه التضحية العالية من العم تجاه صهره، ترسم علامات تعجب كبيرة برأس سياسيين ونخب مسيحية؛ حيث أنه بالنسبة لهؤلاء لا يبدو أنه أمر عادي أن يصحب أمس ميشال عون الطاعن في السن، صهره معه في جولة تستغرق يومين، وكان قبلها صحبه في مناسبات شعبية عدة، وذلك تحت عنوان أن عون مستعد رغم عمره، أن يكابد كل المشقات من أجل توفير السعادة السياسية لصهره..
وواضح أن هدف كل هذه المناسبات التي ينشط عون فيها منذ خروجه من قصر بعبدا، هو تلميع صورة الصهر شعبياً.. وما يبدو ملفتاً للنظر في هذا المجال، هو أن ميشال عون يضحي بحاجته الماسة في سنه للراحة ولتجنب الأعمال الشاقة، وذلك من أجل أن يترك لصهره مستقبلاً سياسياً سلساً، وخال من المعارضات داخل بيته العوني.
.. وثمة من يعقد مقارنة لافتة في هذا المجال، مفادها أن ميشال عون يخوض معركة شقاء وتعب من أجل تأمين توريث صهره باسيل، تتجاوز بأضعاف، المشقة التي يخوضها وليد جنبلاط من أجل تأمين توريث نجله تيمور.. ويقع الفرق هنا في أن “أبو تيمور” يكتفي بوضع نجله على طريق زعامة المختارة؛ فإن ميشال عون يتجشم مشقة إعادة شق الطريق العوني من جديد، ليضع صهره عليه. والحاصل ضمن هذه الجزئية هو أن تيمور لا يفرض على والده أن يتحمل خلال إقناع القاعدة الشعبية الجنبلاطية به، عبء تبرير تصرفاته الخرقاء، بينما عون مضطر لإقناع قاعدته الشعبية بأن الصهر الذي شيطنه الشارع المسيحي، هو في الواقع “ملاك”، ويجب الصفح عن أخطائه واعتبارها مجرد اتهامات غير صحيحة.
وخلاصة هذه الصورة تظهر أن هناك صراعاً مع الوقت يقوم به باسيل كي يفيد مما نبقى من رحلة عمه السياسية؛ وذلك بمقابل أن ميشال عون يسابق صحته كي يورث صهره الصحة السياسية..
وهذا الواقع يجعل أي مراقب يتساءل: هل ما يحدث هو إيثار من ميشال عون غير مسبوق؟؟.. وكيف يمكن تفسير سلوك رجل تقدم بالعمر وشاخت طموحاته الشخصية، فيما طموحه من أجل صهره لا يزال في مقتبل الشباب؟؟..
والواقع أن سلوك ميشال عون تجاه صهره كما مارسه بعد تركه قصر بعبدا، تشبه فيلماً هندياً عاطفياً “يبكي الحجر”؛ وتدور كل أحداثه الدرامية تحت عنوان “من أجل صهري”!!..