الهديل

انتحار اثنين ومحاولة آخرين.. قلق من انتشار الأمراض النفسية بين الناجين بدرنة

أمٌّ مستيقظة طوال الليل خوفا من أن يعود ابنها وهي نائمة؛ ابنها الذي قضى نحبه في كارثة الفيضانات التي عصفت بمدينة درنة (شرقي ليبيا) الشهر الماضي، وشاب آخر يرى أنه لا طائل من حياته بعد أن فقد جميع أفراد أسرته وأصدقائه في الكارثة ذاتها وبات وحيدا.

هكذا تبدلت حياة عدد ليس قليلا من سكان درنة التي تعرضت لكارثة لم تشهدها البلاد في تاريخها، ولا زالت تظهر آثارها المأساوية التي حلت بالأهالي الذين باتوا في أمس الحاجة إلى دعم وعلاج نفسي متواصل.

وسجلت درنة في الأيام الماضية حالتي انتحار، وعزاها المختصون إلى شعور المنتحرين بأعراض اكتئاب حاد جراء فقد ذويهم وعدم تقديم الدعم النفسي المبكر لهم.

وذكر اختصاصيون نفسيون ميدانيون -تحدثوا للجزيرة نت- أن مراكز الدعم النفسي في درنة تشهد محاولات انتحار لمصابين، وأن الفرق الطبية تتخذ كافة الإجراءات الاحترازية لمنع وقوع حالات انتحار جديدة.

ورغم الجهود المبذولة في هذا الجانب، فإن قلة أعداد الاختصاصيين النفسيين المؤهلين للتعامل مع الصدمات الناجمة عن الكوارث الطبيعية قد تفاقم الحالة النفسية للسكان، وفق مختصين.

اضطرابات ما بعد الصدمة
بدورها، قالت الاختصاصية النفسية تغريد شنيب إن أغلب الحالات التي تمت معاينتها مصابة بحزن شديد، وإن طرق تفكيرهم تتسم بالضبابية وعدم الوضوح، مضيفة أن الجميع بات يعاني من اضطرابات في النوم والأكل وعدم القدرة على أداء المهام الحياتية اليومية، مع أعراض نفس جسمية كالصداع وآلام المعدة.

وفي حديثها للجزيرة نت، أشارت تغريد شنيب إلى ظهور بعض حالات اضطرابات ما بعد الصدمة، خاصة أثناء هطول المطر، مشيرة إلى أن أغلب الحالات المصابة تعرضت إلى نوبات هلع وترقب عند هطول الأمطار قبل يومين.

وتابعت “رصدنا أطفالا أصيبوا بالاحتباس الكلامي والتبول اللاإرادي، كما حدث انتكاس لبعض الحالات التي كانت تعاني من أمراض نفسية بسبب عدم حصولهم على الدواء خلال أسبوع من الكارثة”.

من جهته، ذكر مدير مكتب الطوارئ بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض كامل التلوع للجزيرة نت أن هناك معاناة كبيرة من الناحيتين النفسية والاجتماعية، وأن عددا كبيرا من المصابين يمرون حاليا بمرحلة الذهول والصدمة جراء الكارثة.

Exit mobile version