حاضر اللواء عباس ابراهيم، عصر اليوم في، مركز “توفيق طبارة” في بيروت، عن “الدولة وأزمة الطوائف في لبنان وضرورة التمسك باتفاق الطائف”.
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية ألقاها أحمد توفيق طبارة، منوها ب”اللواء ابراهيم ومسيرته الوطنية في أي موقع كان”
ثم تحدث ابراهيم، متسائلا: “لماذا الطائف وضرورة التمسك به”؟ وقال :”لن يسمح الوقت للدخول في سياق تاريخي طويل لشرح وضع لبنان وارتباط توازناته واستقراره بالتوازنات العربية والاقليمية. وبالتالي، اهتزازه باهتزازها، فمن تراجع النفوذ الفرنسي عام 1943 وفصل لبنان عن سوريا وتعاظم دور بريطانيا، وذلك من خلاف احلاف جديدة ومحبي المد القومي العربي، ثم حرب 1958، التي أتت إلينا بالشهابية عقب حرب الـ 67 – انهارت الشهابية، وظهرت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان. وتعاظم بعد ذلك النفوذ الاميركي من جهة، والدور الخليجي – العراقي من جهة أخرى، على حساب مصر وسوريا، ولكن ما ان انتهت حرب 1973 وتحققت بعض الانجازات العسكرية حتى تعزز دور مصر وسوريا وحركة فتح أبو عمار”.
أضاف:”ان كل ما جرى بين 1975 – 1989 من انعدام للتوازن ما كان ليسمح ببناء هيكلية جديدة للدولة، بل كان يدفع باتجاه استمرار النزاعات الداخلية في لبنان، استنادا إلى توازنات عربية واقليمية تتيح لكل طرف نسف أي اتفاق عبر ركائزه في الداخل اللبناني، ثم راحت هذه الصورة تتغير مع التوصل إلى اتفاق الطائف الذي ارتضاه الجميع وثبت خارطة طريق للخروج من الازمات والحروب والشروع في مرحلة وضع الاسس لبناء الدولة، والتي يقع على عاتقنا، وعاتقنا فقط، نحن اللبنانين. اجتاحت اميركا العراق 2003 وانسحب الجيش السوري من لبنان عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري ودخلت ايران في النظام العربي – الاقليمي وفرضت نفسها قوة وازنة في المنطقة”.
وتابع: “بما أن لبنان جزء من هذه التركيبة، وتتقاطع على ارضه تشكيلاتها. يظهر تشكيلان رئيسيان يحكمان وضعه: النزاع العربي- الاسرائيلي والنزاع الايراني – الغربي، والمرتبطان ببعضها بقوة عصية على التفكك او الفصل”.
وأردف: “كي لا ندفع مجددا ثمن هذه النزاعات ككل مرة وعن اختلاف الرؤى، علينا التمسك باتفاق الطائف كخارطة طريق الى الاستقرار والمضي في تنفيذه وتطبيق بنوده، ومراجعة كل خلل يعترض التنفيذ بروح من الديموقراطية والوطنية اولا، والا فان ما ينتظرنا اذا ما خرجنا عليه اهتزازات جديدة قد تكون اعنف من كل ما سبقها”.
واشار إلى ان “الطائف هو الوحيد المتاح”، وقال: “علينا ان نجيد قراءاته بما يعزز روحنا الوطنية وإجماعنا الوطني، لا بمصالح طوائفنا ومذاهبنا وصفة الانهيار والتقاتل والتشرذم وضياع الوطن ودك اركان مقوماته نقاط الحوار”.
أضاف: “عندما انكفأ السنة عن دورهم الوطنى اهتز لبنان. وعندما همش السنة همش لبنان، لأن الدور الوطني السني ضمانة لكل لبنان في محيطه. هذا الإنسحاب السني الجزئي من الحياة الوطنية اللبنانية جعل من الدولة ومؤسساتها عرجاء، فعودة العافية الى المؤسسات يكون بعودة العافية الى الطائفة السنية الكريمة ورجالاتها ونخبها وتجارها واقتصادييها”.
