الهديل

خاص الهديل: لبنان مهدد بنشوب حرب اغتيالات مخيفة فوق أرضه!!..

خاص الهديل:

يوجد في إسرائيل في هذه المرحلة، تفكير يوصي بالعودة إلى سياسة الإغتيالات؛ وفي صلب هذا التفكير يوجد سؤال حول ما إذا كانت الإغتيالات يمكن لها أن تحل مكان الحرب العسكرية الشاملة في تحقيق أهداف إسرائيل على مستوى “ردع العدو” أو إلحاق الهزيمة به؟؟.

حتى اللحظة لم يتم حسم الجدل حول هذا التفكير؛ إذ أنه في حين أن هناك جزء من الحكومة الإسرائيلية يؤيد العودة إلى اعتماد سياسة الإغتيالات، فإنه هناك جزء آخر لا يؤمن بأن الإغتيالات يمكن اعتمادها كاستراتيجية كافية لوحدها في تأمين النصر على العدو..

وقبل الإشارة إلى تفاصيل المواقف الإسرائيلية ذات الصلة بنقاش العودة لسياسة الاغتيالات، يجدر بالبداية تعريف موقع سياسة الإغتيالات داخل تفكير نتنياهو رئيس حكومة أقصى اليمين. ومعروف في هذا المجال أن نتنياهو هو من أصحاب نظرية استبدال الحرب العسكرية بحملات إغتيالات ممنهجة تؤدي إلى “شل مفاصل حركة العدو”. ومؤيدو هذه الإستراتيجية في إسرائيل يقولون أن النجاح باغتيال قاسم سليماني أدى إلى نتائج ومكاسب لواشنطن وحلفائها توازي نتائج حدوث عشرين حرباً.. 

والسؤال اليوم الذي يشغل بال المتحاورين الإسرائيليين حول الذهاب لخيار الإغتيالات من عدمه، هو عن الأهداف التي يجب إغتيالها؛ وبكلام آخر: من هي الرموز التي يجب إغتيالها(؟؟)، وهل يجب حصرها بالرموز الفلسطينية(؟؟)؛ أم المطلوب بدء “حرب إغتيالات شمولية”على ثلاث جبهات معاً: الفلسطينية واللبنانية والإيرانية.. 

وقبل أيام تم في إسرائيل إفتتاح النقاش الذي يجيب عن سؤال “من هم الذين يجب على تل أبيب إغتيالهم”؟؟؟.  

وتم البدء بترتيب “داتا الإغتيالات” على النحو التالي: في المقدمة يتوجب إغتيال منفذي العمليات الأمنية ضد إسرائيل، وأيضاً إغتيال الأشخاص الذين يرسلونهم، بغض النظر عن هوية هؤلاء ومكان إقامتهم، كون هؤلاء “الجناة” (حسب المصطلح الإسرائيلي) يشكلون منظومة إيذاء إسرائيل التي يجب تفكيكها بالقوة حيثما وجدت. 

والسؤال الذي هو الآن محل نقاش داخل حكومة نتنياهو، هو هل يجب جعل ميدان تنفيذ الإغتيالات يشمل كل بلدان العالم؛ أي أنه عندما يتوفر لإسرائيل معلومة عن وجود منفذ عملية ضدها أو مشغل أشخاص ضدها، في أي بلد من العالم، سيتوجب على الموساد التحرك لقتله هناك، بغض النظر عن علاقة إسرائيل بهذا البلد.. 

والواقع أن تنفيذ هذا المبدأ المسمى “بمبدأ شمولية حرب الإغتيالات” اصطدم مؤخراً بعقبة أنه غير ملائم، كونه يكلف إسرائيل خسائر سياسية وأمنية كبيرة.. ووصل هذا الاستنتاج لحكومة نتنياهو بعد أن أرسل الموساد مجموعات محترفة إلى تركيا لشن حرب أمنية واسعة هناك ضد “عملاء إيران” الذين نفذوا ضربات أمنية ضد إسرائيل، أو المكلفين بعمليات أمنية. وأدت هذه التجربة إلى حدوث توتر سياسي كبير بعلاقات تل أبيب مع أنقرة؛ وأيضاً إلى نجاح المخابرات التركية بفكفكة معظم خلايا الموساد الموجودة في تركيا.. 

.. أما العقبة الثانية التي تقف بوجه تنفيذ “مبدأ شمولية حرب الإغتيالات” فتتمثل بالمعادلة التي وضعها حزب الله بوجه هذا المبدأ، والتي تقوم على التهديد بأن أي إغتيال تنفذه إسرائيل في لبنان بغض النظر عن هوية الشخص المستهدف بهذا الإغتيال؛ سيرد عليه حزب الله برد عسكري مباشر يناسب مستوى الإغتيال الذي قامت به إسرائيل..

وما يحدث اليوم في إسرائيل هو تعاظم الضغوط داخل حكومة نتنياهو من أجل إعادة إحياء “مبدأ أو إستراتيجية شمولية حرب الإغتيالات”، كونها البديل الوحيد المناسب للإستغناء عن خوض حرب شاملة ضد إيران وضد حزب الله في لبنان وسورية وضد حماس في غزة والفضة العربية وآخرين!!.

وفي حال تم إقرار هذا المبدأ من قبل الحكومة الإسرائيلية، فإن هذا سيجعل لبنان ميداناً مخيفاً لحرب إغتيالات تبدأ بين إسرائيل وحزب الله، ثم تتوسع عن طريق دخول أطراف أخرى على خط حرب تصفية الحسابات الأمنية الجارية في لبنان، بين الحزب والموساد.  

وثمة مصادر أمنية تحذر من أن وضع لبنان الهش أمنياً لا يحتمل تحوله إلى ميدان حرب تصفيات قد تتوسع لتجعل لبنان ميداناً ليس فقط لتبادل اللكمات الأمنية بين الحزب وإسرائيل، ولكن تحت غطاء هذه الحرب الأمنية قد يدخل آخرون على خطها لتصفية حساباتهم الأمنية ضد بعضهم البعض.

وتقول هذه المصادر أن الساحة اللبنانية مفتوحة عملياً أمام أكثر من مئة جهاز أمني دولي وإقليمي، ولكن الأمور مضبوطة بين هذه الأجهزة التي تهتم بجمع المعلومات عن كل المنطقة انطلاقاً من لبنان، ولا تشن ضد بعضها البعض حملات تصفيات أمنية. ويكمن الخطر بأنه مع بدء الحرب الأمنية بين إسرائيل والحزب فوق الساحة اللبنانية، ستنتقل هذه الأجهزة من “واقع المساكنة” الحاصل حالياً بينها إلى “واقع المكاسرة” الأمنية..

Exit mobile version