وتابع: :يقول الإمام موسى الصدر الطوائف نعمة والطائفية نقمة، وتقديري أن أحدا لن يبرع بقدر ما برع سماحته في توصيف الواقع. وها نحن نعيش ما نعيشه الآن”.
وقال: “لا شك أن الطائفية مرض مستعص على الحل، وطالما أننا جميعا نتحدث عن الحوار والمصالحة، فذلك يعني على الدوام، أننا في مشكلة، وهكذا حديث يدل على تلك المشكلة أي الخلل الوطني الذي نحن عليه”.
أضاف: “كلام الطوائف عن أدوارها المستقلة وحجم حصصها في لبنان يلغي معنى الدولة التي هي ضمانة الأفراد والجماعات، ما عاد يجدي حديث الطوائف عما لها على الدولة، بل صار المطلوب التفكير الجماعي، ومن عمق وطني يعرف معنى الدولة المستقلة عن أي تبعية للخارج، كل الخارج، وهذا يشمل جميع الخارج. لقد صارت الأزمة وطنية ولم يعد للطوائف اختصاص محدد، بل صار من اختصاص الجميع حماية الطائف والدستور”.
وتابع: “أي مغامرة بالخروج على الطائف، في ظل الظروف الراهنة وبغياب الإستقرار الوطني العام والشامل يعني الدخول في المجهول. وفي هكذا محاولة قد نعرف من أين ندخل، لكننا لن نعرف كيف سنخرج، والبلد على خط الإهتزازات الإقليمية، وفي لحظة يشهد العالم العربي ميلا عارما الى “تقسيم المقسم”، هذا يحصل في سوريا من خلال تقسيمها. وفي ليبيا التي تتوزع بين شرق وغرب، وبين شمال وجنوب . وكذلك في السودان أخيرا، واليمن ايضا”.
وأردف: “يجب ألا ننسى أن في لبنان أصواتا بدأت ترتفع لتغامر بأهم ما عندنا، وهو العيش المشترك. واذا خسرنا هذا، سنخسر لبنان الرسالة ، على ما قال الراحل قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في السينودس”.
وأكد “ضرورة التمسك بالشرعيات الوطنية أي الدستور والطائف والقوانين الحديثة والعصرية وبقرارات الشرعية الدولية وبكل ما يحول جذريا دون التلاعب بالسلم الأهلي”، وقال: “نحن بلد الحرف لا بلد الحرب، واذا كان الفارق بين العبارتين هو حرف واحد، الا أنه كلفنا في الماضي الف قتيل وجريح ومفقود. وكانت النتيجة أننا عدنا الى التسوية. لذلك، فلنقطع الطريق على أي مغامرة.، ولنحقن الدماء كل من موقعه ذودا عن وحدتنا في إطار التنوع الديني والثقافي والحضاري ولا توطين ولا تقسيم، وعلى أساس أن لبنان هو وطن ودولة وليس ساحة وصندوق بريد لصراعات إقليمية تريد منا ان نكون وطنا بديلا لأوطان أخرى يجب ان تعود لأهلها. وهنا أعني على وجه الدقة قضيتي اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري”.
وختم :”فلسطين يجب ان تعود إلى أهلها، ولا استقرار في المنطقة خارج المبادرة العربية للسلام. وهنا، نشدد على تمسك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بموقفه هذا لمواجهة التطبيع ودخول اسرائيل المنطقة العربية غير عابئة أم مهتمة بحق الشعب الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية وعن حق العودة وحق تقرير المصير وحق الشعب الفلسطيني بالعيش الكريم واللائق لا راد له ولا تلاعب به وليس منة من أحد. وكل قفز فوق الحق الفلسطيني كان وسيبقى الأتون الذي سيشعل المنطقة برمتها”.
وكان عرف الاحتفال هشام طبارة وتخلل المحاضرة نقاش بين الحضور واللواء ابراهيم.